بالصور غزة: « الميراث ».. الذكر يَربح والأنثى تُذبح والقانون « مشلول »

غزة

 

على الرغم من أن الدين الإسلامي والعادات والتقاليد الفلسطينية والأعراف والقوانين المدنية حفظت للمرأة حقها بالميراث؛ إلا أن هذا الحق أصبح عرضة للخرق والنصب والسرقة من قبل العديد من العائلات ذات الثقافة الذكورية المغلوطة والتي تنتهك وتنتقص من حقوق المرأة.

في قطاع غزة وعلى الرغم من حالة الوعي القانوني والديني بما يخص ميراث المرأة؛ إلا أن عائلات عدة تحرم المرأة من ميراثها تحت حجج وذرائع واهية؛ بل إن بعض العائلات تحرم بعض الإناث من الزواج طيلة عمرها بسبب خوفهم من إعطائها لميراثها.

كما أن هناك بعض العائلات تكتب على المرأة ورقة قانونية بعدم أحقيتها بالميراث من مال التركة، بل ويجبروها على التوقيع بالتنازل عن تلك الحصص التي نص عليها الدين والقانون.

وهناك العديد من القصص التي تتداولها السنة العامة حول حرمان المرأة من الميراث، فهذه المرأة أُجبرت على التنازل عن حقها بالميراث، وهذه أعطاها أبوها حقها منقوص قبل وفاته الأمر الذي لا يجوز عرفا وشرعاً وقانوناً، وفي ذلك الإطار تسمع وتشاهد العجب العُجاب.

وتزدحم محاكم قطاع غزة المدنية والشرعية في قضايا حرمان المرأة من حقها بالميراث، إلا أن النساء اللواتي تعرضن للحرمان من الميراث هاجموا تلك المحاكم والقوانين الخاصة في الميراث واعتبروا أنها بحاجة إلى تجديد حتى تشكل حالة من الردع القانوني لكل من يحاول أن يأكل ذلك الحق.

 

محرومة..

المواطنة "ه / ع" (52 عاماً) إحدى السيدات اللواتي قررن كسر الصمت فيما يتعلق بحرمان أشقائها الذكور لها من الميراث والتي أوضحت أنها حُرمت قصراً من الزواج حتى لا تحرم من الميراث، تقول تلك السيدة :"بلغت من العمر خمسة عقود ونيف وللأسف حرمني أهلي من الزواج وتكوين عائلة، خوفاً من أن أرث أو يدافع عن حقي أولادي أو زوجي، أنا أشعر بغصة في فلبي نتيجة ذلك الظلم الذي وقع علي وعلى أمثالي".

وتوضح (ع) لـ"فلسطين اليوم" والتي تنتمي لإحدى العائلات المرموقة في قطاع غزة أنها حُرمت من حقها من الميراث والبالغ قيمتها إحدى عشر دونماً، وعلى الرغم من مضيها بالعمر خمسة عقود؛ إلا أنها قدمت شكوى في المحاكم المختصة بقطاع غزة إلا أن قضيتها على ما يبدو أنها ستطول نظراً لبطء البت في تلك الشكاوى.

وفي رسالة وجهتها تلك السيدة إلى المجتمع وأشقائها الذكور، قالت:"حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من حرم امرأة من حقها الشرعي، وعلى المجتمع أن لا يشارك في تلك الجريمة".

 

احتيال

أما المواطنة "زينب "ع"" (56 عاماً) فقالت في إحدى الفعاليات التي تطالب بتمكين المرأة من حقها بالميراث :"من حقي أن أرث، هذا حق وليس صدقة من عائلتي وسأدافع عن حقوقي بكل السبل القانونية".

وتوضح زينب لـ"فلسطين اليوم" أنها حُرمت من الميراث إلا أنها تُصر على استرداد حقوقها كاملة :"أعطاني أهلي 50 % من حقي وأجبروني قصراً على التوقيع على وثيقة قانونية تفيد بتنازلي بالشق الثاني من التركة التي من حقي لكني رفعت قضية في المحاكم لأخذ حقي كامل".

كما وتطالب زينب الجهات الحقوقية والقضاء والمؤسسات المدنية والأهلية بضرورة تمكين المرأة من حقها بالميراث.

 

القانون مشلول

سهير البابا الخبيرة القانونية في قضايا حق المرأة بالميراث أكدت أن مئات السيدات تعانين من الحرمان من الميراث، مؤكدة أن جهود أهلية وقانونية حثيثة تجري لتمكين المرأة من حقها عبر مشاريع عدة.

وبينت البابا لـ"فلسطين اليوم" أن أهم التحديات التي تواجه النساء للحصول على حقهن في الميراث المعيق الاجتماعي الناجم عن الثقافة الذكورية السائدة في المجتمع، ونظرة العيب والتخجيل التي تمنع المرأة من المطالبة بحقها بالميراث، بالإضافة إلى خوفها من مقاطعة أهلها أو إيذائها.

كما وأوضحت أن المعيق الثاني يتمثل في المعيق القانوني والمتمثل بعدم وجود نص صريح يجرم حالات الاحتيال والإكراه التي تمارس ضد المرأة لحرمانها من ميراثها, وغياب قوة الردع القانوني بعدم وجود عقوبات مشددة لمن يحرم المرأة من ميراثها، بالإضافة إلى عدم وجود نصوص تفرض للمرأة تحصيل حقها بالميراث بقوة القانون.

وأشارت أن المعيق الثالث يتعلق بالمعيقات القضائية والإجرائية والتي تتمثل بطول إجراءات المحاكم بالنسبة لقضايا الميراث، والتي تؤدي إلى موت القضية وضياع حق النساء، بالإضافة إلى الإجراءات القانونية المعقدة التي تستغرق وقتاً طويلاً.

كما ولفتت البابا أن من المعيقات التي تحرم المرأة من حقها بالميراث المعيق الاقتصادي موضحة أن الرسوم المرتفعة والتي تفوق إمكانيات العديد من النساء، كذلك أتعاب المحامين في قضايا الميراث، مما يدفع الكثير من النساء إلى التنازل عن أجزاء كبيرة من حقهن.