خبر قراءة أولية لإعلان المصالحة .. نبيل عمرو

الساعة 06:42 ص|26 ابريل 2014

أعلن في غزة عن اتفاق جديد لتفعيل الاتفاقات القديمة، وأشهرها اتفاقات القاهرة والدوحة، ومع أن المواضيع التي تؤكد استعادة الوحدة، ما يزال بعضها مستبعدا عن البحث والبعض الآخر غامضا، إلا أن أفضل ما حدث حتى الآن هو المحاولة والدخول في امتحان التطبيق.

دوافع الإعلان في غزة أصبحت واضحة ومفهومة. فالمصريون يريدون ترتيبات أكثر استقرارا في غزة، تغلق ولو جزئيا باب قلق مزعج، وهم ليسوا بحاجة إلى المزيد من القلق. والسلطة في رام الله، بحاجة إلى نقلة من هذا النوع، لعلها تنفع في موازنة التردي الخطير لمشروع السلام مع إسرائيل. وحماس التي عانت - وما تزال - انحسار دائرة الحلفاء وقسوة الحصار، وعصف الحرب المصرية الجذرية ضد الإخوان المسلمين، هي أيضا بحاجة إلى نقلة من هذا النوع لعلها تلطف الأجواء مع مصر، وتمنحها فترة ثمينة لترتيب أوضاعها، وكيفية مشاركتها سلبا أو إيجابا في التطورات المقبلة.

إذن، فما حدث بالضبط، هو اجتهاد من جانب فتح وحماس لمعالجة مأزقيهما، والتخفيف من تأثيرهما القوي على وضعهما كل في دائرة نفوذه، وبوسعنا القول إن ما حدث أمر بديهي، فحماس وفتح بحاجة إلى درء اتهامهما بأنهما يفضلان مصالحهما الخاصة كفصائل على وحدة الوطن، بعد أن استمر الانقسام سنوات طويلة، وإعلان المصالحة من شأنه أن يخفف هذا الاتهام.

الشارع الفلسطيني الذي فقد حماسته لكل جهد يتعلق بالمصالحة، غير متأكد من جدية التطبيق، ويسوق أمثلة تعزز شكوكه، مثل... أن اتفاقات كثيرة جرى إعلانها والاحتفاء بها، كاتفاق صنعاء الذي انهار بعد خمس دقائق، ثم اتفاق القاهرة ثم الدوحة ثم أخيرا مخيم الشاطئ المنوط به إنجاح جميع ما أخفق سابقا. وقبل كل هذا، كان اتفاق مكة.

ومع أن الفلسطينيين تواقون إلى الوحدة ومجمعون على وعي أهميتها، وخصوصا في هذه الظروف الصعبة، إلا أنهم وبحسن نية سجلوا اتفاق مخيم الشاطئ تحت بند الاختبار.

هذا الاتفاق المعلن، جاء عشية انعقاد المجلس المركزي، الذي هو على نحو ما برلمان منظمة التحرير، في حال عدم انعقاد البرلمان الشرعي وهو «المجلس الوطني»، ولا شك في أن هذا المجلس سيؤيد الاتفاق ويعتبره خطوة تاريخية نحو استعادة الوحدة وتحقيق الأهداف الوطنية. إلا أن ما ينبغي أن ينتبه إليه هو رد الفعل الأميركي والإسرائيلي على ما تم، فالإسرائيليون قاموا بقصف غزة بعد دقائق من إعلان الاتفاق، ومع أنهم يقصفون بلا هوادة وباستمرار، إلا أن الواقعة بدت كما لو أنها أعلى مستويات الاعتراض الإسرائيلي على ما جرى، وحين ينشر هذا المقال اليوم يكون مجلس الوزراء المصغر الإسرائيلي الذي يناقش عادة الأمور بالغة الأهمية، قد أعلن عن إجراءات عقابية، كان قد أعلن عن مثلها حين ذهبت منظمة التحرير إلى المحافل الدولية.

أما الأميركيون، الذين رأوا في إعلان مخيم الشاطئ انتكاسة لجهودهم اليائسة في إنقاذ مشروع السلام الفلسطيني - الإسرائيلي، فقد أعادوا الأمور إلى مربعاتها السياسية الأولى، مطالبين أي حكومة فلسطينية تشارك فيها حماس أو لا تشارك، بتأكيد الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف، وهذان شرطان كانا وضعا منذ دخول حركة حماس الحياة السياسية الفلسطينية عبر الانتخابات التشريعية، ولم تقبل بهما حماس، وعلى الأرجح أو بالتأكيد فلن تقبل.

لقد حاول الرئيس محمود عباس تهدئة ردود الفعل الأميركية والإسرائيلية، بإعلانه أن التقارب مع حماس لا يعني إدارة الظهر لإسرائيل. وإذا كان سيجد بعض تفهم أميركي، إلا أن القيادة السياسية في إسرائيل بصقورها وحمائمها، لن تتفهم هذا الموقف، بل إن الحكومة اليمينية ستتخذ من إعلان مخيم الشاطئ ذريعة لمزيد من التنكيل بالفلسطينيين، بدءا من إجراءات إضافية عقابية ضد السلطة في رام الله، إضافة إلى إجراءات لا تقل قسوة ضد غزة.

وبوسعنا القول إن تغييرا مهما طرأ على المشهد العام، سيؤثر بصورة مباشرة على كافة الملفات المكونة للوضع السياسي، وهنا يحتاج الأمر إلى متابعة لما ستفعله إسرائيل والولايات المتحدة كرد فعل على ما حدث.