تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية من الميدان (1-2)

خبر تخوف من انفجار فلسطيني.. وحسم قريب في سيناء

الساعة 07:49 ص|16 ابريل 2014

حلمي موسى

نقل المعلق العسكري لموقع «يديعوت» الالكتروني، رون بن يشاي، عن تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية للعام الجاري وجوب «الاستعداد لمواجهة أمر قد يصل من أي مكان من دون إنذار ليشعل ناراً كبيرة».
وفي تقرير موسع عن تقديرات قادة القطاعات في شعبة الاستخبارات العسكرية لمناسبة «عيد الفصح اليهودي» نشر بن يشاي ما يعتبر الخامة الأولية للتقديرات العامة.

فلسطين والجبهة الشمالية

يكشف بن يشاي عن أنه في أعقاب أحداث «الربيع العربي» أو «الهزة الإقليمية» أنشأت إسرائيل قبل حوالي عامين «قطاعاً إقليمياً» يرصد، بالإضافة إلى ما يجري داخل كل من القطاعات المعروفة، ما يجري أيضاً بين هذه القطاعات العابرة للحدود.
ويبين «دودي»، المسؤول عن هذا القطاع الجديد، أن المقصود هو توفير رؤية شاملة تتعلق بالإستراتيجيا الإقليمية، عبر أبعادها الاقتصادية الاجتماعية وتحديداً ظاهرة «الجهاد العالمي».
أما «روعي»، الذي يرأس قطاع لبنان فيكشف عن تغيير أسس النظرة إلى هذا القطاع، وانتقالها في السنوات الأخيرة من نظرة قطاع إرهاب إلى التركيز على تعاظم قوة «حزب الله» والتطورات داخل الدولة اللبنانية. وضمن هذه النظرة فإن «حزب الله» صار «تنظيماً» وليس «دولة داخل دولة»، ما يخلق تعاملاً يدمج بين «تنظيم إرهابي» و«دولة» في إطار واحد.
وبحسب التقرير فإن «رويتال» ترأس قطاع الجنوب، الذي يضم مصر والأردن، وهما دولتان تقيمان سلاماً مع إسرائيل. وخلافاً للقطاعات الأخرى فإن جل اهتمام هذا القطاع ينصب على الأبعاد السياسية، ذلك لأن العلاقة السلمية مع هاتين الدولتين تعتبر ذخراً إستراتيجياً لإسرائيل. ومع ذلك يهتم هذا القطاع أيضاً بمراقبة تطور الجيشين المصري والأردني من ناحية، واحتمالات نشوء مخاطر إرهابية عبر الحدود مع هاتين الدولتين.
وإلى جانب القطاعات السابقة، هناك قطاع فلسطين الذي يرأسه «ميخائيل» وهو يعنى أساساً بما يجري في الضفة والقطاع على الصعيدين السياسي والعسكري.
ويقول «ميخائيل» إن اهتماماته متنوعة حيث تبدأ بالمفاوضات ومحاولة إيجاد أجوبة بشأن التساؤلات عن نيات الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقراءة مؤشرات واحتمالات نشوب انتفاضة وتصل إلى الإنذارات الاستخبارية بشأن عمليات عسكرية قد تقع سواء من غزة أو الضفة الغربية.
ويبين بن يشاي أن عمل هذه القطاعات يجعل منها أقرب إلى مقاولي الانتاج الاستخباري، حيث تصل إليها المواد الخام الاستخبارية من كل الأجهزة بما فيها «الموساد» و«الشاباك» ووزارة الخارجية وسواها. كما أن زبائن هذه القطاعات متعددون، من رئيس الحكومة ووزير الدفاع إلى مقاتلي الوحدات العسكرية في الكمائن على الحدود أو في الدوريات البحرية والجوية.
