خبر أزمة داخلية أم أفول -هآرتس

الساعة 10:08 ص|10 ابريل 2014

أزمة داخلية أم أفول -هآرتس

بقلم: البروفيسور يحزقيل درور

(المضمون: يخيل أن أزمة داخلية حتى وان كانت خطيرة، ضرورية من أجل السماح لاسرائيل ببلورة موقفها بالنسبة للحدود الدائمة مثلما هناك حاجة ماسة الى مسيرة سلمية جدية تضمن مستقبلنا. في ظل غياب مسيرة سلمية حقيقية فان الوضع السياسي – الامني لاسرائيل سيتدهور- المصدر).

 

في 1858، قبل ثلاث سنوات من اندلاع الحرب الاهلية الامريكية، القى الرئيس ابراهام لينكولن خطاب "البيت المقسم"، الذي في مركزه الحجة في أن حل مشاكل الساعة يمكن أن ينبع من أزمة فقط. اليوم ايضا، في اسرائيل، يوجد الخيار الصعب، هل نحدث أزمة داخلية على أمل أن تؤدي الى سياسة حديثة ذات فرص نجاح حقيقية أم نبقى نراوح في المكان، الذي يحافظ على هدوء سياسي مؤقت ولكن يتسبب بافول وطني الثمن المتعاظم عليه سيكون باهظا.

 

توجد صدوع في اسرائيل يمكن ترك مهامة رأبها الى السياقات التاريخية. فمثلا، دمج الاصوليين في المجتمع الاسرائيلي. ولكن في ضوء صدوع تتسبب بمراوحة في المكان تعرض المستقبل للخطر، من الافضل أزمة تؤدي الى حسم. هكذا كان الامر بالنسبة للعبودية في الولايات المتحدة، وكذا بالنسبة للحكم الفرنسي في الجزائر، مثلا، يخيل أن أزمة داخلية حتى وان كانت خطيرة، ضرورية من أجل السماح لاسرائيل ببلورة موقفها بالنسبة للحدود الدائمة مثلما هناك حاجة ماسة الى مسيرة سلمية جدية تضمن مستقبلنا.

 

ان طحن المياه في المحادثات مع الفلسطينيين، والتوصيات على انواعها لادارة النزاع في ظل تثبيت "حقائق" على الارض، هي مؤشر يدل على انعدام استعداد القيادة السياسية للتصدي للازمات الداخلية النابعة من جهد حقيقي لتهدئة الصدام بين العرب والاسلام وبين دولة اسرائيل والشعب اليهودي، بما في ذلك المسألة الفلسطينية. ولكن هذا القصور سيؤدي على نحو شبه مؤكد الى افول اسرائيلية، الى أن تغير سياستها بحدة.

 

لغياب السياسة الشاملة اللازمة عدة اسباب: غياب فهم البعد الاقليمي للنزاع والذي لن يغير فيه اي اتفاق مع الفلسطينيين بحد ذاته. تفكير موضعي بدلا من تفكير شامل؛ التركيز على "الحق" و"حق الاباء والاجداد" بدلا من امكانيات الواقع السياسي التي هي المفتاح للمستقبل؛ التعلق بتأييد الولايات المتحدة، حتى عندما تتآكل؛ الاستناد الى قوة الجيش الاسرائيلي التي هي بالفعل كبيرة ولكن في واقع الامر جوهرها لا يمكنه أن يعطي جوابا لهجمات سياسية. التقدير عديم الاساس بان الزمن يعمل في صالحنا؛ وعنصر صوفي سأطرحه بواسطة مثال تاريخي: فيليب الثاني،

 

ملك اسبانيا والبرتغال، حذر من طقس سيء قبل أن يرسل الجيش ضد انجلترا ولكنه أجاب بان الله سيضمن نجاح الهجوم ضد الكفار.

