ناعومي شيمر

خبر قراءة « إسرائيلية » لخطاب الأمين العام د. شلح في طهران

الساعة 07:57 ص|03 ابريل 2014

غزة - الاستقلال

حظيت كلمة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور رمضان عبد الله شلّح في مؤتمر : "العالم الإسلامي ودوره في هندسة القوى العالمية"، الذي عقد بطهران في الحادي عشر من مارس آذار الماضي ، باهتمام بالغ من وسائل إعلام عبرية.

مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية تابع اهتمام الإعلام "الإسرائيلي" بالكلمة بعد أيام من انتهاء المؤتمر، حيث بثت إذاعة الجيش تسجيلاً للكلمة في السابع عشر من مارس الماضي، فيما أفردت القناة السابعة للتلفزيون الإسرائيلي مساحة للحديث عن الكلمة وتحليلها في برامجها الإخبارية مساء السادس عشر من مارس الماضي، لا سيما حديث أمين عام حركة الجهاد عن القدس وعلاقتها بالعقل اليهودي.

ودعا الدكتور شلّح خلال كلمته بالمؤتمر سالف الذكر، دعا المفكرين وأساتذة الجامعات وقادة الرأي في العالمين العربي والإسلامي إلى دراسة الكيان الإسرائيلي للتعرف على مكوناته الفكرية والثقافية، وتطرق لعلاقة الثقافة اليهودية بالقدس مشيراً إلى أغنية "القدس من ذهب" للمغنية الإسرائيلية الشهيرة ناعومي شيمر. التي ألفتها وغنتها بالتزامن مع نكسة 67 واحتلال مدينة القدس.

ووجه الدكتور شلّح تساؤلاً للمشاركين في المؤتمر قائلاً: "ماذا تعني القدس في ثقافتنا؟ في ديننا؟ في عقيدتنا؟ أولى القبلتين، ومسرى نبينا ومعراجه إلى السماء؟! وأين التعبئة من أجل القدس؟! 

القناة السابعة في التلفزيون الإسرائيلي في تناولها للخطاب قالت إن "الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي وظّف أغنية ناعومي شيمر كي يثير الحمية في قلوب المسلمين تجاه القدس، عندما حلّ ضيفًا قبل عدة أيام في مؤتمر رجال الدين بطهران".

أما الصحفي جاكي حوقي وهو مراسل في إذاعة الجيش الإسرائيلي، فقد قال:" إن شلَّح (الذي يجيد اللغة العبرية منذ صغره) عبر عن إحباطه وأسفه العميق من أن العرب والمسلمين لا يبدون الغيرة الالتزام المطلوب بشأن قضية القدس". ونقل عن شلَّح تساؤله في حديثه "ما أهمية القدس بالنسبة لنا؟!، عليكم أن تتعلموا من هذا الكيان الملعون, كيف يرضعون أطفالهم حب القدس والتعلق بها ليس فقط لمكانتها العسكرية بل لمدلولاتها الحضارية والثقافية والتاريخية".

وأشار الصحفي الإسرائيلي إلى أن شلَّح وفي إطار بث الحماسة في قلوب مستمعيه راح يتلو مقاطع من أغنية "القدس من ذهب" للمغنية الإسرائيلية ناعومي شيمر، التي غنتها في السابع من يونيو في ذكرى احتلال القدس، وينقل أبياتها من العبرية إلى العربية.

من جانبها، علقت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية بتاريخ 17/3/2014، على خطاب الدكتور شلَّح قائلةً:" إن الأمين العام للجهاد الإسلامي حمل في خطابه بطهران قضية القدس بتضمين اقتباسات من الأغنية "قدس من ذهب" كما أسماها وقال "كل طفل وكل جندي في الكيان الصهيوني الملعون يردد هذه الأغنية".

ونوهت الصحيفة إلى أن شلَّح اقتبس جزءًا من الأغنية العبرية محاولًا إيقاظ الوعي في العالم الإسلامي، ومنتقدًا بشدة لا مبالاة المجتمعات العربية والإسلامية بقضية القدس والأقصى ومحاولات "إسرائيل" المحمومة لتهويدها.