ويشرح «روعي» أن هذه القطاعات تنشغل بكل عالم الاستخبارات، من الإستراتيجي إلى التكتيكي، ومن البحث العسكري التقليدي إلى أبحاث لأغراض الإنذار والأبحاث السياسية، مروراً بالأبحاث عن الأهداف، وتوفير المواد الاستخبارية اللازمة لاتخاذ قرارات وتحديد خيارات وفي النهاية توفير المعلومات للعمليات.
ورداً على سؤال «ما هو أهم تطور شهده قطاعك في العام الماضي وتوقعاتك لما سيشغلك في العام المقبل؟»، رد كل واحد بشكل مختلف.
وقال «ميخائيل»، مسؤول الملف الفلسطيني، إن الحدث التأسيسي كان «عمود السحاب» الذي دخلت إسرائيل بعده مرحلة استراتيجية جديدة ومختلفة تماماً. فالهدوء القائم في القطاع يشكل سابقة لم نشهدها منذ عقد ونصف عقد تقريباً. وهو يشير إلى أن إطلاق الصواريخ تقلص بشكل حاد، لكن ما هو أهم من ذلك سلوك العدو المركزي، وهو حركة حماس، المختلف تماماً عن سلوكه حتى تشرين الثاني العام 2012. وفي نظره، فإن حركة حماس باتت تملك أسس حكم وأسس مسؤولية أقوى من السابق، وأشد تأثيراً على سلوكها تجاه إسرائيل.
لكن «ميخائيل» يلحظ إلى جانب ذلك تعاظم القوة في قطاع غزة بعد «عمود السحاب»، حيث ازدادت بشكل حاد وتيرة الانتاج الذاتي للصواريخ المتوسطة المدى من طراز «M75»، وصواريخ تنتجها حركة «الجهاد الإسلامي» وتصل إلى شمال تل أبيب.
ويعتقد «ميخائيل» أن العدو الفلسطيني أدرك أهمية هذه الصواريخ وصداها الإعلامي الهائل، ولذلك صار يمتلك عدة مئات منها ما يجعل المواجهة المقبلة حدثاً مثيراً وتجربة لم يسبق لها مثيل.
أما في الضفة الغربية، فما شغل «ميخائيل» في فترة العام ونصف عام الأخيرة، هو بقاء هذه الحلبة مستقرة برغم الجمود السياسي وأحداث مثيرة أخرى.
ويقول إن الاستقرار محصلة تزاوج بين أمرين مركزيين: أولهما قيادة فلسطينية تؤمن بالسيادة والحفاظ على هيبة الدولة وتمنع العودة إلى حالة الفوضى والانتفاضة. والثاني، وهو الأهم ويتصل بواقع أن الجمهور الفلسطيني لا يزال مصدوماً وطاقته متدنية جراء الانتفاضة الثانية ومن الدبابات والمسلحين الفلسطينيين في الشوارع والأسواق.
والجيل الحالي لا يريد العودة إلى تلك الحال، والأهم أن اقتصاده مستقر نسبياً. ويرى «ميخائيل» أنه في حال تغيير سياسي كتفجير المفاوضات فإن احتمال انفجار الوضع كبير.
ويعتبر «ميخائيل» أنه بالرغم من المجسّات التي طورتها إسرائيل فإن المجهول كبير في الشرق الأوسط، والجميع يتذكر محمد البوعزيزي في تونس الذي بشر بـ«الربيع العربي» أو «الهزة». وهذا يستدعي جاهزية كبيرة لما سيطرأ من دون إنذار وسيشعل ناراً كبيرة.
وبرغم تشديد «ميخائيل» على دور «الشاباك» في إحباط العمليات، لكن من المهم في نظره ملاحظة «الثورة» التي حدثت في الضفة في أعقاب سيطرة حركة حماس على الحكم في قطاع غزة العام 2007. ويشير خصوصاً إلى الفارق بين رؤساء الأجهزة الأمنية الفلسطينية في عهد ياسر عرفات والرؤساء في الوقت الراهن. فالرؤساء الحاليون لديهم رؤية مختلفة وأداء عملياتي أرقى وهو ما يبعث التفاؤل في نفوس الإسرائيليين.