 

وينبغي أن يضاف الى هذا نقيض الايمان بالمستقبل الواعد، اي الخوف، الذي له اساس تاريخي صلب في أن مجرد وجود اسرائيل في خطر وانه لا يجب الاعتماد على الاخرين وبالتالي محظور تعريض الامن القومي للخطر بـ "رهانات" مع اتفاقات سلام على أنواعها.

 

ولكن هذه المفاهيم تستخف باهمية الاتفاقات كعنصر في رزمة الامن القومي كما يتجسد الامر في السلام مع مصر. والاخطر من ذلك فانها تتجاهل الامكانيات كثيرة الاحتمالية في أنه في ظل غياب مسيرة سلمية حقيقية فان الوضع السياسي – الامني لاسرائيل سيتدهور. من هنا ضرورة التقدير الواقعي لمستقبل بديل، مع كل اليقين وبلورة سياسة حديثة جدا تستند اليه.

 

التقدير الذي وصلت اليه بعد سنوات طويلة من الانشغال في الموضوع عمليا ونظريا هو انه دون تقدم بمراحل سريعة الى اتفاق اقليمي سيتضرر وضعنا السياسي – الامني وسنضطر، بعد أزمات أمن قومية جدية الى الموافقة على تسوية سيئة من ناحيتنا. وبالمقابل، اذا عرضت اسرائيل خطة سلام اقليمية مصداقة، فانه يمكن التقدم نحو تطبيع العلاقات مع معظم الدول العربية والاسلامية، فيما نتمتع بترتيبات امنية مصداقة ومن مكانة عالمية متينة. ولكن المقابل الاسرائيلي الضروري (وشبه المحتم في كل حال على مدى الزمن) هو انسحاب الى حدود 1967 الى هذا الحد أو ذاك، مع تبادل للاراضي، اقامة دولة فلسطينية مثابة سيادية، ونظام حديث في اجزاء من القدس (مثلا، مكانة الفاتيكان لا تمس بالسيادة الشاملة لايطاليا على عاصمتها).

 

ولكن لا يكفي التقدير والخطة السياسية الواعدة. مطلوب ايضا شجاعة سياسية للكفاح في سبيل خطة سياسية للسلام الاقليمي، رغم الثمن الذي ينطوي عليه ذلك، وحشد ما يكفي من القوة السياسية للتقدم في الاتجاه المقترح. مثل هذه القوة يمكن تحقيقها من خلال الانتقال الى نظام شبه رئاسي، ولكن ايضا في النظام الحالي يمكن لرئيس وزراء مصمم على رأيه، مستعد لاخذ المخاطر

 

السياسية الضرورية لمستقبل الدولة، ان يجند الدعم اللازم من خلال التوجه المباشر، الذي اعد جيدا، الى الجمهور الغفير، وربما تشكيل حزب جديد (مثلما فعل ارئيل شارون)، وعند الحاجة – التوجه الى استفتاء شعبي. يوجد الكثير مما يمكن ان نتعلمه عن هذه الامكانيات من شارل ديغول.

 

ولكن كما أسلفنا، يوجد بديل آخر، الكثيرون يؤيدونه، وهو مواصلة المراوحة في المكان. ولكن بقدر ما يكون هذا مريحا في المدى القصير، مضمونة على مدى الزمن نتائج خطيرة، بما في ذلك أزمات سياسية – امنية تؤدي الى تسوية في ظروف أسوأ بكثير يمكن لاسرائيل أن تحققها من خلال مبادرة سلام كما نوصي به.

 

نحن مخولون بان نختار بين الراحة قصيرة المدى للسلام الداخلي المبني على العمى السياسي الامني، وبين تجديدات سياسية ضرورية، وان كانت تنطوي على أزمات غير سهلة، لضمان مستقبلنا. الحسم متعلق بقدر كبير بمدى الفهم التاريخي، استشراف الوليد، الابداعية السياسية والشجاعة الحزبية لرئيس الوزراء الحالي، أو من يأتي بعده. في غياب مسيرة سلمية حقيقية، فان الوضع السياسي الامني لاسرائيل سيتضعضع.