خبر هل تصمد المصالحة أمام الدور الوظيفي للسلطة ؟ ..بقلم د. وليد القططي

الساعة 06:19 ص|01 مايو 2014



لا شك إن إتمام عملية المصالحة التي أعلن عنها في إعلان الشاطئ أمر إيجابي ينبغي الثناء عليه كونه أنهى رسمياً عهد الانقسام الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس , أو بين سلطتين مختلفتين في الضفة وعزة , أو بين برنامجين مختلفين في كيفية التعامل مع الاحتلال وتحقيق الأهداف الفلسطينية . ورغم أن المراقبين ومعهم الشعب الفلسطيني قابلوا هذا الاتفاق الأخير بأمل مشوب بالحذر ناتج عن مخزون الذاكرة غير المشجع المستمد من تجارب الاتفاقيات السابقة . وكذلك رغم القناعة السائدة بأن اتفاق المصالحة الأخير جاء كمحصلة لمأزق طرفي الانقسام في رام الله وغزة المتعلق بانسداد أفق المفاوضات في رام الله ووصول مشروع أوسلو إلى نهايته المغلقة المحتومة , والأزمة الاقتصادية وعدم وجود غطاء سياسي وحليف استراتيجي لسلطة غزة , ولم يأتِ كنتيجة طبيعية لفكر سياسي وحدوي . أو مسؤولية وطنية تجاه الشعب الفلسطيني الذي دفع فاتورة الانقسام من دمه وقوت يومه . رغم ذلك ينبغي تثمين اتفاق المصالحة الذي ما كان له أن يتم بدون إرادة سياسية من طرفي الانقسام . كما ينبغي تشجيعه ,وإعطائه الفرصة للنجاح من كافة الأطراف ذات العلاقة الأخرى التي لها دور أساسي في إنشاء السلطة الفلسطينية ومشروعها السياسي وعلى رأسها الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الأنظمة العربية التي تتفق جميعاً على أدوار وظيفية للسلطة ينبغي أن تقوم بها وإلاّ فقدت مبرر وجودها من وجهة نظر هذه الأطراف .

فمن المعروف أن السلطة الوطنية الفلسطينية قد تأسست على أساس إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة ( إسرائيل ) حول الحكم الذاتي المرحلي على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة بتاريخ 13 سبتمبر 1993 م في واشنطن , وبقرار من المجلس المركزي الفلسطيني التابع لمنظمة التحير الفلسطينية في دورته المنعقدة في 10 – 12 أكتوبر 1993 م في تونس أي أن الرجعية القانونية للسلطة هي اتفاقية أوسلو , والمرجعية السياسية هي منظمة التحرير الفلسطينية . وبناءً على هاتين المرجعيتين تم تحديد وظائفها , ومنذ البداية فقد حُدد للسلطة ثلاث وظائف يجب أن تقوم بها والتي على أساسها يتم دعمها مادياً وسياسياً من الجهات الداعمة , وبدون أداء هذه الوظائف فإن هذا الدعم سيتوقف وبالتالي ستنهار السلطة أو ستضعف إلى درجة عدم تمكنها من القيام بدورها . وهذه الوظائف الثلاث هي وظائف مدنية وأمنية وسياسية , وجميعها تخدم الاحتلال الصهيوني . فالوظيفة المدنية تتمثل في الدور الذي كانت تقوم به الإدارة المدنية للاحتلال الصهيوني , أي إدارة شئون السكان الفلسطينيين المدنية في الضفة والقطاع .؟ وبمعنى آخر إزاحة أعباء السكان عن الاحتلال مادياً وادارياً وانسانياً لتتحمله السلطة التي ساعدت الاحتلال على التخلص من السكان بينما يحتفظ بكل الأرض استراتيجياً وما يقرب من نصفها فعلياً . والوظيفة الأمنية تتمثل في جانبين : الأول كشرطي للاحتلال في المناطق الفلسطينية تقوم به قوى الأمن الشرطية , والثاني من خلال قيامها بعملية التنسيق الأمني الهادف إلى إحباط أي عمل للمقاومة قبل أن يخرج للوجود تقوم به قوى الأمن الاستخبارية أو كشفه بعد تنفيذه . والوظيفة السياسية وهي الأخطر في مشروع أوسلو ويتمثل في الوصول إلى معاهدة سياسية دائمة مع العدو الصهيوني تنهي الصراع بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني لصالحه ومن ثم إنهاء الصراع مع العرب والمسلمين بعد تصفية القضية الفلسطينية , وهذه الوظيفة لم تستطع السلطة الفلسطينية القيام بها بسبب أن الكيان الصهيوني حوّل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 م – الضفة والقطاع والقدس الشرقية . التي تمثل 22% فقط من أراضي فلسطين التاريخية حولها من أراضي محتلة ستقوم عليها الدولة الفلسطينية وفق مشروع الدولتين إلى أراضٍ متنازع عليها . كما أن الحد الأقصى للتنازل الصهيوني لا يصل إلى الحد الأدنى الذي يمكن أن يقبل به أي فلسطيني حتى من أصحاب مشروع التسوية .

فهذه الوظائف الثلاث للسلطة – المدنية والأمنية والسياسية - أو على الأقل الوظيفتين المدنية والأمنية هما كلمة السر التي يتم من خلالها إمداد السلطة بشريان الحياة المتمثل بالدعم المادي الخارجي المرتبط بأداء السلطة لهذه الوظائف , إضافة لأموال الضرائب المقاصة التي يحولها الاحتلال للسلطة , وأي أمل ببناء اقتصاد وطني في ظل أوسلو غير ممكن لأن اتفاقية أوسلو ربطت الاقتصاد الفلسطيني باقتصاد دولة الاحتلال , كما أن أي أمل بشبكة أمان عربية غير ممكنة لأن هذه الدول تأتمر بما تمليه عليها الولايات المتحدة الأمريكية بما في ذلك الدعم المالي للسلطة الفلسطينية , وبالتالي فإن دخول حركة حماس لمؤسسات السلطة الفلسطينية سواء بالتوافق أو من خلال الانتخابات ستكون هذه الوظائف من أكبر التحديات التي تقف أمام إتمام عملية المصالحة لأنها تتناقض مع مبادئ حماس وفكرها السياسي , ولكي يتم تجاوز هذه التحديات لا بد أن يحدث تغيير جوهري في أحد الأطراف الثلاثة : حماس أو السلطة أو ( إسرائيل ) أو يحدث التغيير في جميع هذه الأطراف والخلاصة إن الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية المحدد لها وفق اتفاقية أوسلو سواء المدني أو العسكري أو السياسي يقف عقبة كأداة أمام اندماج أي طرف فلسطيني لا يؤمن بمشروع التسوية في هذه السلطة كحركة المقاومة الإسلامية حماس وبالتالي فهو يهدد مشروع السلطة أو مشروع المصالحة أو كليهما معاً .