خبر إسرائيل دولة أبارتهايد ! ..عبدالله أبو شرخ

الساعة 06:22 م|19 ابريل 2014

لا يعتبر حل إقامة دولة فلسطينية على 13 % من فلسطين التاريخية إلا ترسيخاً للظلم والإجحاف بحق الشعب الفلسطيني، فالمساحة التي ظلت فارغة في الضفة الغربية معزولة عن بعضها بمستوطنات وطرق التفافية تخص المستوطنات ولا يسمح للفلسطينيين باستخدامها، علاوة على أن الواقع الديموغرافي يؤكد أن عملية الفصل بين الشعبين على الأرض تكاد تكون مستحيلة، كما أن اليمين الصهيوني قد نجح من خلال سطوته ونفوذه وتفرده بالسلطة من مضاعفة الاستيطان عشرات المرات حتى مزقت المستوطنات جسد الضفة الغربية بالكامل !

حل الدولتين وبرغم من القوة التي اكتسبها نظراً لغياب آفاق التعايش بين الشعبين على نفس الأرض، يقوم أساساً على فصل عنصري. نحن هنا .. وهم هناك، هو وصفة لاستمرار صراع ربما أكثر دموية وأشد إيلاماً من ذي قبل.

عند زيارة البروفيسور إدوارد سعيد للضفة الغربية عام 1999 شاهد بأم عينيه حجم الاستيطان والطرق الالتفافية التي يمنع الفلسطينيون من استخدامها، عاد إدراجه إلى الولايات المتحدة لينشر كتابه ( نهاية عملية السلام / 2000 ) الذي منع توزيعه ياسر عرفات بمرسوم رئاسي ! فلماذا أصر عرفات على المضي قدماً رغم نهاية المرحلة الانتقالية دون التوصل إلى أي اتفاق حول المفاصل الرئيسية ؟؟ هل كانت الانتفاضة الثانية ضرورية ؟؟! ماذا حققت مقابل آلاف الشهداء ومئات المنازل وعشرات الآلاف من اليتامى والثكالى والأرامل ؟؟!

ما لم أتمكن من فهمه على الإطلاق هو تلك التعبئة " الوطنية " التي كانت تحرص منظمة التحرير على ضخها في الإعلام بشكل متواصل حيث كانت تعتبر أن تشكيل ( سلطة تحت الاحتلال ) يعتبر خيانة وطنية عظمى عقوبتها " القتل " بكاتم الصوت ؟؟! نتساءل، فيم قتل الحاج هاشم الخزندار في غزة في الثمانينات؟؟؟ ولماذا قتل ظافر المصري في نابلس ؟؟! ولماذا خونتم روابط القرى ؟؟! أليس لأن جميع هؤلاء كانوا ينسقون من أجل سلطة إدارة مدنية " تحت الاحتلال " ؟؟!

إن الموافقة على شطب حق العودة مقابل 13 % من فلسطين على مناطق متناثرة هو أمر يحتاج من كافة فصائل ومنظمات ومؤسسات الشعب الفلسطيني إلى وقفة تقييم لضرورة وجود سلطة تحت الاحتلال يقاضيها جزءا مؤثراً من ميزانية الرواتب.

إن مستقبل هذه البلاد هو التعايش السلمي ضمن التعدد القومي الموجود على قاعدة الولاء للإنسانية وليس للزعيم المستبد أو الطاغية أياً كانت القومية التي يختفي تحتها، فالشرفاء والأحرار في العالم لا وطن لهم وهم موجودون في كل مكان.

البروفيسور مقدسي المولد وعالمي المكانة، إدوارد سعيد، لم يكن خائناً أو مفرطاُ بحقوق اللاجئين، بل كان يدعو إلى عودتهم إلى بلداتهم وقراهم ومدنهم التي هجروا منها عشية النكبة وفق القرار 194، رفض اتفاق الذل والهزيمة في أوسلو وعاد إلى تبني خيار الدولة الواحدة ثنائية القومية. هذا الخيار مطروح منذ عشرينات القرن الماضي، وتم رفضه في حينها لأسباب تتعلق بالتعنصر لصالح الهوية القومية أو لنقل بلا أسباب مقنعة، وهذا شاعر المقاومة الأول محمود درويش يتراجع بعد حصار الراحل عرفات في المقاطعة عن قصيدته الأثيرة ( اخرجوا من أرضنا من بحرنا من برنا .. ) ليطالبهم بالتعايش والحوار والسلام الحقيقي فنراه يقول ( السلام هو الاعتراف علانية بالحقيقة .. ماذا صنعتم بطيف القتيل .. السلام هو الانصراف إلى عمل في الحديقة .. ماذا سنزرع عما قليل ! ).

بالطبع دعاة حل ( الربع دولة ) يتساءلون ( لمن سيكون الحكم في هذه الدولة الواحدة ؟ ) والإجابة هي أن الدولة الواحدة لن تتحقق أصلاً مع وجود وتفشي التفكير العنصري الصهيوني الذي يعتبر نفسه ( شعب الله المختار ) وأن ( الله قد منحهم أرض فلسطين ) ( رغم عدم إيمانهم بأي إله ) !!

يجب مواجهة العنصرية الصهيونية فكريا وثقافياً وإعلامياً، ويجب دعوة شعوب العالم الحر والمتمدن إلى مقاطعة دولة الأبارتهايد الصهيوني حتى إسقاطها كما سقط التمييز العنصري في جنوب أفريقيا.

ينبغي على منظمة التحرير ( إن بقي منها شيء ) أن تعمل على حل السلطة وإعلان فشل حل الدولتين لأن القوى الصهيونية لن تنسحب من أراض تعتبرها " توراتية "، بل هي قامت بالفعل بنهب الأرض لتقيم عليها عشرات المستوطنات الأمر الذي يجعل من فرضية الدولتين مجرد مزحة ثقيلة.

إن الدولة الصهيونية القائمة الآن هي بلا حدود معلنة، ولكن مجال سيطرتها الحيوي يمكن حصره بأراض الـ 48 والضفة وغزة والجولان ومزارع شبعا اللبنانية المحتلة. إنها دولة أبارتهايد عنصري بكل معنى الكلمة، فرغم وجود سلطة في رام الله وسلطة في غزة، إلا أن المناطق المحتلة ( الضفة وغزة ) تعتبر السوق الأول لمنتجات إسرائيل الصناعية والزراعية، كما أن العملة المتداولة في غزة والضفة هي الشاقل الإسرائيلي ( عملة كنعانية ؟ ). هذا الأبارتهايد يختفي خلف غمامة وجود سلطتين وحكومتين " تحت الاحتلال " يوهمان العالم بوجود كينونة فلسطينية زائفة جعلها حصار غزة ومستوطنات الضفة بلا أي معنى، وعملية مفاوضات عقيمة بلا نهاية ولا أساس منطقي، فالصهيونية لن تنسحب من الضفة ولا القدس لأسباب ودعاوى عقائدية. الإرهابي إسحق شامير قال ذات مرة ( سأفاوض الفلسطينيين مائة عام ولن يحصلوا على شيء ) فهل كانت زلة لسان أم أنها الحقيقة فعلاً ؟؟!

على الأخ أبو مازن أن يعمل على حل السلطة وتسليم أمر السكان في الضفة وغزة للأمم المتحدة، وعلى الشعب الفلسطيني أن يكافح من أجل محاصرة ومقاطعة دولة الأبارتهايد العنصري تمهيداً لإسقاط آخر عنصريات التاريخ من أجل إقامة الدولة الديمقراطية الواحدة مع عودة جميع اللاجئين فوق القرار 194 .. العودة والتعويض !