خبر أفضل رئيس وزراء كان لنا -هآرتس

الساعة 09:41 ص|02 ابريل 2014

أفضل رئيس وزراء كان لنا -هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: إن من أسس الديمقراطية مكافحة الفساد واجتثاثه من أصله فلماذا يعلو الهتاف وصيحات الابتهاج بسبب الحكم على اولمرت؟ - المصدر).

 

"أُقيم العدل"، و"انتصار الديمقراطية"، و"وسام شرف لجهاز تطبيق القانون"، هكذا ترتفع الاصوات ابتهاجا بعد كل حكم قضائي يُدين مذنبين كبار الشأن وكأن شخصا ما أحدث معجزة، وكأن طريق الديمقراطية ليس هو اقتلاع الفساد من الجذور. بيد أن نجاح النيابة العامة وجرأة قاض في الديمقراطية الاسرائيلية في مواجهة نجوم من الساسة وجوق محاميهم يُريان أمرا منقطع النظير حتى إننا مجبرون على التصفيق لهم ولو كان نجاحهم في صد فاسد واحد يشبه وضع حجر في نهر متدفق.

 

ويمكن أن يقع في الظن ايضا أن هذا هتاف ضعيف ومهذب لجمهور صار منيعا من الدهشة بسبب مظاهر الفساد فضلا عن العقاب عليها. وقد أصبحت اسرائيل في ظاهر الامر في مكان معقول في سلم الفساد العالمي، فقد وضعت في 2013 في المكان الـ 36 بين 175 دولة، لكن اذا حذفنا دول العالم الثالث فستجد نفسها في واحد من أدنى الاماكن في القائمة.

 

لكن ليست المقارنة العالمية هي الأصل فأهم منها العار والخزي الذي يجلبه هؤلاء الجُناة الكبار على مواطني الدولة. فمنهم ينبع الشعور العميق بالضيق الذي يصاحب كل إدانة كهذه لأن الحكم المشحوذ للقاضي دافيد روزان هو ايضا اتهام شديد لكل من منح اهود اولمرت وأشباهه صوته واسهامه، وكل من رأى أن تبرئته في محاكمته السابقة هي شهادة حلال تبيح له العودة الى الحياة السياسية وكل من هو مستعد لتلقي رشوة سياسية – اجراء سلام أو حرب – أو وعد بنمو اقتصادي، مقابل غفران الفساد. وهو نفس الغفران الآثم الذي يُمكّن من حوار غمز مع قادة ويقضي بذلك على "عوامل المقاومة الفاعلة في المجتمع الاسرائيلي"، التي تحدث عنها في فخر المدعي العام في محاكمة اولمرت – يونتان تدمور.

 

يسهل قياس نوع عوامل المقاومة هذه حينما يتبين أن بت الحكم وقضاء العقوبة هما المقدمة فقط. إن الحكم اللاذع ينزلق فوق بدلة فساد المُدانين في طريقهم الى "حملة تطهير سمعتهم". فقد أصبحوا فجأة "افضل رئيس حكومة كان لنا"، و"أشجع جنرال"، و"محارب للفساد جليل"، أو "السياسي الذي ساعد الفقراء وحث الثقافة قدما". وهم بالطبع ايضا يحملون وسام استحقاق بسبب جهودهم في حث مسيرة السلام قدما، وهو يشبه ميدالية تحل محل القبعة الدينية السوداء التي يسارع جُناة عاديون الى اعتمارها.

 

أصبحت العادة بالنسبة لقادة فاسدين اذا لم يرقدوا رقدة طويلة، أن ينتظرهم عالم مليء بعد محاكمتهم وبعد أن يقضوا مدة عقوبتهم في السجن ايضا. فثم موعد ثان يعودون فيه الى الحياة السياسية والى كرسي الحكم والى حفل المال مع السلطة وإن تأخر ذلك سبع سنوات بسبب وصمة العار. وهذا هو المعيار الذي تزهر الطريقة بسببه. لكن هذه الطريقة تصيبها احيانا كما هي الحال في الروليتا الروسية رصاصة قاتلة كما حدث في حال اولمرت، لكنها نفس الرصاصة التي تؤمن حياة سائر المحتفلين.

 

إن سلسلة الصور التي تزين حائط قصر العار انكمشت أمس كي تخلي مكانا لصورة اولمرت. لكن لا تقلقوا فالحائط يكفي لصور كثيرة اخرى من المؤكد أنها ستملؤه في السنوات التالية، فليس اولمرت هو الاول ولن يكون الاخير في سلسلة من هم على يقين من أن ذلك لن يحدث لهم. إن الحائط ينتظر اولئك الذين هم على يقين من أنهم لن يضبطوا وأن محاميهم سيكونون أشد دهاءً ممن هم على يقين من أنه بعد نجاح النيابة العامة في محاكمة هولي لاند من المؤكد أنها ستخشى سلسلة اخفاقات وتستريح قليلا. وهم يؤمنون بأن صورهم ستُرفع في اسوأ الحالات فوق نصب اخفاقات جهاز القضاء الذي علقت فيه صور جُناة أفلتوا من الحكم عليهم وفروا من العار وانسلوا من خلل العيب التقني والتقادم والخوف الذي أصاب الشهود. إن حكم القضاء ربما يوحي للآخرين "لكي يروا ويُروا" لكن لا لهم.