خبر خليل أ حمرا .. أول عربي يحصل على جائزة « روبرت كابا » الذهبية

الساعة 10:06 ص|28 ابريل 2014

غزة

“الصورة مهما غلا ثمنها لن تكون أغلى من إنسانيتي.. ففي العدوان الإسرائيلي على غزة أواخر العام 2008، انهرت، بعدما استهدف الطيران الإسرائيلي مدرسة تابعة للأمم المتحدة”.
بهذه الكلمات يلخص خليل الحمرا تجربته في التصوير، التي جعلته مصورا محترفا في ميادين الحروب والأحداث الساخنة.
الحمرا يعد أول مصور عربي يحصل على جائزة الميدالية الذهبية “روبرت كابا”، نسبة إلى مصور الحرب المجري، الذي غطى 5 حروب هي: الأهلية الإسبانية، اليابانية الصينية الثانية، والعالمية الثانية، حرب فلسطين سنة 1948، والحرب الهندوصينية الأولى، وأكمل العام الماضي مشواره مع أهم جائزة صحفية عالمية "بوليتزر" عندما فاز بها عن صوره بتغطية الحرب في سورية.
عايش الحمرا، مصور وكالة أسوشيتد برس (AP)، تجربة الموت أكثر من مرة، ونقل بعدسته مآسي وقصصا تستحق ان تكتب روايات، ولم تخف جرأة العدسة، انهيار صاحبها في مواقف صعبة، حيث يقول “في العدوان الإسرائيلي على غزة أواخر العام 2008، انهرت بعدما استهدف الطيران الإسرائيلي مدرسة تابعة للأمم المتحدة، كان هناك الكثير من الشهداء والجرحى، ويومها التقطت صورة واحدة، ثم ألقيت الكاميرا جانبا، وغادرت إلى مكتب الوكالة وانهمرت بالبكاء”.
في مقابلة مع “الغد”، تحدث الحمرا عن بدايته في التصوير، حيث “لم يكن يدري” أن الصدفة التي قادته إلى دراسة الصحافة والإعلام في الجامعة الإسلامية في غزة، بعد قناعته بأن التجارة غير مجدية، ستجعله فيما بعد مصورا محترفا، لدى أشهر الوكالات العالمية، وليحصد الكثير من الجوائز.
مصور (AP) يستذكر صديقا له، نصحه بأن يدرس الصحافة، فعكف يقرأ عنها أكثر حتى راقت له.  يشير الحمرا، الذي كان يسكن رفح جنوبي قطاع غزة، إلى أول تجربة له مع مؤسسة خاصة، ظل يراسلها 9 أشهر، قبل تخرجه في العام 2001، حيث كان يرسل لها تقريرا صحفيا عن الأحداث الساخنة في القطاع. يقول “حتى تلك اللحظة التي كانت (AP) تبحث عن مصور يوفر لها صورا عن منطقة رفح، لم أكن أفكر بالتصوير الفوتوغرافي، إلا أنني قمت بشراء “كاميرا فيلم”، وبدأت أنزل إلى الميدان لألتقط الصور”.
يضيف “في ذلك الوقت كان التصوير بالنسبة لي هو الضغط على زر الكاميرا فقط”، إلى أن باع أول صورة للوكالة الأميركية، بعد 7 أشهر، وهي صورة لاستهداف مطار غزة.
يتابع “بقيت أبيع الصور حتى حصلت على أول كاميرا ديجيتال، وبدأت أحصل على ثقة مسؤولي الوكالة وإعجابهم، وبدأت أشعر بأهمية الصورة في هذه الأحداث”.
لم يسلم الحمرا من المرور بتجربة الاعتقال من قبل الاحتلال الإسرائيلي، الذي كانت حواجزه تفصل جنوب قطاع غزة عن شماله، يقول “اعتقلت عندما كنت في الطريق لتسلم كاميرا جديدة، وبقيت في السجن 34 يوما”.
ويضيف أنه فوجئ في نهاية العام 2003 بحصوله على جائزة “أفضل مصور في المناطق الساخنة” من قبل الوكالة.
“كانت أول تجربة مع الموت” عايشها الحمرا هي في بداية العام 2004، عندما نجا هو وزميل له من انفجار قذيفة صاروخية أطلقها جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال توغله في جنوب غزة”.
يقول “أصبت بشظايا القذيفة التي قطعت أشلاء مواطنين كانوا مباشرة في مرمى النيران”. ثم عاد في نفس العام ليعايش تجربة أخرى، لكنه نجا من قصف جوي استهدف هدفا على بعد أمتار من مكان تواجده، لكن الانفجار “أفقدني السمع حينها لنصف ساعة، بعد أن ألقاني  مع زميل لي داخل أحد المنازل”.
أكثر الصور التي التقطها الحمرا أهمية بالنسبة له، هي صورة لمجزرة وقعت في نيسان (ابريل) العام 2004 في غزة، وذهب ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، بعد قصف الاحتلال لمسيرة خرجت تندد بالاجتياح الإسرائيلي لجنوب القطاع. وقد حصدت إحدى هذه الصور جائزة من مجلة أميركية نهاية العام.
لكن الحمرا عايش ايضا، في العدوان الإسرائيلي على غزة أواخر العام 2008، أكثر المواقف التي أثرت به، وحفرت عميقا بذاكرته وانسانيته، وهو عندما قصف الطيران الحربي الإسرائيلي أحد المقرات الأمنية، بالقرب من منزله، حيث كان همه قبل الضغط على “زر الكاميرا”، الوصول لمنزله للاطمئنان على زوجته الحامل.
يقول “من الصعب على المصور أن يصور مأساته، كان يعز عليّ مشاهدة الدماء والقتل والظلم، الذي لحق بأبناء هذا الشعب”.
ويلفت إلى أن أكثر صورة تأثر بها في حياته هي لفتاة تبكي أقرباءها، الذين استشهدوا في قصف خلال حرب غزة، أمام منزلهم، “خرجت من الباب ففوجئت بأشلائهم متناثرة في الشارع”.



خليل
نهاية العام 2009 اتصلت وكالة (AP) بالحمرا، لتبلغه بأن إحدى صوره في حرب غزة فازت بجائزة “روبرت كابا” العالمية، وكان أول عربي يحصل عليها، فيما كانت الوكالة حصلت على هذه الجائزة آخر مرة في العام 1975.
في مصر، شارك الحمرا في تغطية “ثورة 25 يناير”، التي بدأت بعد أسابيع قليلة من انتقاله إلى العمل في مكتب الوكالة بالقاهرة، مشيرا إلى أنه أصيب خلال تغطيته أحداث الثورة في ميدان التحرير والإسكندرية.
ويصف “مصور المناطق الساخنة” تجربة سورية بأنها “كانت الأكثر خطرا لي”، مشيرا إلى أنها كانت “منطقة صعبة وغير مفهومة من حيث الصراع والقتال الدائر هناك”.
ويؤكد أن ما شجعه على الذهاب إلى سورية والمشاركة بتغطية أحداثها، في مناطق إدلب وحلب لنحو 3 أشهر متفرقة، هو مشاهدة صور الضحايا من الأطفال في إحدى المجازر، موضحا أنه كان يرى أبناءه في هؤلاء الأطفال.
ولا يخفي الحمرا، الذي يحمل في رصيده أكثر من 16 جائزة عالمية، في التصوير، أن “الصورة مهما غلا ثمنها لن تكون أغلى من إنسانيتي”، ليعلن دون تردد “فلتسقط الصورة إذا كانت هنالك حياة إنسان في خطر، وكنت أنا الوحيد القادر على مساعدته”.

- الغد