الجبهة الجنوبية

ترى «رويتال» أن الحدث التأسيسي في العام الماضي، كان إسقاط حكم «الإخوان المسلمين» في مصر والعملية السياسية الجارية هناك على أساس خريطة الطريق التي رسمها المشير عبد الفتاح السيسي: الانتخابات، الديموقراطية.
واعتبرت أن هذه القضية ستواصل إشغال إسرائيل في العام المقبل حول كيفية إدارة الانتخابات وتحقيق الأمن وتطوير الاقتصاد. وقد سقط حكم «الإخوان» لفشله أساساً في معالجة الأمن والاقتصاد.
والمسألة التالية في الأهمية هي تعاظم قوة الإرهاب في سيناء ومصر ضد إسرائيل والحكم المصري. وسيناء تعبير عن الصراعات في المنطقة بما فيها داخل «الجهاد العالمي» بين تنظيمي «القاعدة» و«داعش».
لكن أهم ما تلحظه إسرائيل هو توجه الجماعات «الجهادية» إلى الاتحاد في إطار «القاعدة في المنطقة الجنوبية»، وهو إطار يعمل في مصر وقد يتوسع إلى قطاع غزة.
وتشدد «رويتال» على أنه في العام القريب سيحسم أمر المعركة المصرية ضد الإرهاب وسترى إسرائيل أين تتجه الأمور. كما أن التطورات في سوريا وعودة مسلحين إلى أوطانهم بما فيها الأردن وسوريا، يمكن أن تكون مؤثرة جداً.
وتتحدث إسرائيل كثيراً عن سيناء لأسباب تتعلق بها، لكن المعركة الحقيقية في نظرها هي الجارية في القاهرة وفي دلتا مصر. وتعتقد «رويتال» أن الانتخابات المصرية ستتم، وربما تقع بعض العيوب أو التغيير في الجداول الزمنية، لكن السؤال المركزي هو ماذا سيحدث في مصر بعد عام أو نصف عام؟
وتراهن «رويتال» على نجاح السيسي الذي عليه إطعام 87 مليون فم ومعالجة أمر ولادة طفل كل 16 ثانية، وكيفية تربيته وإدخاله في دائرة العمل. فالثورة ضد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك لم تقع لأسباب أيديولوجية دينية، وإنما لأسباب اجتماعية اقتصادية.
لذلك، فإن المساعدات الخارجية أمر حاسم. وتشير إلى الدعم السياسي والمالي الذي تناله مصر من السعودية ودول الخليج، وتؤكد أن أحد أسباب عدم تفكك مصر هو استنادها إلى دولة مؤسسات. وتؤمن بأن ذلك ما يؤمن إبحار سفينة الحكم في النيل في ظل وضع تصفه بأنه «انعدام استقرار مسيطر عليه».
وتضع «رويتال» أيضاً علامة استفهام حول ما سيفعله «الإخوان المسلمون» ومصير حركتهم، وهل ستتطرف مواقفهم ضد الحكم أم سيحدث انشقاق بين المتطرفين والمعتدلين. وعموماً الآمال كبيرة من السيسي، واحتمالات تطرف «الإخوان» كبيرة، ولذلك تتوقع إسرائيل تحولاً في مصر الصيف المقبل.
وبخصوص الاستقرار في الأردن، فإنه رهن بالتطورات في سوريا ولبنان والعراق. وإسرائيل تتوقع «هلالاً جهادياً» يحيط بالأردن ويمكن أن يتغلغل فيه. وتبين أن إسرائيل تستعد استخبارياً وعملياتياً لاحتمال تغلغل الإرهاب الجهادي في الأردن.


[ غداً: لبنان والجبهة الشمالية