خبر المصالحة الفلسطينية: عقبات وألغام عدة على الطريق

الساعة 05:37 ص|30 ابريل 2014

محمد يونس

دفعت التطورات الأخيرة في الأراضي الفلسطينية والمنطقة بكل من حركة «فتح» و «حماس» إلى الاتجاه نحو المصالحة، لكن عقبات وألغاماً كثيرة تكمن في كل زاوية من زوايا الطريق نحو إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام الذي بدأ عام 2007، وتجذر عبر منظومة واسعة من المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية والمتناقضة.

ووقعت الحركتان في 23 الجاري على اتفاق لتطبيق اتفاقات المصالحة السابقة، مدفوعتان بتغير خريطة مصالحهما. وتعرضت «حماس» إلى قيود مصرية شديدة بعد تغيير النظام في مصر مطلع تموز (يوليو) العام الماضي جعلتها غير قادرة على أداء أي من مهامها الرئيسة، وفي مقدمها توفير رواتب موظفيها، وتوفير حد أدنى من الخدمات لسكان القطاع، مثل السفر إلى الخارج والكهرباء والسلع.

أما «فتح»، فوصلت إلى قناعة تامة بعدم جدوى المفاوضات مع إسرائيل في تحقيق أي تقدم سياسي، ما جعلها تبحث عن خيارات سياسية أخرى، في مقدمها توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت جناح السلطة الفلسطينية، والعمل على الجبهة الدولية.

وأبدت «حماس» مرونة غير مسبوقة من أجل إتمام الخطوة الأولى من المصالحة المتمثلة في تشكل حكومة من المستقلين والتكنوقراط يقودها الرئيس محمود عباس الذي أعلن جهاراً أنها ستكون حكومته، وأنها ستتبنى برنامجه السياسي القائم على الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف. واكتفت «حماس» بخجل لافت بمعارضة ما أعلنه عباس عن برنامج الحكومة، قائلة إن هذه الحكومة ستهتم بالشأن المحلي، ولن تتدخل في السياسة. لكن فهمها لمهمة الحكومة الذي يتناقض مع ما أعلنه الرئيس عباس لم يجعلها تنسحب من الاتفاق كما حصل سابقا.

وتقول مصادر في «حماس» إن الحركة مستعدة إلى الذهاب بعيداً من أجل تشكيل حكومة مصالحة تتمكن من فتح غزة على العالم، لكن في الوقت ذاته ترى أن الحكومة يجب أن تحافظ على الوضع الإداري والأمني في كل من غزة والضفة على نحو يحفظ مصالح الحركتين الشريكتين في السلطة، «حماس» في غزة، و «فتح» في الضفة.

وإن كانت «فتح» تبدي تفهمها للمصالح الراهنة لـ «حماس» في غزة، إلا أنها ترى أن هذا الوضع يجب ألا يدوم بعد الانتخابات المقبلة. ويشكل ذلك العقبة الأولى في طريق المصالحة، إذ إن «حماس» ترى أن الاتفاق يقوم على الشراكة السياسية بين الحركتين، بينما ترى فيه «فتح» وسيلة لاستعادة قطاع غزة عبر صندوق الاقتراع، مطمئنة في ذلك إلى تردد الجمهور في إعادة انتخاب «حماس» بسبب تعرضها إلى حصار دولي وإقليمي تركها عاجزة عن توفير حتى رواتب موظفيها.

وتضع «حماس» مجموعة من الخطوط الحمر في غزة أمام أي حكومة شراكة وطنية قبل الانتخابات وبعدها، مثل: عدم المس بالتشكيلات العسكرية في القطاع التي تطلق عليها اسم «المقاومة»، وعدم فصل أي من موظفي الحكومة في غزة، وعدم إجراء تغييرات دراماتيكية في تركيبة الجهازين الإداري والأمني للسلطة في القطاع. ويشكل ذلك عقبة ثانية كبيرة في طريق المصالحة لأن «فتح» ترى، والحال هذه، أنها ستعمل على تحمل العبء الإضافي الناجم عن توليها المسؤوليات الحكومية لقطاع غزة، والتي تتضمن إضافة أكثر من 40 ألف موظف جديد إلى قائمة موظفي السلطة المتضخمة أصلاً، من دون أن تتولى الحركة فعلياً إدارة القطاع.

وتتمثل العقبة الثالثة والكبيرة في الشراكة في منظمة التحرير الفلسطينية. فحركة «فتح» التي تقود المنظمة لا تبدي أي استعداد لمنح «حماس» موطئ قدم في المنظمة من دون أن تتمكن فعلياً من إنجاز الخطوات الأولى في المصالحة المتمثلة في تشكيل حكومة مشتركة وإجراء انتخابات عامة، بما يترتب عليها من إدارة فعلية لقطاع غزة لمن يفوز في الانتخابات. وهناك عقبة أخرى كبيرة في دخول «حماس» إلى منظمة التحرير تتمثل في مطالبتها بالاعتراف ببرنامج المنظمة والتزاماتها الدولية التي تتضمن الاعتراف بإسرائيل، وهو ما تعارضه الحركة. وتخشى «فتح» من تعرض المنظمة إلى مقاطعة أميركية وأوروبية في حال انضمام «حماس» إليها من دون أن تعترف ببرنامجها.

ويخشى الكثيرون من أن تتوقف المصالحة عند البند الأول المتمثل في تشكيل حكومة مشتركة، من دون أن تتمكن من الانتقال إلى الخطوات التالية المتمثلة في إجراء انتخابات عامة والشراكة في المنظمة.