خبر يا جون العزيز، لا يجوز لك الاستسلام -هآرتس

الساعة 08:35 ص|03 ابريل 2014

بقلم: آري شبيط

(المضمون: لا يجوز لوزير الخارجية الامريكي كيري بعد اطلاقه الوعود وبثه الرجاء أن يستسلم الآن وينفض يديه من حل الصراع، لكن يجب أن يفكر تفكيرا مختلفا في حل مختلف - المصدر).

أُتيح لي قبل بضعة أشهر أن أستمع لجون كيري يخطب في واشنطن، وقد كانت القاعة التي خطب فيها مليئة مكتظة باسرائيليين شكاكين. فكلنا مررنا باوسلو؛ وكلنا مررنا بكامب ديفيد؛ وكلنا نتذكر أنابوليس؛ وكلنا نتذكر الانسحاب من لبنان والانفصال ايضا. وتوقعاتنا من الشرق الاوسط تؤول الى صفر. وأملنا في السلام سيء جدا، والشعور الهزلي يأكلنا بفمه كله.

 

ومع كل ذلك، حينما قام وزير الخارجية الرفيع الرئاسي وراء المنصة وخطب، ساد المكان هدوء مكهرب. فلم يكن من الممكن ألا يؤثر فيك تصميم رجل السلام على الاتيان بالسلام. ولم يكن من الممكن ألا تأسرك القوة الاخلاقية التي أوحى بها. وأصبح يُخيل الينا في لحظة واحدة أن المهمة ربما تكون ممكنة وربما لا يكون الواقع كئيبا جدا. فكان أمل في القاعة طول المدة التي تكلم فيها كيري.

 

لكن وجدت علامات سؤال ايضا. هل يعلم الامريكيون حقا ماذا يفعلون؟ وهل نجحوا حقا في أن يستخلصوا من بنيامين نتنياهو موافقة غير مباشرة على مبدأ 1967؟ وهل نجحوا حقا في اقناع محمود عباس بأن يقبل غير مباشرة فكرة الدولة اليهودية؟ وهل عندهم حقا خطة أمنية تحل مشكلة غور الاردن الصعبة؟ وهل عندهم حل خلاق للقدس وحل مُحكم للاجئين ورزمة اقتصادية سخية تغري الرافضين ايضا؟ أو بعبارة اخرى: هل يعلمون من يُحادثون وفيم يُحادثون؟ وهل التفاؤل المفاجيء الذي يوحون به يعبر عن الواقع حقا أو يحاول فقط أن يصوغ واقعا؟.

 

كان الخوف خوفا عميقا، فقد تعلمنا جميعا أن نعرف نتنياهو وعباس. وكلنا نعلم أن أبناء هذا البلد الصعب أكثر دهاءً من أكثر الاجانب النزيهين الذين يحاولون أن ينقذونا من أنفسنا. ولهذا كان يوجد سبب للظن أن الاسرائيليين والفلسطينيين ايضا ينشدون الامريكي كيري نشيد السلام الذي يود سماعه – ولا ينوون حقا التوصل الى السلام. وكان سبب لنقدر أن كل ما يفعله الاسرائيليون هو الانتظار كي ينكشف التزوير الفلسطيني أولا، وأن كل ما يفعله الفلسطينيون هو الانتظار الى أن ينكشف التزوير الاسرائيلي أولا. لكن كيري والعاملين في فريقه وعدوا بأن الامر ليس كذلك وأن الامر حقيقي هذه المرة وأن السلام في 2014 هو في متناول اليد حقا.

 

وهكذا فانه لا يجوز للامريكيين أن يستسلموا الآن – وقد انهارت السماء. وقد فقدوا الحق في رفع أيديهم استسلاما لأن التوقعات التي أُثيرت رُفعت عاليا جدا، والاخطار التي نشأت أخطار عالية جدا، فليس من الممكن أن يقوموا وينصرفوا ببساطة. وليس من الممكن الاستسلام للجبرية المأساوية التي ترى أنه لا مخرج. فبعد أن استقر رأي كيري على تحدي القدَر ومواجهة القدَر، لم يعد يستطيع أن يطوي الاعلام وأن يعلن الفشل ويعود الى بيته. إن الكلام الذي يثير الالهام الذي تكلم به في واشنطن ملزم له. والوعد الذي أذاعه يكبله. فالهزيمة غير مأخوذة في الحسبان.

 

إن الايام القريبة حاسمة. ويجب قبول كل فكرة تُمكن من كسب وقت واطالة أمد التفاوض، بالمباركة. هل يونتان بولارد؟ ليكن بولارد، هل مروان البرغوثي؟ ليكن البرغوثي. هل تجميد؟ ليكن تجميد. فينبغي قلب كل حجر واختراع كل اطار لمنع هزيمة فورا ولاقرار اطار زمني يبلغ نصف سنة أو سنة يُمكن من العودة الى الغرفة ومواجهة تحدي الصراع.

 

وينبغي الى ذلك بدء التفكير من خارج الصندوق، فالخطة أ أتيحت لها فرصتها لكن الخطة أ لم تنجح نجاحا حسنا. يا جون العزيز، حان الوقت لترى الواقع كما هو ولتواجهه في صمود وشجاعة. فعليك أن تظهر نفس التصميم الاخلاقي الذي أظهرته في دفعك بالاتفاق قدما، أن تظهره الآن في الدفع قدما باتفاق من نوع آخر يقدمنا على نحو مختلف الى السلام.