خبر فشل المفاوضات بعيون أمريكية.. عباس متعب و « اسرائيل » لم تقدم شيئاً

الساعة 11:52 ص|02 مايو 2014

القدس المحتلة

في تصريحات ملفتة وغير مسبوقة، حمّل مسؤول أميركي رفيع المستوى "إسرائيل" مسؤولية فشل المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، وقال في مقابلة مطولة لصحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس متعب ويعتقد أنه قدم تنازلات كبيرة لـــ "إسرائيل".

 

وقالت الصحيفة إن مسؤول أميركي مطلع على فحوى المفاوضات وعلى جهود وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، للتوصل إلى اتفاق إطار بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية خلال الشهور التسعة الماضية.

 

واستعرض المسؤول الأميركي  المحطات الهامة التي مرت بها المفاوضات، وحمل "إسرائيل" المسؤولية المباشرة عن الفشل، ويتحدث عن حدود تنازلات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وعن الواقع الذي نتج بعد 20 عاما من اتفاقات أوسلو والذي يرى بأنه مريح لـــ "إسرائيل" لكنه قاس جداً على الفلسطينيين، ويفاجئ محاوره بالقول: يبدو أننا بحاجة لانتفاضة فلسطينية ثالثة لدفع الأمور قدما.

 

ورداً على سؤال عن أسباب فشل المفاوضات يقول المسؤول: "هناك الكثير من الأسباب لفشل المفاوضات،  لكن على الإسرائيليين ألا يتهربوا من الحقيقة المرة، وهي أن الخراب الأساسي جاء بسبب البناء الاستيطاني".

 

وأضاف: "الفلسطينيون لا يؤمنون بأن "إسرائيل" تعتزم حقًا أن تتيح لهم إقامة دولة في الوقت الذي تبني في المستوطنات الواقعة في المساحة المخصصة لهذه الدولة… وبعد تفجر المفاوضات علمنا أيضا أن هناك عمليات مصادرة واسعة للأراضي الفلسطينية، وهذا لا يتماشى مع أي اتفاق تسوية".

 

وعن بداية المفاوضات قال: "كان ينبغي أن  تبدأ المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل بتجميد الاستيطان. اعتقدنا أنه بسبب التركيبة الإشكالية لحكومة نتنياهو سيكون ذلك صعب التحقيق، لهذا تنازلنا، لكننا لم نعرف بأن نتنياهو سيستخدم البناء الاستيطاني من أجل الحفاظ على حكومته. ولم ندرك أن استمرار الاستيطان سيتيح لوزراء في الحكومة العمل على تخريب المفاوضات".

 

انتفاضة ثالثة

وردا على سؤال عن مهمات وزراء خارجية أميركيين آخرين في صراعات ونزاعات دولية، سابقة ومقارنتها مع  مهمة كيري، قال المسؤول الأميركي: "بعد الحروب يكون هناك شعور ملح بضرورة إيجاد حلول. في حالتنا، يبدو أننا يبدو أننا بحاجة لانتفاضة أخرى لإنتاج ظروف  جديدة تتيح التقدم". وتابع: "بعد عشرين سنة من  اتفاقيات أوسلو، نتج واقع وقواعد لعبة ترسخت عميقا في الأرض. هذا الواقع صعب جداً على الفلسطينيين ومريح لإسرائيل".

 

وسأل مراسل الصحيفة إنه "يفهم هذا الحديث بأنكم تدعون لانتفاضة؟"، فرد المسؤول الأميركي: "على العكس، سيكون ذلك تراجيديًا. يفترض أن يكون الشعب اليهودي حكيما، وصحيح أيضًا أنه يعتبر عنيدا.  عليكم أن تعرفوا قراءة الخارطة. في القرن الواحد والعشرين. لن يواصل العالم تحمل الاحتلال الإسرائيلي. الاحتلال يهدد مكانة "إسرائيل" في العالم ويهددها كدولة يهودية".

 



"هل فوجئتم  حينما اكتشفتم أن الإسرائليين لا يعنيهم الأمر كثيراً؟"، تسأل الصحيفة، أجاب المسؤول: "فوجئنا، كان هناك الكثير من المفاجآت خلال هذه الفترة. وحينما قال الوزير يعالون إن هدف كيري هو الحصول على جائزة نوبل، كانت الإهانة قاسية جداً، لأننا نقوم بذلك من أجلكم ومن أجل الفلسطينيين، وطبعًا ينطوي ذلك على مصلحة أميركية".

 

وعن تعامل "إسرائيل" مع الفلسطينيين، قال المسؤول الأميركي: "في إحدى جلسات المحادثات قال أحد الفلسطينيين المشاركين، للإسرائيليين: أنتم لا تروننا، نحن بالنسبة لكم غير مرئيين، نحن شفافين فارغين بنظركم". وأردف المسؤول:  في حديثه صحّة. بعد انتهاء الانتفاضة الثانية وتشييد جدار الفصل تحول الفلسطينيون بعيون الإسرائلييين لأشباح - لا يرونهم".

