خبر كيري لا يتعلم دروس التاريخ- اسرائيل اليوم

الساعة 09:47 ص|30 ابريل 2014

بقلم: البروفيسور ابراهام بن تسفي

(المضمون: لم يتعلم جون كيري من دروس الماضي التي تُبين أن الولايات المتحدة فشلت في فرض حل شامل للصراع الاسرائيلي العربي - المصدر).

 

منذ أن أدى جون كيري اليمين الدستورية لوزير الخارجية في 1 شباط 2013، سارت الدبلوماسية الامريكية في طريق مشحون بأعراض فصامية: فقد تم تعظيم من جهة اسلوب سلوك المهادنة، المستخذي الذي يرد على الاحداث، الذي تبنته ادارة اوباما في مواجهة تهديدات وتحديات. وأظهر وزير الخارجية الامريكي في مقابل ذلك في المجال الاسرائيلي الفلسطيني نشاطا وسواسيا مكثفا لا يكل في جهد لاحراز تقدم.

 

وهكذا في حين رد الرئيس الامريكي ووزير خارجيته في مواجهتهما الامواج المتكررة من هجمات نظام الاسد بالسلاح الكيميائي بنقل الكرة (وفخامة الشأن) الى ملعب فلادمير بوتين، كان الامر يختلف تمام الاختلاف في ميدان التفاوض في منطقتنا. ففي هذا الميدان عمل كيري (الذي فصل نفسه بالتدريج عن توجه اوباما الذي هو أكثر وعيا) عمل في جد وتصميم وكأن مصير التسوية العالمية كلها سيُحسم في هذه الجبهة وفي المدى القصير. ومن هذه الجهة كان كلامه في نهاية الاسبوع الاخير على "دولة الفصل العنصري" (الذي اضطر الى الاعتذار عنه) كان لبنة اخرى في سلسلة اقوال واعمال أشارت قبل كل شيء الى بساطة تفكيرية والى عدم وجود دراسة كافية لمبادرات وساطة سابقة في هذا الصعيد.

 

ويثور في هذا السياق انطباع أن كيري برغم أنه استعار من الرئيس كارتر التشبيه البائس بنظام الفصل العنصري (فتناول الفصل العنصري يظهر بصراحة في عنوان أحد كتب الرئيس المتقاعد)، لم يستخلص الدروس المطلوبة من الفشل الصارخ لمبادرة الرئيس في 1977 الى التوصل الى تسوية اسرائيلية عربية شاملة في مؤتمر جنيف. فقد استعمل كارتر آنذاك كما هي الحال اليوم توجها طموحا غير واقعي أراد أن يخفي بمرة واحدة كل جذور الصراع وعناصره وفي مركزها القضية الفلسطينية.

 

استعمل كيري استراتيجية "من الجذر" التي حاولت أن تجعل قضايا جوهرية مسائل اجرائية وتقنية بدل أن يستمد من التاريخ طريقة الخطوة بعد خطوة الموزونة التدريجية التي استحدثها وزير الخارجية هنري كيسنجر بعد حرب يوم الغفران. والى ذلك تجاهل ايضا التجربة التاريخية العامة التي تشهد بأن اتفاقات السلام بين اسرائيل وجاراتها يجب أن يصوغها الطرفان أنفسهما من البداية.

 

وكان عمل الادارة الامريكية أن تساعد مرة بعد اخرى وأن تكون وسيطة وأن تقترح حوافز بعقب شق الطريق الأولي الذي أحرزه القادة في المنطقة.

 

دخل كيري في مقابل ذلك في خضم الاحداث برغم عدم وجود قاعدة مسبقة لاتفاق على المسائل الأساسية المشحونة الثقيلة جدا، وذلك على الخصوص في فترة أصبحت فيها منزلة القوة العظمى الامريكية في الحضيض، وفي وقت تعاني فيه مشكلة ثقة بها شديدة.

 

وفي الختام أثبت كلام وزير الخارجية وتهديداته حقيقة أنه لم يستطع برغم أنه كان رئيسا للجنة الخارجية في مجلس الشيوخ أن يتعلم حكم التاريخ حينما يكون الحديث عن مصير محاولات امريكية سبقت للمبادرة الى تسوية مفروضة. وقد فشلت هذه المحاولات تماما في 1954 وفي 1977 (بعقب انهيار مبادرة كارتر الى تسوية شاملة في جنيف) وارتدت على واشنطن مثل عصا مرتدة.

 

ونقول بايجاز إن التعبير عن الغضب وخيبة الأمل كما نشهده لا يمكن أن يكون بديلا عن استراتيجية سياسية تدعمها رؤية واقعية لما يمكن تنفيذه والدفع به قدما في واقع الامر، لا المأمول والمرجو لكن المقطوع عن ارض الواقع.