خبر الفرق بين الشوامرة ومزراحي- هآرتس

الساعة 08:35 ص|20 ابريل 2014

بقلم: جدعون ليفي

كانا ضحيتي ارهاب قاتل: فهما بريئان أطلقت النار عليهما من كمين. كان الاول فتى ذهب لقطف نبات يؤكل لاطعام عائلته، وكان الثاني ضابط شرطة كبيرا سافر مع أبناء عائلته للاحتفال بالعيد في مستوطنة. قُتل الفتى لأنه حاول بحسب زعم قاتليه (الذي يبدو أنه كاذب) أن يخرب في جدار الفصل الذي يفصل قريته عن اراضي عائلته، وقتل الضابط لأن قاتليه رأوه محتلا يسافر في ارض محتلة وكأنها له.

إن الزعمين لا يسوغان ألبتة قتلهما. فقاتلو الفتى اطلقوا عليه نار القناصين دون أن يعرض أحد لخطر. وقاتلو الضابط أطلقوا النار في كل اتجاه وقتلوه مُعرضين للخطر حياة سائر الركاب معه دون أن يُعرض هؤلاء حياة أحد للخطر. وخلف الاثنان الفتى والضابط وراءهما عائلتين ثاكلتين متألمتين مصدومتين. وقد قُتلا على مبعدة بضعة كيلومترات بعضهما عن بعض في جنوب جبل الخليل وعلى مبعدة بضعة اسابيع بين قتل وقتل. قتل مخرب فلسطيني المقدم باروخ مزراحي وقتل جندي اسرائيلي يوسف الشوامرة. وكان قتلهما آثما بالقدر نفسه.

تجري مطاردة كثيفة لقتلة مزراحي اشتملت على ضرب حصار على بلدة كاملة واعمال تفتيش من بيت الى بيت. وينبغي أن نفرض أن قاتله سيُمسك ومرسلوه ايضا إن وجدوا وسيحكم عليهم بالسجن المؤبد. أما قتلة الشوامرة ومرسلوهم فلا حاجة الى مطاردتهم فهم جنود من الجيش الاسرائيلي وقادتهم من الكتيبة المدرعة 77، هويتهم معلومة جيدا لكن لا أحد يفكر في محاكمتهم على ما اقترفته أيديهم.

لم يكد يحظى الشوامرة القتيل الذي كان في الرابعة عشرة من عمره حينما مات بتغطية اعلامية من وسائل الاعلام الاسرائيلية. أما مزراحي القتيل إبن السابعة والاربعين حين موته فحظي بتغطية اعلامية عظيمة المقدار. ويجب أن نقف عند هذه التغطية كي نفهم اجهزة غسل الأدمغة التي تُفرق عندنا بين دم ودم وبين ضحية وضحية وبين قتل وقتل. ونؤكد أن القتيل الاسرائيلي يجب أن يحظى بتغطية اعلامية أوسع وأكثر عطفا من وسائل الاعلام الاسرائيلية من القتيل الفلسطيني. فهذه هي سنة العالم وهذه هي سنة وسائل الاعلام ولا سيما تلك القائمة على تأجيج الغرائز والمخاوف والمشاعر وعلى الحفاظ على "موقد القبيلة". لكن يصعب ضبط النفس بازاء الانصباب الاعلامي على موت المقدم مزراحي الفظيع والتجاهل الاعلامي لموت الشوامرة الذي لا يقل عنه فظاعة.

إن قتل مزراحي بُدئت به بالطبع نشرات الاخبار التي أظهر مقدموها وجوه الأسى الآلي، وملأت تغطية جنازته الرسمية الصفحات الاولى طولا وعرضا. ما الذي لم يُكتب فيه وما الذي لم يُقل؟ "أين أبي، أفي السماء؟"، صرخ العنوان الرئيس في صحيفة "يديعوت احرونوت"؛ "في الثامنة من عمره فقط ويتلو صلاة الجنازة على أبيه"، في العنوان الرئيس من صحيفة "اسرائيل اليوم". و"القلب تمزق"، و"فقدت حب حياتي"، و"الأم هداس تعلم أنها يجب أن تكون قوية"، و"إيتي يسأل متى سيمسكون بالمخرب"، و"عملية القتل في الخليل – الى أين يتجهون من هنا". واتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو السلطة الفلسطينية بالتحريض على القتل، واتُهمت مجموعة من اعضاء الكنيست التقت مع عباس وقت الجنازة بالخيانة تقريبا واتُهم عباس بأنه يندد بالقتل "في الغرف المغلقة" فقط.

وماذا عن الشوامرة؟ في جنازته ايضا وقف اولاد وبكوا، وتمزقت قلوب ناس آنذاك ايضا، وقد هُدم عالم أمه ايضا – فقد كان حب حياتها ايضا – ويريد أبوه ايضا أن يُمسك قتلته ويحاكموا. لكن لا أحد خطر بباله ولا الفلسطينيين ايضا أن يتم وقف المحادثات بسبب قتله، ولم يتجرأ عباس لسبب ما على اتهام نتنياهو بالتحريض الذي أفضى الى قتله. وماذا عن نتنياهو؟ لم يندد بقتل الولد حتى ولا "في الغرف المغلقة". ولم يطلب أحد منه ذلك فهو رئيس حكومة الشعب المختار والقائد الأعلى لجيش الاخلاق.

أُرقدا في سلام يا باروخ مزراحي ويوسف الشوامرة. فكلاكما ضحية عبث مشابهة لأختها لارهاب قاسٍ يطلق النار على أبرياء فيُرديهم قتلى.