خبر سخافة احتلال غزة- يديعوت

الساعة 08:23 ص|01 مايو 2014

بقلم: أريئيلا رينغل هوفمان

"ينبغي احتلال غزة بعاصفة"، هذا ما اقترحه أول أمس افرايم هليفي الذي كان رئيس الموساد في الماضي. وهذا اقتراح مفاجيء على لسان من يشهد على نفسه بأنه يؤيد منذ عشر سنوات محادثات مع حماس لكنه مقلق أكثر من أن يكون مفاجئا. وهو مقلق مرتين، أما الاولى فبسبب من يقف وراء الاقتراح – وهو مؤيد للمحادثات كما قلنا آنفا – وأما الثانية فبسبب اختيار الكلمة "بعاصفة".

إن اقتراح احتلال غزة ليس جديدا. وأكتب هنا قائلة: للأسف الشديد. إنه غير جديد وغير شاب لكن عمره لا يجعله أكثر حكمة بل ربما بالعكس: فهذا اقتراح عجوز كان أحمق في طفولته. قبل عشرات السنين أوجز دافيد بن غوريون هذه المسألة حينما اقترحوا عليه بعد انتهاء عملية كديش أن يُبقي غزة في مجال سيطرة دولة اسرائيل كي يزيد في مساحة الدولة. فقال إن ذلك يشبه توصية بابقاء ورم سرطاني لأنه يزيد في كتلة الجسم.

يطفو هذا الاقتراح مرة بعد اخرى ويكون ذلك على نحو عام قرينا بسخونة الاوضاع المحلية وعلى إثر رشقات صواريخ. وقد جاء هذه المرة بسبب ضعف نظام حماس. وتتغير الاسماء والوجوه ايضا لكن الاقتراح يبقى على حاله: علاجا عجيبا. وكأننا لم نحتل مرة بعد اخرى، وكأننا لم نخرج مرة بعد اخرى، وكأن ايامنا في غزة لم تكن مصحوبة بخيبة أمل طويلة بسبب المسؤولية الثقيلة من جهة وحقيقة عجزنا من جهة اخرى عن ضمان سلامة المستوطنين وعن الحفاظ على حياة طبيعية في القطاع لمليون ونصف مدني.

والمسألة الثانية بالطبع هي "العاصفة"، عاصفة الاحتلال. إن غزة لم تُحتل قط بعاصفة والتوقع للمستقبل هو أن يكون احتلال المدينة كما يتفق على ذلك ايضا مؤيدو الاقتراح، مصحوبا بخسارة كثيفة من الأرواح عندنا وعندهم. وسيحدث هذا بسرعة تميز العواصف، وبقوة ترتبط بهذه الكلمة؛ لكنه سيُخلف كما هي عادة العواصف دمارا وخرابا شديدا ولن يحل المشكلة لا اذا بقينا هناك ننزف ونغرق ببطء في الوحل الغزي، ولا اذا خرجنا بعد أن نصنع هناك نظاما في ظاهر الامر. ولماذا نقول في ظاهر الامر؟ لأننا لم نعد منذ زمن نصنع نظاما عند جيراننا وهذا أمر حسن.

ما الذي بقي اذا في مواجهة ضعف سيطرة حماس كما يلاحظ الخبراء؟ بقي أن نبحث عن منفذ أو نافذة أو شق صغير يمكن أن ندس كلمة من خلاله. وينبغي أن نفعل ذلك علنا أو خفية، ومباشرة أو غير مباشرة، وأن نكون أسخياء مع ذلك. ينبغي أن نستغل ضعف حماس للمحادثة، اجل للمحادثة. ولا ينبغي أن يكون اتفاق سلام مع مهانة اسرائيلية على شاطىء غزة المدهش بل ربما يوجد تفاهم وإن لم يستمر الى الأبد – لأنه ما هو الأبد عندنا؟ - يخفض ارتفاع اللهب على الأقل ويزيد في المدة بين انفجار وآخر ويُمكّن سكان غلاف غزة وسكان غزة نفسها من حياة أفضل.

إن حقيقة أنه جُددت المحادثات بين السلطة الفلسطينية في الضفة وسلطة حماس في غزة ليست سيئة بالنسبة إلينا بالضرورة. وحقيقة أن الامريكيين لا يستحسنون هذه المحادثات وامكانية انشاء حكومة يجلس فيها ممثلو حماس لا تعني أن الحديث عن اجراء خطير. فالنظر في أمر السياسة الخارجية الامريكية يدل على أن فهمهم للاجراءات الداخلية في الدول في منطقتنا وفي مناطق بعيدة اخرى لا يتميز بحكمة زائدة حتى لو كان مصحوبا بصواريخ توما هوك من الطراز الجديد. إن ايمان الامريكيين بالقوة وايمان الاسرائيليين بالقوة لا يُنبيء بالخير فهو على نحو عام يعد بالكثير من الدم وبأسى لا نهاية له وخيبة أمل كبيرة لاضاعة حياة بشر بلا حاجة.

إن اقتراحات احتلال غزة، إن لم يكن ذلك واضحا الى الآن، تشبه اقتراحات احتلال لبنان، وصنع نظام في الاردن والتدخل في سوريا. وهو سخافة احتلال سيدفع الأبناء ثمنها هم وعائلاتهم. وقد يكون هذا الوقت قبيل يوم الذكرى الذي يقترب وقتا جيدا بصورة خاصة لنقول ذلك.