خبر الحملة على السلاح مشبوهة.. والحل في المخيمات سياسي!.. سيف الدين موعد

الساعة 03:03 م|02 مايو 2014

"المخيمات من القبضة السورية إلى وصاية حزب الله" عنوان اختاره السيد علي الأمين الكاتب في جريدة البلد اللبنانية، للتصويب على المخيمات الفلسطينية في لبنان وسلاحها، تصويب أراد له أن يكون بنكهة لبنانية، ففي لبنان من وجهة نظر طرفي المعادلة الآذارية، سيكون الطرف الآخر هو المسؤول عن فظائع التاريخ بدءاً من إخراج آدم من الجنة، وحتى يومنا هذا.

لكن إذا ما تركنا المناكفات السياسية التي يوجهها الكاتب ضد خصمه اللبناني جانباً، وإذا لم نستدرج لنبش تاريخ الحرب الأهلية ومن كان المسؤول عنها – قيل في الرد على هذه الاتهامات الكثير- فإني أرى نفسي مضطراً لتوضيح العديد من المغالطات التي حاول الكاتب تسويقها أو ترويجها.

أولاً: إن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ليست أول من فتح باب الحوار بين اللبنانيين والفلسطينيين، فالحوار اللبناني الفلسطيني بدء بعد إنتهاء الحرب الأهلية مباشرة، في عهد الرئيس عمر كرامي عام 1990، ومعظم الحكومات المتعاقبة حاورت الطرف الفلسطيني الذي سعى لتحصيل بعضاً من حقوقه الآدمية، وإن كانت النتيجة صفراً يتكرر عند كل جلسة!

أما إذا كان المقصود هو لجنة الحوار التي أسسها الرئيس السنيورة عام 2005، فهذا فضل لن ينساه اللاجيء الفلسطيني في لبنان! فيحق للسنيورة التفاخر بالحوار الذي اداره خلال فترته الحكومية مع الفلسطينيين، ولم يفضى الا الى اعادة مخيم نهر البارد إلى "أحضان الدولة اللبنانية" على حد تعبيره!، تماماً كما تسلمه الفلسطينيين بعيد النكبة، أرضاً جرداء مع فارق بسيط من الركام والبارود!

وما عدا ذلك فقد حاورت اللجنة نفسها، او بمعنى آخر حاورت كيانات صنعتها أو دعمتها هي، كمؤسسات الـ NGO's وبعض الجمعيات الاهلية، ولم تعترف بالفصائل الفلسطينية كممثل للاجئين، ولم تتعامل مع الملف الفلسطيني على أنه ملف سياسي البته، أي أنها تبنت الرؤية الغربية شبراً بشبر!

ثانياً: من قال إن منظمة التحرير الفلسطينية (بواقعها الحالي)هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطني؟ ان تسويق هذا الطرح لا يمكن ان يكون بريئاً، فمن المعروف ان جدل التمثيل وانضمام باقي الفصائل لم يحسم بعد، وطرح الامر بهذه الطريقه  هو محاولة لدق الاسافين بين شعبنا الفلسطيني اللاجئ في لبنان، تماماً بذات الطريقة التي انتهجتها حكومة الرئيس السنيورة آنذاك، حيث عمدت الى محاورة وفدي التحالف والمنظمة بشكل منفرد، وحاولت ايضاً تضخيم دور سفارة السلطة على حساب باقي الفصائل وربما على حساب حركة فتح!

ومن قال ايضاً ان السلطة الفلسطينية تمثل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان أو في غير لبنان، ومن قال أنها مخولة لتفاوض الدولة اللبنانية بشأن السلاح، طبعاً إلا إذا كانت الحكومة تتعامل مع السلطه على أنها دولة وليست سلطة حكم ذاتي، فإذا كان ذلك، فلتبدأ الحكومة بمعاملة "رعايا دولة فلسطين" بالمثل، ألم تشكل هذه العقبة القانونية حائلاً دون مساواة الفلسطيني بالأجنبي اليمني والسوري والفلبيني والبنغالي..؟!!

ثالثاً: ما حدث في مخيم المية ميه ولا يزال يحدث في مخيم عين الحلوة، وربما لاحقاً في مخيمات اخرى، لعبة مخابرتية بامتياز، يشارك فيها أكثر من طرف ودولة، وكافة الأطراف السياسية في لبنان تعي ما نرمي إليه، ولا حاجة لنا للتنجيم والتبصير، هذه اللعبة الخبيثة يدفع ثمنها اللاجئ الفلسطيني ليل نهار من أمنه ومصدر رزقه، وهي ليست بعيدة عما يجري في المنطقة، وعلى الطرف اللبناني الكف عن تحميل الفلسطيني المسؤولية، ودعم المبادرات التي تسعى اليها الفصائل الفلسطينية لترسيخ الاستقرار، إذا كانت فعلاً معنية باستقرار المخيم!

رابعاً: ما بال هذه الحملة التي تشنها بعض الاطراف الاعلامية والسياسية اللبنانية على اللاجئين الفلسطينيين؟ وهل نحن امام مشروع جديد يستهدفهم؟ وهل من ربط بين ما يحصل في عين الحلوة والمتغيرات السياسية في لبنان والمنطقة؟ مؤخراً قال وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق انه سيحارب اوكار الارهابيين، هل المخيمات الفلسطينية معنية بهذا الكلام مثلاً؟!

حقيقة لا يستطيع احد التنبأ بطبيعة الايام المقبلة على المخيمات الفلسطينية، لكن اشارات كثير لا تطمئن، بل تثير القلق، وخصوصاً في مخيم عين الحلوة، فالتوترات الامنية ومسلسل الاغتيالات زاد بشكل كبير، والحملات الاعلامية تحاول تصوير المخيمات بانها بؤر للسلاح وللفلتان الامني،   والبعض يطالب بنزعه- شأن المقال المشار اليه- وهو امر لا يقتصر على الاعلاميين فقط، فهناك عدد من القيادات السياسية والأمنية في الحكومة وخارجها اطلقوا تصريحات تشير الى خطورة السلاح الفلسطيني وضرورة التخلص منه، وهناك من تحدث عن "خطة أمنية" مرتقبة سيجري العمل على تطبيقها في المخيمات، طبعاً دون الاشارة إلى طبيعة الخطة ونطاقها ووسائلها، او اذا ما كان للفصائل الفلسطينية دوراً فيها أم لا!

الخلاصة، قلناها سابقاً وسنكررها، اللاجئين الفلسطينيين حلّوا ضيوفاً في لبنان، وسيبقوا ضيوفاً حتى عودتهم الى ارضهم، التي لن يقايضوها بأي ثمن، وطالما هم لاجئون في لبنان لن يكونوا ابداً فوق سقف القانون، او مصدراً لتهديد السلم الاهلي، لكن بالمقابل على الدولة اللبنانية الاقتناع بفشل الحلول الامنية في المخيمات، والتوقف عن النظر اليها من هذه الزاوية فقط، دون النظر الى الجوانب الانسانية والاجتماعية والسياسية، فالحل سياسي بامتياز شئنا ام أبينا، فمن يريد استقرار المخيمات وجوارها، عليه أن يحتضن قلاع العودة، ويدعم صمودها، لا أن يشيطنها ويضيق الخناق عليها!!