وأشارت إلى هجوم الدكتور شلَّح على الجهود التي يبذلها وزير الخارجية جون كيري للتوصل إلى اتفاق بين السلطة الفلسطينية والجاني الإسرائيلي، وشرحه الخطورة الكامنة في الاعتراف بـ"يهودية الدولة"، وأن هذا الاعتراف معناه إقرار منا بأن لا حق لنا في القدس، وأن المسجد الأقصى وكنيسة المهد ملك للصهاينة، ليخاطب الحضور "هل يمكن لعاقل منكم أن يقبل بذلك؟!".

أما صحيفة "معاريف" العبرية، فتطرقت لحديث الأمين العام للجهاد الإسلامي، ودعوته خلالها المسلمين إلى أن يحبوا القدس كما يحبها اليهود، واقتباسه أغنية ناعومي شيمر الشهيرة عن المدينة.

وقالت الصحيفة في تقريرٍ لها بتاريخ 16/3/2014:" عندما تحدث رمضان شلَّح عن أغنية "القدس من ذهب "، أراد أن يدلل على محبة يهود العالم للقدس، ويثير حماس المسلمين".

أما موقع " Time of Israel" الذي يصدر بثلاث لغات من بينها العربية ، فقد وصف الدكتور شلّح في تحليل نشره بتاريخ 17/3/2014 ، بـ "الإرهابي" ، وقال الموقع المذكور بأن حديث زعيم المنظمة الأكثر تطرفاً في العالم في محاربتها لـ"إسرائيل" دعا المسلمين لتعزيز حبهم للقدس ، مستشهداً بأغنية "القدس من ذهب" .

وأشار الموقع في سياق تقريره إلى قيام الحركة التي "يتزعمها الإرهابي شلّح" حسب وصفه ، بقصف "إسرائيل بأكثر من 130 صاروخاً.

مغزى الرسالة وتوقيتها

واستعرض مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية، في تقرير له سيرة مؤلفة الأغنية نعومي شيمر، التي عملت في صفوف جيش الاحتلال.

وبحسب "أطلس" فإن "شيمر وبعد تسريحها من الجيش في بداية خمسينيات القرن الماضي بدأت تشق طريقها في عالم الفن والموسيقى، والتأثير في الجماهير من خلال أغانيها".

ويشير تقرير "أطلس" إلى أن "شيمر" ألفت الأغنية في سنة 1967 وغنتها بالتزامن مع نكسة حزيران وهزيمة العرب في حرب الأيام الستة، واحتلال القدس والمسجد الأقصى ودخول باحاته، لتتحول هذه الأغنية لـ "نشيد" الإسرائيليين في كل مناسباتهم القومية.

وتعتبر هذه الأغنية أحد أكثر الأغاني شعبية في الكيان، وهذا ما جعل الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان عبد الله يستحضر في خطابه كلماتها التي تجد صدى عسكريًا ووجدانيًا في العقل والقلب اليهودي".

وأشار مركز أطلس إلى أن "الأمين العام للجهاد أراد التذكير بأن القدس موجودة في قلب كل ولد إسرائيلي وكل جندي إسرائيلي، فهم يشعرون بها وبحبهم لها، وهي جزء من ثقافتهم، فماذا تعنى القدس لنا كمسلمين؟!".

ووفقاً لتقديرات المركز، فإن "الخطاب الذي ألقاه الدكتور شلَّح وجد صداه في العقل الإسرائيلي، الذي يدرك المغزى والهدف الذي أراد الأمين العام للجهاد توصيله، وهو الدعوة لنقل المعركة إلى مستوى جديد من الصراع الثقافي والتاريخي على القدس وإعادة تحفيز دور الأمة المنشغلة فيه.

وختم المركز تقريره بالقول إن تناول الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي لمكانة القدس في الثقافة اليهودية جاء في ظل استشعاره لحجم الخطر الذي يداهم المدينة، في ظل القلق البالغ من تراجع مكانتها وقيمتها الدينية والحضارية تدريجيًا في العقل والشعور العربي والإسلامي على وقع الصراعات والبحث عن الخبز والأمن.

