خبر قبل أن نصبح مجاذيم -يديعوت

الساعة 08:44 ص|17 ابريل 2014

بقلم: رونين بيرغمان

(المضمون: بدأ العالم يضيق ذرعا باحتلال اسرائيل الذي يُذكر العالم بنظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا ويحسن أن يتنبه أقطاب السياسة الاسرائيلية الى ذلك - المصدر).

تُعد قيادة الجبهة الداخلية نفسها للحرب القادمة بسلسلة وسائل احداها التحذير بالهواتف الخلوية من سقوط صواريخ. وبين فينة واخرى في السنة الاخيرة، وفي الرحلات الى الخارج خاصة، يُبعث هذا النظام حيا ويرسل الى هاتفي الخلوي مجموعة من الارقام الغريبة، وقد وجدني هذه المرة في استراليا التي ربما تكون الدولة الاكثر سكينة في العالم التي ليس من المعقول أن يحدث فيها سقوط صواريخ. بيد أنه فيما يتعلق باسرائيل يمكن أن نلاحظ في جنة عدن هذه في الاشهر الاخيرة حالة تحذير حقيقي واضح.

 

كانت استراليا دائما واحدة من أكثر الدول وداً في العالم لاسرائيل بفضل التأليف بين البعد الجغرافي وجماعة ضغط يهودية عظيمة القوة وعقلية مستقلة برائحة بريطانية لكن دون تأثير جماعة الضغط العربية. وبدأ شيء ينكسر حتى هنا.

 

في 10 شباط أذيع في قناة "إي.بي.سي" المحلية تقرير "عدل بارد كالحجر" عُرف بأنه "تحقيق خاص"، ووصف تنكيلا منهجيا من جهاز الامن الاسرائيلي باولاد صغار: اعتقالات جماعية لاولاد دون سن العاشرة تحت جنح الظلام، واستعمال كلاب صيد، وتعذيبات جسمية ونفسية فظيعة تشمل ضربات كهربائية وغير ذلك. والحديث عن وثيقة تلفزيونية مقنعة جدا يبدو أنها تعتمد على شهادات ميدانية ويقويها اسرائيليون منهم اعضاء "نكسر الصمت" ومحامون يمثلون معتقلين فلسطينيين. وتُتمم خطبة دانييلا فايس خلاصة "التحقيق" – وهي أن اسرائيل لا تستعمل فقط وسائل عنيفة على الفلسطينيين بل تستعمل طرق قمع لاولاد بغرض طرد السكان الفلسطينيين من المناطق. ونشرت أصول التقرير بصورة موازية في الصحيفة الواسعة الانتشار "الاسترالي".

 

الحديث في واقع الامر عن تقرير كاذب فظيع يتصل في أعماقه بشهوة اليهود لدم الاولاد مما كان موجودا في معاداة السامية في العصور الوسطى. يوجد الكثير مما تتهم به اسرائيل فيما يتعلق باحتلال المناطق لكن حتى نحن غير متفرغين لكل نقل. بيد أن التقرير المنشور أثار عاصفة كبيرة لم تهدأ منذ ذلك الحين ونشرت في الاسبوع الماضي مذكرات بوب كارل وزير الخارجية الاسترالي السابق التي زادت الوقود على الموقد ايضا. فقد وصف كارل السياسة الاسترالية الخارجية فيما يتعلق باسرائيل بأنها "مخجلة"، و"ليكودية"، و"مثل جزر المارشال" تخضع لتأثير حاسم بأمر تقريبا من جماعة الضغط اليهودية المحلية الثرية.

 

وأصيبت الطائفة اليهودية في استراليا بصدمة. وأخذت وسيلتا اعلام مركزيتان وقفتا الى جانب اسرائيل في أحلك ساعات الانتفاضة ايضا، تنشران اتهاما شديدا جدا يتعلق بالاولاد الفلسطينيين، وكل جهود رؤساء الطائفة لمنع النشر ذهبت أدراج الرياح. ويمكن أن نتحدث ايضا عن الرد المتلعثم غير الحازم بقدر كاف للجيش الاسرائيلي ووزارة الخارجية اللذين لم يستطيعا ادراك كبر الضرر. لكن ليس هذا هو الدرس المركزي. إن الدرس المهم هو أنه حتى في اماكن مناصرة جدا أخذ الامر كله يصبح ضدنا. وليست المشكلة في التسويق بل في المنتوج وهو الاحتلال. فما عاد يمكن بيع العالم هذا المنتوج بعد الآن. وحينما يكون الحديث عن منتوج فاسد من البداية تحدث ظاهرتان مصاحبتان شديدتان أخريان وهما أن كل منتوج يأتي من ذلك المنتج، أعني اسرائيل، ينسب

 

فورا الى نفس المصنع الاشكالي ويمكن أن تلصق بالمنتوج الفاسد ايضا امور لم توجد ولم تكن مثل التحقيق مع الاولاد.

 

إن هاتين الحادثتين في استراليا يجب أن تكونا مثالا لعدم التسامح مع الاحتلال، وتوجه المجتمع الدولي نحو اسرائيل يُذكر بقدر كبير بمعاملة نظام حكم الفصل العنصري في جنوب افريقيا. وقد انهار هذا النظام في 1992 بعد أن أصبح مجذوما ومنبوذا، لكن كان يمكن أن نلاحظ في منتصف ثمانينيات القرن الماضي اشارات واضحة الى أن العالم قد ضاق ذرعا ببساطة بالاستبداد العنصري للاقلية البيضاء. ووجد آنذاك غير قليل من الخبراء والصحفيين والساسة الذين تنبأوا بأن نظام الفصل العنصري سينتهي الى الانهيار، لكن رؤساء دولتين زعموا خلاف ذلك وهما جنوب افريقيا وحليفتها اسرائيل.