خبر الأسرى الفلسطينيون .. بين الألم والأمل .. بقلم: رضوان أبو جاموس

الساعة 07:02 ص|17 ابريل 2014

يحيي الشعب الفلسطيني في 17 نيسان من كل عام ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، تكريماً للأسرى الفلسطينيين وتعبيرا عن حالة التضامن الشعبي مع قضيتهم العادلة، حيث دأب الفلسطينيون على إحياء هذه الذكرى منذ 17 أبريل 1974 وهو اليوم الذي أطلق فيه سراح أول أسير فلسطيني محمود بكر حجازي في أول عملية لتبادل الأسرى بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي.

تعتبر قضية الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال محط إجماع وطني وشعبي، كيف لا وقد بلغ مجموع الأسرى الذين خضعوا للاعتقال منذ احتلال الضفة وقطاع غزة أكثر من 800,000 ألف فلسطيني، ولا زال قرابة (5000) منهم قيد الاسر موزعين على قرابة عشرين معتقلاً.

ويتواجد حاليا في سجون الاحتلال الإسرائيلي 17 أسيرة فلسطينية في مقدمتهن عميدة الأسيرات الأسيرة لينا الجربوني التي تقضي حكما بالسجن عشرين عاما أمضت منها 12عام، والمجاهدة الصابرة نوال السعدي "أم ابراهيم" زوجة القيادي في الجهاد الاسلامي الشيخ بسام السعدي التي فقدت اثنين من ابنائها شهيدين خلال معركة جنين 2002م، والمجاهدة منى قعدان شقيقة القيادي طارق قعدان، حيث يخضعن لظروف اعتقاليه قاسية وسط تجاهل المجتمع الدولي لمعاناتهن .

ولم تتوان دولة الاحتلال التي تنتهك كافة الاعراف والمواثيق الدولية عن اعتقال الأطفال الفلسطينيين، حيث اعتقلت مئات الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة ، ويتواجد حاليا في سجون الاحتلال الإسرائيلي قرابة (300) أسير من الأطفال، ناهيك عن أنه مورس بحق هؤلاء الأطفال شتى أساليب التعذيب والمخالفات الجسيمة التي تتعارض مع اتفاقيات حقوق الطفل الدولية.

وتتوالي فصول المعاناة التي يعيشها قرابة خمسة ألاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الصهيوني بشكل بات يهدد حياة الكثير منهم بالخطر، خصوصاً الأسرى المرضى والذين يتوقع الكثيرون أن يداهمهم خطر الموت الوشيك في ظل تلكؤ سلطات الاحتلال لتنفيذ مطالبهم بالإفراج عنهم أو تقديم العلاج اللازم لهم رغم التدهور الحاد الذي طرأ على أوضاعهم الصحية وفي مقدمة هؤلاء الأسرى معتصم رداد ويسري المصري الذين يعيشان أوضاعاً صحية تتجه نحو مزيد من التردي.

هذا علاوة على الاعتقال الإداري "السيف المسلط" الذي يواجه الأسرى الفلسطينيين، وهو عقوبة بلا تهمة , يتم بموجبه اعتقال الأسير دون محاكمة ودون إعطاء الأسير أو محاميه أي مجال للدفاع بسبب عدم وجود أدلة إدانة واستناد قرارات الاعتقال الإداري إلى ما يسمى "الملف السري" الذي تقدمه أجهزة المخابرات الاحتلالية الإسرائيلية.

 

ويعاني الأسرى داخل السجون من انتهاكات قمعية وعنصرية تمارسها ما تسمى "إدارة مصلحة السجون" ومن أبرز تلك الانتهاكات سياسة الإهمال الطبي التي راح ضحيتها عدد من الشهداء ناهيك عن الأسرى المرضى والجرحى الذين بحاجة إلى إجراء عمليات جراحية وعناية صحية مكثفة، وهناك العديد من الأسرى المصابين بأمراض صعبة كالسرطان والقلب وأمراض الرئة والكلى وأمراض العمود الفقري، ومنهم من ينتظر الموت البطيء كالأسير معتصم رداد ويسري المصري وغيرهم.

ناهيك عن سياسة التفتيش العاري للأسرى وذويهم، واقتحام غرف المعتقلين بشكل استفزازي من قبل وحدة خاصة من الشرطة العسكرية الإسرائيلية تسمى (وحدة نحشون)، بهدف إرهاق المعتقلين والضغط عليهم عصبياً ونفسياً وحرمانهم من الاستقرار والراحة حتى أثناء نومهم، وتقليص المواد الأساسية المقدمة للأسرى إلى أكثر من النصف وفرض الغرامات المالية على الأسرى .

وعلى وقع هذه المعاناة يواصل الأسرى نضالهم ومعركتهم المتصلة ضد سياسات مصلحة السجون من خلال ما يطلق عليها الفلسطينيون معركة الأمعاء الخاوية التي فجرها الأسير المحرر الشيخ خضر عدنان وسار على خطاه الأسير بلال ذياب وهناء الشلبي في مواجهة ظلمة السجن وقهر السجان الصهيوني الذي يتربص بالأسرى في كل وقت وحين وسط تأكيد من الأسرى على مواصلة معركتهم حتى تحقيق مطالبهم وأقلها تحسين ظروف اعتقالهم وإنهاء سياسة العزل الانفرادي.

وبينما يتسع نطاق الانتهاكات الصهيونية بحق الأسرى واستمرار المواجهة في السجون تتعالي النداءات والأصوات المطالبة بتصعيد الفعاليات التضامنية نصرة للأسرى والتأكيد على وقوف الشارع الفلسطيني إلي جانبهم ومن هنا كانت مشاركة آلاف الفلسطينيين في مهرجان الوفاء للأسرى الذي نظمته حركة الجهاد الإسلامي وسط القطاع للتضامن مع الأسرى وللمطالبة بضرورة التحرك العاجل لإنقاذ حياتهم قبل فوات الأوان.

وفي هذا الإطار يؤكد الفلسطينيون بمختلف انتماءاتهم الفصائلية أن قضية الأسرى تُعد على سلم أولوياتهم وأن كل الاحتمالات مفتوحة للإفراج عنهم، وهو ما أكدت عليه حركة الجهاد الإسلامي بأنها ترفض المساومة أو الابتزاز السياسي التي تتعرض له السلطة لتجاهل عذابات الأسرى الذين يتعرضون للموت البطيء .

وفي ظل طبيعة ومخاطر ما تمر به، قضية الأسرى داخل سجون الاحتلال، وبالطبع القضية الفلسطينية ككل، بفعل حالة الانقسام المأساوي الذي ألقى بظلاله الكارثية على كل ما هو فلسطيني، وسمح للاحتلال بالاستفراد بالضفة تارة وبغزة تارة أخرى، لذا فان الخيار الوحيد لإنقاذ الأسرى مما يواجهونه يكمن في المقاومة والمقاومة وحدها، وانهاء حالة الانقسام، وتحقيق الوحدة الوطنية لتصبح طوق النجاة، الذي يمكن الاستعانة به، للخروج من هذه الحالة ومواجهة التحديات الكبيرة والمتزايدة التي تحدق بقضية شعبنا والأسرى ايضا.

كاتب وصحفي فلسطيني