خبر الأبرتهايد هنا – ولكن هناك / هارتس

الساعة 12:59 م|02 مايو 2014

بقلم: بيتر باينرت

 

(المضمون: لقد تشوش كيري في الزمان والمكان. فالمشكلة ليست في أنه في زمن ما في المستقبل ستصبح اسرائيل كلها دولة ابرتهايد. المشكلة هي أن في الضفة الغربية اسرائيل تتصرف منذ الان بأبرتهايد- المصدر).

 

ثمة سبيل سهل للدفاع عما قاله مؤخرا وزير الدفاع الامريكي جون كيري وجاء فيها انه اذا لم توافق اسرائيل على "حل الدولتين"، فانها ستصبح دولة أبرتهايد: التذكير بان الزعماء الاسرائيليين وكبار المسؤولين اليهود الامريكيين قالوا ذات الشيء. وفقط في 2010 أعلن رئيس الوزراء الاسبق ايهود باراك بانه "اذا لم يكن بوسع هذه الكتلة من ملايين الفلسطينيين ان يصوتوا، فهذه ستكون دولة "ابرتهايد". وكذا تسيبي لفني، جيفري غولدبرغ وادغار برونفمان الراحل قالوا هذه "الكلمة".

 

ولكن تبرير أقوال كيري، فقط لسبب أن يهودا مشهورين قالوا ايضا، هو تبرير مغلوط بل وغبي. اذا كانت أقوال كيري صحيحة، فهي لا تقل صحة لانه كاثوليكي من اصل ايرلندي. والدفاع عن كيري من خلال اقتباس اقوال باراك ولفني، مثلما فعلت وزارة الخارجية الامريكية، يخلد الاسطورة التي تقول ان لليهود وللاسرائيليين الحق في الانتقاد، بينما ليس لكل من ليسوا هكذا – مثل هذا الحق. هذا النهج يعمق الثقافة التي تمنع الكثير من الامريكيين ممن ليسوا يهودا التشكيك بسياسة اسرائيل. فهؤلاء يخشون من أن الطريق الوحيد للطرح بأمان مسائل في هذا الموضوع هو ان يضموا اليهم قصة تدفىء القلب عن احتفال يهودي بالبلوغ.

 

"خذوا الحقيقة ممن قالها"، قال الحكيم الاكبر الرمبام. فلا يهم من قال ايضا انه بلا حل الدولتين ستصبح اسرائيل دولة ابرتهايد. يهم اذا كان هذا الادعاء صحيحا.

 

 وهو ليس بالضبط صحيحا. في واقع الامر، أقوال كيري قاسية جدا وغير قاسية بقدر كافٍ على حد سواء. فنهاية حل الدولتين ستكون مصيبة تاريخية لاسرائيل، ولكنها لن تجعلها دولة أبرتهايد. في داخل الخط الاخضر سيواصل المواطنون الفلسطينيون في اسرائيل التصويت في الانتخابات الاسرائيلية، ان يمثلوا في الكنيست وان يعيشوا تحت القوانين التي يعيش تحتها جيرانهم الاسرائيليون. وبمثل هذه الحقوق لم يسبق للسود في عهد الابرتهايد في جنوب افريقيا ان تمتعوا بها.

 

 لقد تشوش كيري في الزمان والمكان. فالمشكلة ليست في أنه في زمن ما في المستقبل ستصبح اسرائيل كلها دولة ابرتهايد. المشكلة هي أن في الضفة الغربية اسرائيل تتصرف منذ الان بأبرتهايد. المحكمة الدولية تعرف الابرتهايد كـ "نظام قمع منهاجي وحكم جماعة عرقية لجماعة أو جماعات عرقية اخرى. صحيح، اليهود والفلسطينيون ليسوا عرقين، بل شعبين. ولكن ما يهم هو أن الحدود بينهما مغلقة. من كل النواحي، الفلسطينيون من الضفة الغربية لا يمكنهم أن يصبحوا يهودا. ولهذا السبب، فهم يمنع عنهم المواطنة في الدولة التي تتحكم بحياتهم: فهم لا يمكنهم أن يصوتوا لمجلسهم المنتخب، وهم يعيشون تحت جهاز قضائي يختلف عن الجهاز القضائي لجيرانهم اليهود وهم لا يتمتعون بذات حرية الحركة. هذه هي "سيطرة وقمع منهاجيين" لجماعة على جماعة اخرى، وهذا مستمر منذ 47 سنة.

 

اني اشارك جهود كيري لايقاظ الاسرائيليين على خطر تخليد الوضع الراهن. ولكن الابرتهايد ليست مشكلة يتعين على اسرائيل أن تتصدى لها في المستقبل – هذا واقع يتصدى له فلسطينيو الضفة الغربية منذ اليوم. لليهود ولغير اليهود ممن يتطلعون الى العدل، ينبغي لهذا أن يكون كل الحافز اللازم.