السفير

صحيفة السفير اللبنانية أفردت تقريراً مطولاً عن الموضوع في عددها الصادر اليوم الخميس 3/4/2014 ، بعنوان : "ناعومي شيمر تدق ناقوس الخطر في العالم الإسلامي"، 

السفير في تقريرها المطول استطلعت رأي كل من المثقف الفلسطيني المعروف عادل سمارة وأستاذ العلوم السياسية مخيمر أبو سعدة.

اعتبر المفكر الفلسطيني عادل سمارة، استخدام الدكتور شلَّح أو توظيفه الأغنية في حديثه عن القدس شكّل اقتحاماً وتغلغلاً فكرياً، وهذا ما يضايقهم.

وأوضح (سماره) أن الإسرائيليين يعتبرون أن الاقتحام أو التغلغل الفكري خاصية تقتصر عليهم، فكيف بها إذا جاءت من شخصية إسلامية فلسطينية مقاومة بحجم الدكتور شلَّح، لافتاً في السياق إلى الدور القتالي لحركة الجهاد الإسلامي.

ونوه سمارة إلى أن هذا التوظيف لو جاء من شخصية لا تمارس المقاومة لما حظي بهذا الاهتمام، أضف إلى ذلك أنه يأتي من إيران لتكتمل مبررات انزعاجهم.

ورأى أن الأمين العام للجهاد الإسلامي أراد التنبيه للخطر المحدق الذي يداهم القدس وفلسطين، في الوقت الذي أدى فيه التطاحن بين بعض القيادات إلى تطفيش العرب والمسلمين عن قضيتهم المركزية، مشيراً بذلك إلى ما جرى مؤخراً بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والنائب في المجلس التشريعي المفصول من عضوية اللجنة المركزية لحركة فتح محمد دحلان.

وبحسب سمارة فإن حالة التضامن مع القضية الفلسطينية ضعيفة في الفترة الحالية، مرجعاً السبب في ذلك إلى عملية اغتيال "الربيع العربي" لمصلحة الغرب والإمبريالية العالمية.

وبحسب السفير أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة مخيمر أبو سعدة، فيرى أن توظيف زعيم حركة الجهاد الإسلامي للأغنية الإسرائيلية في حديثه جاء من منطلق إحساسه بالأسى على ما يحدث في مدينة القدس في الوقت الحاضر.

وبيّن أن الاقتحامات شبه اليومية للمسجد الأقصى المبارك من قبل أعضاء في الكنيست والحاخامات وعصابات التطرف الإسرائيلي، أمرٌ يثير حنق واستياء كل إنسان مسلم ووطني.

وقال أبو سعدة: "يحاول الدكتور رمضان أن يدق ناقوس الخطر لدى الشعوب العربية والإسلامية بحديثه عن القدس التي تهوَّد على مرأى ومسمع منهم، وهم لا يحركون ساكناً"، مشيرًا إلى أنه يدغدغ بذلك عواطف الرأي العام المنكبّ على همومه.

وبيّن أن الغالبية العظمى من الرأي العام العربي إما منشغل في القضايا الداخلية التي طرأت مؤخراً، وإما منشغل بالأزمات المختلفة كالفقر والبطالة.. إلخ، مستبعداً أن تنجح محاولات إحداث اختراق هذه الحالة وهذا الواقع المرير.

وتحدث أبو سعدة عن الواقع الفلسطيني، مشيراً إلى أنه ليس بأفضل حال مما تشهده باقي الدول العربية. ولفت إلى أن العواطف الوطنية والقومية كانت قوية عند المواطن الفلسطيني في العقدين الأخيرين من القرن الماضي حينما لم يكن يعاني الفقر والانقسام.

وأضاف: "المواطن الفلسطيني اليوم يجد نفسه منشغلاً طوال اليوم في البحث عن الرزق، ولم تعد فلسطين والقدس محور اهتمامه وقضيته المركزية.. حالة الإفقار والشقاء والانقسام باتت لها تداعيات تدميرية للقضية الوطنية، فضلاً عن أن هنالك قيادات لا ترتقي إلى مستوى المسؤولية".