خبر أميركا زرعت.. فحصدت إيران .. علي هاشم

الساعة 05:48 ص|30 ابريل 2014

يوم سقطت بغداد قبل عقد وعام من الزمن، كانت جحافل قوات التحالف الدولي التي احتلت العراق تصول وتجول، وأمامها تقف قائدتها الولايات المتحدة تهدد وتقول ما خلاصته أن زمن التمرد في الشرق الأوسط ولّى وأن عصراً جديدا دخلته المنطقة هو العصر الأميركي.
حينها حكي الكثير عن الدولة التي ستلي العراق، هل تكون إيران أم سوريا، وإن كانت واشنطن بإدارة الرئيس السابق جورج بوش أقرب إلى خيار إيران. بوش كان في أول خطاب «حال الاتحاد» له بعد الحادي عشر من أيلول قد وضع إيران إلى جانب كوريا الشمالية والعراق ضمن ما أطلق عليه تسمية «محور الشر».
كانت تماثيل صدام الحجرية وغير الحجرية تتهاوى على مرأى من العالم كله، أميركا تسود الأرض في أكبر انتصار لها بعد الحرب العالمية الثانية، الجميع في المنطقة يتحسب للآتي.
في طهران تعددت وجهات النظر، بين محافظ يشتاق للمواجهة، وإصلاحي ينادي بالانفتاح، ووجهة نظر ثالثة تقول لا هذا ولا ذاك بل أمر ما بين اثنين، سيؤدي لاحقاً إلى درب ثالث.
بدأت العملية السياسية، والتنظيمات التي والت طهران يوماً أو عاشت بين حناياها تاهت بين الأحضان الأميركية. لم يؤثر ذلك على الدعم السياسي الإيراني لها في الوقت عينه الذي كانت فيه تدعم العمليات العسكرية ضد الأميركيين. كانت النتيجة أن البيض الإيراني توزع بين السلال، ولاحقاً أنتج ما لم يكن في الحسبان.
تقول الحكمة الإيرانية، دعهم يعتقدون ما يعتقدون، ودعهم يبنون على اعتقادهم الخــاطئ ما يبنون، فالبناء القائم على أسس مضعضعة سيسقط حتماً، وهكذا كان.
ظنت الغالبية في المنطقة أن إيران تخسر حلفاءها لصالح واشنطن، وأنها محاصرة من عدوها اللدود من الشرق والغرب، بينما كانت طهران تعمل بصمت على دعم سلطة من تهتم لأمرهم وتعزز وجودهم السياسي والاقتصادي، إلى جانب حضورها على جبهة قتال الأميركيين، تناقض قد يبدو في الشكل، لكنه بالنسبة إلى الإيراني من ضرورات العمل على جبهة بمستوى التعقيد الذي يسيطر على الحالة العراقية.
بعد تسع سنوات من الاحتلال الأميركي للعراق، خرج الأميركيون وحلفاؤهم القادمون من أربع أصقاع الأرض وهم يعلمون علم اليقين أن الرابح الأول على الساحة العراقية كان إيران، التي نجحت في تحويل التهديد إلى فرصة استفادت منها ولا تزال. هكذا تحول العراق من مشروع نظام اعتدال موال للولايات المتحدة، حليف لحلفائها عدو لأعدائها، إلى دولة حليفة لـ«محور المقاومة» وصندوق بريد ديبلوماسي متى اقتضت الحاجة، ورأس حربة في معركة المحاور عند الضرورة، وليس الأمر هكذا حصراً في زمن رئيس الوزراء نوري المالكي.
اليوم، وبينما تفتح صناديق الاقتراع في بغداد والمحافظات العراقية الأخرى، لا يظهر بين المرشحين للفوز بمنصب رئيس الوزراء من قد يكون على خلاف مع إيران، لا مرشح المجلس الأعلى ولا رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم الجعفري ولا نوري المالكي صاحب الحظ الأوفر.
بدورها، لا تعلن طهران جهراً أو حتى سراً من تفضل لرئاسة وزراء البلد الذي خاضت معه أشرس حروبها في ثمانينات القرن الماضي، فالأقوياء هناك كانوا في يوم من الأيام يقاتلون معها هنا ضد صدام حسين.