خبر العالم الذي لم يكن- هآرتس

الساعة 08:55 ص|08 ابريل 2014

العالم الذي لم يكن- هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: التنازلات في المفاوضات على الاتفاق النووي وبرنامج التقليصات في الدعم الحكومي تهدد كل واحدة بدورها نظام روحاني في ايران - المصدر).

 

بعد يوم واحد من اعلان رئيس الاركان بيني غانتس بان "هذه ستكون سنة حاسمة لايران"، صفي العالم النووي الايراني مصطفى أحمدي روشان. وكان هذا في 11 كانون الثاني 2012. راكب دراجة الصق عبوات ناسفة بسيارة روشان، وهذه انفجرت بعد ثوان قليلة من فرار راكب الدراجة. وكما كان متوقعا، سارعت ايران الى القاء المسؤولية عن التصفية على الولايات المتحدة.

 

وها هي المفاجأة. في الاسبوع الماضي كشف رئيس وكالة النووي الايرانية السابق فريدون عباسي النقاب عن ان روشان لم يكن على الاطلاق عالم نووي بل مجرد تاجر كان يعمل في استيراد قطع غيار لصناعة النووي. وفي مقابلة مع الصحيفة الايرانية "رمز عبور" روى بان "روشان كان نائب الشؤون التجارية في شركة كالا للمنتجات الالكترونية المسؤولة عن العتاد لمنشأة تخصيب اليورانيوم في نتناز وعمل في مجال مشتريات قطع الغيار للمنشأة".

 

ولم يكن هذا الكشف منقطعا عن الصراع السياسي الجاري هذه الايام في ايران بين مؤيدي الرئيس السابق، محمود احمدي نجاد وبين حكومة الرئيس حسن روحاني، الذي يتهمه خصومه بتقليص البرنامج النووي، اقالة العلماء والاستسلام لمطالب الغرب. رئيس وكالة النووي الجديد، علي أكبر صالحي الذي كان من بين اولئك الذين عظموا اسم روشان، تصدى ايضا لان يشرح لماذا اقال مؤخرا علماء النووي، الخطوة التي تعتبر مسا آخر بالبرنامج النووي. وشرح صالح يقول ان "العاملين الستة الذين اقيلوا كانوا يعملوا في القسم التجاري للوكالة، حيث كان يعمل روشان". وهكذا أكد ادعاء عباسي. وفي اعقاب هذا الكشف سارعت وكالة النووي الى تغيير لقب روشان من "عالم نووي شاب" الى "شهيد النووي الشاب".

 

ومع أن تصريحات عباسي كان تستهدف احداث حرج لحكم روحاني، الذي غير عباسي وعين محله علي صالحي لرئيس وكالة النووي، الا ان الكشف عن الدور الحقيقي لروشان معناه أيضا اطلاق سهم سام نحو الزعيم الاعلى علي خمينئي والقيادة السياسية، اولئك الذين وصفوا روشان بانه "العالم الشهيد"، جعلوه رمزا وطنيا واطلقوا اسمه على الشوارع والميادين.

 

ومع أن ايران نحيت مؤخرا عن العناوين الرئيسة ولكن معمعان الخلافات يواصل الصخب فيها، واتفاق النووي الذي وقع في تشرين الثاني الماضي يقف في مركز الانتقاد الحاد ضد روحاني

 

ونظامه، ولا سيما على خلفية انعدام الوضوح حول الالتزام الذي أخذته ايران على عاتقها في مجال استمرار تطوير البرنامج النووي. وفي الشهر الماضي نشر روبرت آينهورين، الذين كان مستشارا خاصا لادارة اوباما في شؤون انتشار السلاح النووي ويعمل اليوم كزميل باحث كبير في معهد بروكنجز، استعراضا مفصلا يشمل اقتراحات ومطالب من ايران قبيل الاتفاق النهائي.

 

ويقول آينهورين بلغة ملتوية ان "لا يبدو، في هذه اللحظة، بانه يوجد في ايران تأييد داخلي لخطوة ينظر اليها كالغاء للبرنامج النووي أو تنازل عن خيار السلاح النووي في المستقبل". ومع ذلك فانه يعترف بان القرار في ذلك معلق ليس فقط بخمينئي بل بمواقف النخب العسكرية والاقتصادية، وان الخلاف بينهم عميق. أحد العوامل الهامة التي ستؤثر على السياسة الايرانية، يقول آينهورين، سيكون احساسها بالامن، والمتعلق بتقدير المخاطر الاقليمية وبعلاقاتها مع الولايات المتحدة.

 

ولا تفصل هذه التحليلات، التي تعتمد اساسا على تحليل المادة العلنية التي تنشر في وسائل الاعلام الايرانية، جملة الضغوط الداخلية التي تؤثر على الخطاب السياسي والامني في ايران، وهي تواصل الخط المحافظ الذي يعتمد على الفهم بان ايران لن تحدث تغييرا جوهريا.

 

ويمكن أن نتعرف على الضغوط التي من شأنها أن تؤثر على القرارات الايرانية بالذات مما قاله روحاني في جلسة الحكومة التي انعقدت في الشهر الماضي. وعلى حد قوله فان "على الجمهور ان يعرف بانه لا يوجد اي بديل لتطبيق القسم الثاني من برنامج تقليص الدعم الحكومي". ويتضمن هذا البرنامج، ضمن امور اخرى، رفع سعر الوقود بـ 25 في المئة، اضافة الى رفع اسعار المنتجات الاساس الخاضعة للرقابة الحكومية. والربح من رفع الاسعار سيوجه لتغطية العجز في الميزانية واعادة بناء الجهاز الصحي المنهار.

 

ومع أن روحاني يعد بتطبيق البرنامج بشكل تدريجي، الا انه هو ايضا يعرف بان حتى تطبيقه الجزئي من شأنه أن يرتد بسلبية شديدة ويهز نظامه. فرفع الاسعار سيعتبر في نظر الجمهور كتراجع تام عن الوعود برفع مستوى المعيشة، اشفاء الاقتصاد وبالاساس خلق المزيد من اماكن العمل – التصريحات التي رافقت حملة انتخابات روحاني وجذبت اليه العديد من الاصوات. ومن شأن ردود الفعل المضادة للبرنامج الذي اساساته الاقتصادية صحيحة ان تصل الى خمينئي ايضا بصفته المسؤول الاعلى عن وضع الدولة، والذي يواصل الترويج لـ "اقتصاد المقاومة" الذي يعني مزيدا من التشديد للحزم من أجل "الصمود" في وجه العقوبات.

 

علي ساعدي ايضا، مندوب خمينئي في الحرس الثوري، أوضح بان "على الجمهور ان يكون على علم بان للمواجهة مع الولايات المتحدة يوجد ثمن. ثمة من (والمقصود روحاني ومؤيديه) لا يفهمون ذلك". ولا بد انه سيكون لهذه الضغوط وللتوتر بين الاطراف السياسية تأثير على طريقة ادارة المفاوضات قبيل الاتفاق النووي النهائي. والسؤال هو بأي قدر سترغب الولايات المتحدة، او يكون بوسعها، ان تراعي هذه الضغوط، وهل ستتبنى توصية آينهورين، الذي يقترح التهديد بخيار عسكري كعقاب في حالة عدم تحقق الاتفاق. من شأن مثل هذا التهديد أن يحبط الجهد للوصول الى اتفاق ويجعل روحاني غير ذي صلة.