خبر كيري السيء الحظ جرب على جلده ثمن « الفصل العنصري »- هآرتس

الساعة 09:46 ص|30 ابريل 2014

كيري السيء الحظ جرب على جلده ثمن "الفصل العنصري"- هآرتس

بقلم: حيمي شليف - نيويورك

(المضمون: عرف كيري بتجربة مؤلمة مُذلة أن ما يجوز للاسرائيليين قوله لا يجوز له هو أن يقوله حينما قال إن عدم التسوية مع الفلسطينيين سيفضي الى نشوء دولة فصل عنصري - المصدر).

 

بدا وزير الخارجية الامريكي جون كيري مسحوقا في اليوم الاخير. فلا يكفي أن استثماره الضخم والشجاع الذي قد يكون متسرعا ايضا لاحلال سلام بين اسرائيل والفلسطينيين قد أصبح أثرا بعد عين، حتى أصبح الآن محتاجا الى أن يتعوج ويعتذر عن "فصل عنصري" واحد صغير صدر من فمه في حلقة مغلقة. ولولا أن ذلك محزن لكان مضحكا حقا. ولمنع سوء الفهم نقول إن هذه المشكلة جلبها كيري على نفسه بخلاف انهيار المسيرة السياسية الذي يجب أن يُتهم به في الأساس الطرفان أنفسهما. كان يجب على كيري باعتباره يعظ فلادمير بوتين كل يوم بلغة مشابهة، أن يستدخل في نفسه أن قواعد الحديث المغلق الذي لا يُسجل في القرن التاسع عشر لم تعد قابلة للتنفيذ في القرن الواحد والعشرين. وكان يفترض أن يعرف كيري بصفته سياسيا خبيرا محنكا ما زال يتجول في واشنطن منذ ثلاثين سنة، كان يفترض أن يعرف قواعد السلامة السياسية المستعملة مع اسرائيل: فكما لا يحل للبيض ألبتة أن يكرروا انتقادا يوجهه الافارقة الامريكيون على أبناء جلدتهم،

 

يُمنع كيري ايضا من أن ينبس بكلمة "فصل عنصري" برغم أن كثيرين وكبارا في السياسة الاسرائيلية فعلوا ذلك قبله.

 

ولهذا حينما قال كيري لاعضاء المنتدى الحصري "لجنة الثلاث" إن اسرائيل قد تصبح مع عدم وجود حل الدولتين: "دولة فصل عنصري مع مواطنين من الدرجة الثانية" استعمل صيغة لو استعملت في الكنيست لتم استقبالها بهز كتف، لكنه أحدث سببا لنشوء جلبة في تل الكابتول. وحينما اطلع كارهو كيري المحافظون وأعداء المسيرة السياسية اليمينيون على الغضب الهادىء الصادر من القدس وعلى الاحتجاج الصارخ للمنظمات اليهودية لم يتوقفوا للفحص عن صيغة كلامه الدقيقة بل بدأوا قصفا وجها لوجه لوزير الخارجية هاجم عمله وطلب رأسه.

 

من سوء حظ كيري أن عاصفة الفصل العنصري الناشئة وجدت رب عمله براك اوباما في مؤتمر صحفي في مانيلا وفي وقت عصبي بصورة مميزة حينما كان يصد عن نفسه في نفاد صبر الانتقاد العام المتزايد للسياسة الخارجية التي يُصرفها من الشرق الاقصى الى الأدنى. وقد نتف موظفون في البيت الابيض لم يكونوا أصلا راضين عن استسلام كيري الكامل لعمله ولا عما بدا لهم تفاؤله المفرط، فيما يتعلق باحلال سلام بين اسرائيل والفلسطينيين، نتفوا شعرهم بسبب هفوته المتعلقة بالفصل العنصري. وشجعوه كما قالت مصادر مطلعة على أن يطلب أن تُمحى الكلمة المسيئة من محضر الجلسة.

 

وهكذا تبين أن الاعلان الشخصي غير العادي الذي نشره كيري مساء يوم الاثنين أرضى أعداءه الذين لم يتوقعوا إقالة في الحقيقة وحظوا باذلال لا بأس به بدلا منها. وأرضى المنظمات اليهودية التي تخشى قدرة مصطلح "الفصل العنصري" على سلب الشرعية أكثر وتخشى الانطباع الذي نشأ عن أنها قادرة على أن تُملي على وزير الخارجية الامريكية كلامه، بقدر أقل. وقد أفرح بالطبع معارضي التسوية مع الفلسطينيين الذين يأملون أنهم ربما نجحوا آخر الامر في قمع شهوة كيري السيزيفية لصنع سلام.

 

وبقينا نحن مع مشهد مؤثر في القلب كما يجب أن نعترف لمشجع امريكي واضح آخر أراد أن ينقذ اسرائيل من نفسها فطُحن طحنا دقيقا عوض ذلك وانطبق عليه القول المعروف: "كل فعل صالح يحظى بعقوبة". وبقي الآن أن نرى هل سيدير كيري مثل كاثوليكي صالح خده الآخر أو يفضل السير في الطريق التي اختارها اوباما بعد أن جرب تجربة مشابهة في الشرق الاوسط.

 

* * *