تقرير الموظفون يعيشون أزمات متعددة بسبب عدم انتظام رواتبهم

الساعة 04:38 م|10 ابريل 2014

غزة

محلات تجارية حَجبت عنهم الدَين .. مؤجرون يطالبونهم بإخلاء شققهم السكنية.. سائقون يشتكون قلة الركاب.. بائعون في الأسواق يشتكون من ضعف الحركة الشرائية.. هذا وغيره مشاكل يتعرض لها شريحة كبيرة من الموظفين نظراً لعدم انتظام رواتبهم من جهة ، أو أنهم يتلقون نصف الراتب والذي لا يفي بمتطلباتهم الشهرية. مما أثر على تيسيير أمور حياتهم وأوقع بعضهم في مشاكل. فيما رجح اقتصاديون أن هذه الأزمة ستتفاقم لو نفذت "إسرائيل" تهديداتها بقطع المساعدات عن السلطة وعجزت عن صرف رواتب موظفيها.

فأغلب الموظفين يشترون احتياجات منازلهم من البقالات أو السوبرماركت ويتم التسديد مطلع كل شهر وهو موعد استلام الرواتب ، كذلك دفع أجرة السكن ، وفواتير الكهرباء والاتصالات والمياه وأقساط القروض أو أقساط شراء أثاث إلخ... كل هذا تأثر به الموظف وأصبح غير قادر على الالتزامات لأن راتبه تضرر سواء بالتأخير أو عدم استلامه كاملاً.. مما اضطر بعض الموظفين إلى التصرف بطريقة تزعج من له التزام مالي عليه.

يشار إلى أن الموظف يمثل عمود الاقتصاد الفلسطيني بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة، والذي شل الكثير من القطاعات وتوقفت عن العمل وأدخلت القطاع في أزمة كبيرة تضاعفت فيه نسبة البطالة. وأزمة الموظف تعني تأثر كافة القطاعات الأخرى.

رأفت علي، موظف في غزة لا يتلقى راتبه بشكل منتظم، وإن حصل عليه فيحصل على نصف راتبه بقيمة 1300 شيكل، ولديه ثلاثة أطفال، ويعيش في شقة بالإيجار بقيمة 600 شيقل شهرياً.

وقال لـ "فلسطين اليوم" : اليوم في ظل أزمة الرواتب ولأن الأزمة مستمرة ولا أفق لانتظام الرواتب واستلامها كاملة، فصاحب البقالة اعتذر مني وأوقف عني الدين، وطالبني بسد المبلغ المستحق علىَّ وهو 600 شيقل على ثلاثة أشهر، وكنت أدفع مبلغ 350 شيقل للأهل شهرياً ومع الأزمة لا أستطيع دفعها لأن ما استلمه من راتب لا يفي تسديد احتياجاتي، من سوق، ومستلزمات أطفال ، وإيجار ، ومواصلات. وأوضح انه يضطر للاستدانة من أصدقاء له موظفين منتظمة رواتبهم لكي يسير حياته.

ويقول موظف آخر يدعى أبو أشرف، أن عدم انتظام راتبه جعله عاجزاً عن دفع إيجار شقته الشهري البالغ 200 دولار، وأن صاحب الشقة طالبه أكثر من مرة ترك الشقة أو الالتزام بدفع الأجرة شهرياً وفي موعدها. وقال لمراسلنا، رغم أني أوضحت للمؤجر بان المشكلة عامة وليست خاصة به، ردَّ عليه المؤجر بأن إيجار الشقة يعتاش منه ولذلك فهو مضطر لأن يجد مستأجر قادر على الدفع الشهري أولاً بأول.

فيما تعاني المدرسة أم أنس، من مشكلة نصف الراتب الذي يصرف لها، بقيمة 1000 شيكل، حيث يخصم منها نسبة معينة للبنك لصالح القرض، وما يتبقى معها لا يفي لشيء، وتتمنى أن يتوقف البنك الخصم حتى استلام الرواتب كاملة. وأوضحت ان الديون تكدست عليها لصالح البقالة، التي وقفت المعاملة معها لحين سداد ما عليها من ديون والبالغة 2200 شيقل.