 

وردا على اتهام الصحيفة للعالم بأنه منافق يصمت عن سيطرة الصين على التبت، ويصمت عن أعمال روسيا في أكرانيا، ومنشغل في إسرائيل، رد المسؤول: إسرائيل ليست الصين. "إسرائيل" قامت بقرار من الأمم المتحدة، وازدهارها الاقتصادي مرتبط  بنظرة المجتمع الدولي إليها".

 


وعن تفاصيل المفاوضات، قال المسؤول: "في الشهور الستة الأولى أجريت محادثات ثنائية بين الجانبين، وكشفت عن الهوة بين المواقف، وفي شهر ديسمبر أيقنا بأنه آن الأوان لأن نتدخل بطرح افكارنا.  أجرينا محدثات مع الجانبين، وتركزت المحادثات بين كيري ونتنياهو، وبذل كيري جهودا لإقناعه بتغيير مواقفه وجسر الهوات. وفي هذه المرحلة كان الفلسطينيون راضين، فقد لاحظوا وجود شرخ بين كيري ونتنياهو، والذي ظهر جليا بعدما قام يعلون بشن هجوم على كيري".

 

وأضاف: "في الوقت الذي ركزنا فيه على تليين الموقف الإسرائيلي، جاء الإعلان عن مخططات بناء جديدة في المستوطنات ليحد من قدرة أبو مازن على إبداء ليونة، وعزز شعوره بعدم الثقة التي بلغت ذرتها حينما قال نتنياهو إن عباس وافق على صفقة الأسرى مقابل البناء في المستوطنات. لكن ذلك كان يجافي الحقيقة. وأوضح المسؤول أن عباس "دخل المفاضات أساسًا وهو متشكك بنوايا الإسرائيليين". وقال إن عباس يعتبر أن "اتفاق أوسلو كان مخلوقا مفروضا"، ويرى أن "أوسلو شرعت الباب لاستيطان 400 ألف إسرائيلي شرق الخط الأخضر، ولم يكن بمقدوره الاستمرار في تحمل ذلك".

 

عباس مستنزف ومتعب

وتابع: "طرحت إسرائيل متطلباتها الأمنية في الضفة الغربية، بدا منها أنها تريد الاحتفاظ بالسيطرة التامة على الضفة الغربية، وهذا يعني للفلسطينيين أنه على المستوى الأمني فإن شيئا لن يتغير. ولم توافق إسرائيل على  تحديد جدول زمني للمفاوضات والتنفيذ، وهذا يعني بالنسبة لهم أن سيطرتها تتواصل إلى الأبد.  فتوصل أبو مازن إلى استنتاج بأن الاتفاق لن يمنحه شيئا. هو في الـ79 من العمر، ووصل للمرحلة الأخيرة من حياته، ومستنزف ومتعب. كان يرغب في منح العملية السياسة فرصة، لكن بنظره ونظراً لعدم وجود شريك إسرائيلي  فإن سجله  لن يتضمن توقيع اتفاق مع إسرائيل".

 

وأضاف: في شهر شباط (فبراير) وصل أبو مازن لمقابلة كيري في فندق بباريس، وكان يشعر بفتور ثقيل، واشتكى قائلاً أعاني من الضغط، سئمت. ورفض كل أفكار كيري. وبعد شهر، أي في آذار (مارس)، دعي للبيت الأبيض وعرض عليه أوباما شفهيًا الأسس التي بلورها الأميركيون، لكنه لم يستجب. لكن ليس صحيحًا ما تدعونه بأن ابو مازن هرب من اتخاذ القرارات، هو ببساطة كان "موصوداً".

 

وأضاف المسؤول: "يقول أبو مازن قدمت الكثير من التنازلات، الإسرائيليون لا يقدرون ذلك". عن أي تنازلات يتحدث؟ تسأل الصحيفة، فقال المسؤول: "وافق عباس على دولة منزوعة السلاح، ووافق على نقل خط الحدود وإبقاء 80 في المئة من المستوطنات بيد إسرائيل،  ووافق أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة على مناطق أمنية وتحديداً (في غور الأردن) لخمس سنوات، وبعد ذلك يتم استبدال القوات الإسرائيلية بقوات أميركية. وتقبل تعامل إسرائيل الذي يعتبر الفلسطينيين ليسوا أهلا للثقة. ووافق أن تبقى الأحياء اليهودية في القدس الشرقية تحت سيادة "إسرائيل". ووافق أن تكون عودة اللاجئين الفلسطينيين  لحدود "إسرائيل" خاضعة للإرادة الإسرائيلية، وتعهد بأن "إسرائيل" لن تغرق باللاجئين".

 

وتابع: أبو مازن قال لنا "لا أعتقد أن هناك زعيمًا عربيًا يمكنه أن يوافق على ما وافقت عليه.  لن أوافق على أي تنازل آخر حتى توافق إسرائيل على ثلاث مطالب: أن يكون ترسيم الحدود البند الأول في المفاوضات ويمكننا الانتهاء من ذلك في  ثلاثة شهور. وأن يتضمن الاتفاق جدولا زمنيا، لانسحاب إسرائيل من المناطق السيادية للدولة الفلسطينية. وأن توافق إسرائيل على أن القدس الشرقية هي عاصمة فلسطين".

 

وخلص المسؤول إلى القول: "الإسرائيليون لم يستجيبوا لأي من المطالب الثلاثة".