خبر فرصة بالذات -هآرتس

الساعة 08:49 ص|24 ابريل 2014

فرصة بالذات -هآرتس

بقلم: براك ربيد

(المضمون: حكومة اسرائيلية تريد ان تدفع قدما بحل الدولتين كان ينبغي لها أن تفرح أمس وأن ترى في اتفاق المصالحة بين حماس وفتح فرصة وليس تهديدا - المصدر).

 

لم تمر سوى دقائق من لحظة صدور الانباء الاولى عن الاختراق في الاتصالات بين حماس وفتح عن اتفاق المصالحة الرامي الى انهاء الانقسام الذي يمتد لسبع سنوات بين قطاع غزة والضفة الغربية، حتى خرج مكتب رئيس الوزراء بهجوم على كل الجبهات. فقد نقلت رسائل الى الوزراء، وامطر المراسلون بالرسائل القصيرة فيما صبت حسابات التويتر والفيسبوك لمكتب نتنياهو النار والبارود. وبالغ في عمله الناطق بلسان نتنياهو لوسائل الاعلام العربية، اوفير جيندلمان حين

تضمنت تغريداته على التويتر تصريحات حماسية ما كانت لتخجل موعظة يوم الجمعة لرئيس وزراء حماس اسماعيل هنية، في المسجد في غزة. ففي احدى التغريدات قال جيندلمان، بالعربية، ان اسرائيل يمكنها أن "تقصف" فتح وحماس معا إن شاءت.

 

وكانت حماسة نتنياهو ورجاله متوقعة. فهذا رد فعل شرطي آخر لحكومة اسرائيل على التغيير الجاري في الشرق الاوسط. فمثلما مع سقوط مبارك في مصر، انتصار روحاني في الانتخابات في ايران، او الاتفاق المرحلي بين القوى العظمى وايران على البرنامج النووي، هذه المرة أيضا كان رد الفعل الاسرائيلي سلبيا، بث الفزع ورأى في كل تغيير في الوضع الراهن تهديدا وليس فرصة.

 

ولم يكن رد الفعل متوقعا فقط بل وكان مزدوج الاخلاق ايضا. ففي السنوات الخمسة الاخيرة التي جلس فيها نتنياهو على الكرسي في المبنى في شارع كابلان 3 في القدس أدار مفاوضات مع حماس، كانت أطول، أكثر جدية ومع قدر أكبر من النية الطيبة مما مع عباس. ولمن نسي، فقد حقق نتنياهو اتفاقين مكتوبين مع المنظمة الارهابية الغزية – مرة في صفقة لتحرير الجندي المخطوف جلعاد شاليط ومرة ثانية في وقف النار الذي أنهى حملة عمود السحاب.

 

نتنياهو، الذي اعتصر عباس على تحرير 80 سجينا متقاعدا أمضوا أكثر من 20 سنة في السجن، وأدى الى تفجير المفاوضات برفضه تحرير 14 سجينا عربيا اسرائيليا، كان مستعدا لان يعطي حماس الف مخرب قوتهم في متنهم، وبينهم عرب اسرائيليون ايضا. وتصرف ببخل ورفض اعطاء عباس كل مؤشر على السيادة في الضفة الغربية، ولكنه لم يتردد في الاعتراف بحماس كصاحبة السيادة في غزة.

 

من حطم أمس الارقام القياسية في الازدواجية الاخلاقية كانت تسيبي لفني، التي اضافت شريحة اخرى من نسغ النجارين الى الكرسي الذي تجلس عليه في وزارة العدل. فقد استقامت لفني في الخط مع نتنياهو وفي مسرحية رائعة من دحرجة العيون ادعت بان اتفاق المصالحة الفلسطيني "يمس بمساعي السلام وبالفرصة الناشئة مؤخرا فقط". ونسيت لفني القول انه حتى لو كانت المفاوضات حظيت باحياء مؤقت، فان هذا لم يكن سوى استمرار لمحادثات عابثة شاركت فيها في الاشهر الثمانية الاخيرة.

 

ان حكومة اسرائيلية تريد ان تدفع قدما بحل الدولتين كان ينبغي لها أن تفرح أمس وأن ترى في اتفاق المصالحة بين حماس وفتح فرصة وليس تهديدا. فبعد كل شيء، كان نتنياهو، افيغدور

 

ليبرمان ورفاقهما في الحكومة هم الذين ادعوا بان عباس لا يمثل كل الجمهور الفلسطيني وانه لا يمكن التقدم حين تكون السلطة الفلسطينية لا تسيطر في غزة. اتفاق المصالحة، اذا ما نفذ، سيعطي جوابا لهذه الادعاءات بالضبط، وينتج حكومة تمثل كل الفلسطينيين.

 

ان اتفاق المصالحة هو فرصة، إذ لعل الضائقة العميقة التي تعيشها حماس ستلزم المنظمة بتغيير الاتجاه، مثلما حصل لياسر عرفات وم.ت.ف بعد حرب الخليج. فاتفاق المصالحة يتضمن انضمام حماس الى م.ت.ف وقبول مبادئها، بمعنى: الاعتراف باسرائيل وقبول اتفاقات اوسلو وخريطة الطريق. ومعنى الاتفاق هو أن حماس أيضا مستعدة، للمرة الاولى، للتخلي عن جزء من سيطرتها في قطاع غزة في صالح حكومة وحدة.

 

ان تنفيذ اتفاق المصالحة معناه ايضا انتخابات جديدة للرئاسة والبرلمان الفلسطيني، لم تعقد منذ سنين. في ضوء وضع حماس المتضعضع في الرأي العام الفلسطيني، ولا سيما في قطاع غزة، فان الانتخابات ستؤدي الى انخفاض في قوتها السياسية. والانتخابات الجديدة كفيلة بان تمنح تفويضا متجددا للرئيس عباس او السماح للمتنافس الاخر بان ينتخب بدلا منه، فيحظى بشرعية جماهيرية أوسع ويصبح شريكا مصداقا، قويا وأكثر استقرارا.