ومن جهته، أكد صاحب ميني ماركت الأمانة محمد عبد الهادي لـ مراسل "فلسطين اليوم"، أنه اضطر لوقف الدَّين عن كافة الموظفين الذين لا يحصلون على رواتبهم كاملة، لأنهم غير ملتزمين بسداد ما عليهم شهرياً، وأن بعضهم أصبح لا يمر من الشارع ولا يرد على جواله. وأوضح، بأن الموظف معذور في التهرب لأن ما يستلمه من راتب لا يكفيه ، لكن التاجر عليه التزامات ولا يستطيع تحمل تراكم الديون وإن استمر في بيعه على الدفتر فإن مصيره سيكون إغلاق محله، والمحاكم من قبل تجار الجملة.

وأوضح ان الحركة الشرائية تكون قوية أول ثلاثة أيام من الرواتب، وبعد ذلك طيلة الشهر تكون ضعيفة ، عازياً سبب ذلك ، لعدم قدرة الموظف على الشراء نقداً بسبب عدم كفاية دخله.

وأوضح بائع الدواجن أبو جهاد في سوق الشجاعية، أن الحركة الشرائية في أول الجمعة من تسلم الموظفين رواتبهم تكون قوية والشراء فيها يكون نقداً، وما أن تأت الجمعة الثانية حتى يبدأ الناس بالاستدانة خاصة فئة الموظفين. وقال:" لأن الإقبال على الشراء بالدين كبير اضطر بان لا أتعامل مع الجميع إلا المشهود له بالالتزام سواء تلقى راتبه ام لا وهم قليلون جداً. لافتاً إلى أن دفتر الديون أصبح لا يحتمل المزيد ومنهم موظفين عليهم مبالغ لم يسددوها، ويتهربون.

وأشار، إلى أن الكثير من المواطنين اليوم لا يستطيعون شراء الدواجن كل يوم جمعة كما جرت العادة منذ القدم، ويلجأون لشراء الجناحين أو الظهور الأقل سعراً، ليدبروا أمورهم، ويستروا أنفسهم.

الدكتور سمير أبو مدللة المحلل الاقتصادي ، أكد لـ "فلسطين اليوم"، أن قطاع غزة يمر بوضع اقتصادي صعب جداً منذ فرض الحصار الإسرائيلي عليه في العام 2007، وازداد صعوبة في أواخر العام 2013 بفرض الحصار، خاصة وأن حكومة غزة اعتمدت على سد سوقها من الأنفاق، بنسبة 65% من احتياجات القطاع. ولم توفر فرص عمل نظراً لاغلاق الكثير من المنشآت بسبب الحصار، فيما لم تقم السلطة بواجبها تجاه المواطنين بالسماح لهم بالتوظيف.

إضافة إلى أن الحكومة في غزة لم تعد تستوعب موظفين أكثر من ذلك حتى أن العدد وصل لأكثر من 40 ألف، ونسبة البطالة كانت 30% والفقر إلى 60%، والآن بعد يونيو 2013 وصلت البطالة الى 38% . إضافة إلى تراجع خدمات وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين.

وأوضح أن اغلاق الأنفاق مع مصر أدى إلى انضمام 12.000 عامل إلى سوق البطالة ، وبعد منع اسرائيل ادخال الاسمنت ومواد البناء توقف نحو 30ألف عامل في مجال البناء، و40 ألف في عمل متعلق بالبناء كالنجارة والحدادة وغيرها. مشيراً إلى أن هذا أدخل حكومة غزة في أزمة مالية، كانت تعتمد موازنتها على الضرائب من بضائع الانفاق.

وقال:" أن الحكومة في غزة تحتاج إلى 25 مليون دولار شهرياً لسداد فاتورة الرواتب وعدم توفر هذا المبلغ أدخلها في أزمة، إلى جانب شح المساعدات ، وإغلاق المعابر والحصار على البنوك من الجانب الاسرائيلي، هذا كله انعكس على الموظف في غزة.

وأوضح ان الموظف الذي يتقاضي نصف راتبه دخل في أزمة، ولن يستطيع أصحاب المحال التجارية الصبر على الموظفين أكثر بسبب تراكم الديون عليهم، مؤكداً أن وضع الموظف في غزة أصبح صعب جداً.

ونوه إلى أن اذا نفذت اسرائيل تهديدها بقطع اموال المقاصة عن السلطة في المرحلة المقبلة (إذا فشلت المفاوضات) سيدخل القطاع في أزمة أكبر نظراً لأن 77.000 موظف في قطاع غزة يتلقون رواتبهم من السلطة التي ستعجز عن دفع فاتورة الرواتب إذا لم تحول اسرائيل اموال المقاصة والتي تتراوح ما بين 100-120 مليون دولار أمريكي شهرياً . وهنا سيدخل الاقتصاد الفلسطيني مرحلة موت سريري.