تقرير حكايات « الواتس أب » .. خراب بيوت

الساعة 08:15 ص|01 ابريل 2014

غزة (خـاص)

"اترك الجوال واحكي معي، وين شارد يا فلان، طيب عبرني لو بكلمة أنا أمك، انحرقت الطبخة علشان الواتس أب..".. كُلها عبارات باتت تُسمع بشكل كبير، من قبل الآباء والأمهات والأصدقاء خلال جلساتهم العائلية، حيث أصبح "الجوال" رفيق درب صاحبه في كل الأوقات والمناسبات.

"الجوال" الذي بات "هم ثقيل" يلازم صاحبه في كل وقت وحين، غير آبه لمن حوله من أهل وأصدقاء وأحياناً تصل للأبناء والزوجة أو الزوج، ليدخل في صراع جديد المتهم فيه "عصر التطور والتكنولوجيا والسرعة" حيث بات استخدامها "بحد غير معقول".

حمل الشخص للهواتف النقالة -رجال ونساء شبان وفتيات، كبار وصغار- وصل لحدٍ بات يزعج البعض، نظراً لانتشارها بصورة كبيرة جداً في المجتمع، ليصبح ارتباط البعض بهواتفهم أكثر من الواقع الذي يشار له أصبع الاتهام كسبب رئيسي للالتفاف حول "جوال" ينقلهم لعالم آخر.

"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، انتقلت للعديد من المواطنين الذي عبروا عن آرائهم بشأن استخدام الهواتف النقالة بشكل كبير ومدى رضا البعض عنها أو الانزعاج منها.

الشاب محمد الحجار (28 عاماً) من سكان مدينة غزة، أعرب عن استيائه من هذا التصرف الذي وصفه  بـ"الخطأ الكبير"، مشيراً إلى استخدام الهواتف خلال الجلسات العائلية، واعتبر أن هذا يهمش أفراد العائلة والأشخاص الجالسين، حيث قال: مسك الجوال في الجلسات العائلية يقلل من قيمة الآخرين، فالجلسات لها آدابها واحترامها.    

وعزا الحجار  لـ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" انتشار تلك الظاهرة كون التكنولوجيا في الوقت الحالي أصبحت هي من تتحكم بالأجيال، وليس العكس، لافتاً إلى أنه من الأدب الرجوع للجلسات العائلية والبعد عن استخدام الهواتف في المكان الموجود فيه أشخاص لهم أهمية واحترام خاصةً أفراد العائلة".

المدرس طاهر أبو زيد (25عاماً) لا يختلف كثيراً عن سابقه حيث قال "انشغال أفراد العائلة بالجوال ضمن الجلوس معهم يعطي نوع من عدم الاحترام لهم، كون الجلسات العائلية لها  حدودها وعاداتها المعروفة في مجتمعنا الفلسطيني، مضيفاً أن هناك فجوة باتت كبيرة بين أفراد العائلة كونهم انشغلوا بالهواتف عن الحديث الوجه لوجه.

واستغرب أبو زيد بعض الأشخاص الذين يتحاورون في البيت نفسه عبر هواتفهم النقالة ومن وراء شاشات الأجهزة، بحجة التطور والتكنولوجيا، منوهاً إلى أن زيادة المشكلات في المجتمع سببها الرئيسي البعد عن العلاقات الاجتماعية بسبب التطورات الحالية.

خلافات زوجية وفتور عائلي

الشاب عبد الرحمن المقدسي (23عاماً)  يخالف آراء الآخرين، حيث اعترف باستخدام "هاتفه المتنقل" بشكل مستمر نظراً لعدم اهتمامه بالحديث الذي يدور ويناقش خلال الجلسة، معتبراً أن هاتفه وسيلة اعتاد عليها للتواصل مع أصدقائه وزملاء عمله،

وأضاف المقدسي، أن هذا الأمر شخصي، فالجميع الآن اعتاد على استخدام الهواتف النقالة،  وبات جزء أساسي من الحياة، على الرغم من قناعته أنه قد يقلل من التواصل مع أفراد العائلة.

فيما تحدث عدد من الأشخاص عن مشاكل عدة يُخلفها استخدام "الجوال" أبرزها الخلافات الزوجية والجلوس الطويل للزوج أو الزوجة على "الهاتف النقال" واعتمادهم عليه في كثير من المواقف والمناسبات والحياتية.

وتشير في هذا الصدد منال أحمد أن الجلسات العائلية أصبحت مملة وروتينية خاصةً أن الجميع يكون جالساً ممسكاً بجواله الخاص، ويتحاورون عبر البرامج المنوعة في هذه الهواتف، مشيراً إلى أن زوجها في بعض الأحيان يحاورها عبر الهاتف وهو ما يخلق أزمة بينهما في بعض الأحيان.

هوس يجتاح العقول

بدورها، وصفت المختصة في مجال الإرشاد الاجتماعي مريم طبيل هذا التصرف بأنه" هوس" يجتاح عقول الشباب والبنات في مجتمعنا، كونها أصبحت ظاهرة عالمية لا تقتصر على مجتمع معين في ظل التطور التكنولوجي المستمر والمنتشر والذي يسهل استخدامه.

وأوضحت طبيل في حديث لـ "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، أن هذا التصرف أصبح ظاهرة منتشرة لا تفرق بين جيل أو فئة أو سن معين في مختلف العالم، فانتشارها  بهذه الطريقة ولدت فجوة كبيرة في العلاقات بين الآباء وأبنائهم، مضيفةً أن فئة البنات هم الأكثر استخداماً لهذه الأجهزة والأكثر استهدافاً نظراً لعدم تحركهم  وجلوسهم في البيت مقارنة مع الشباب.

وأشارت إلى أن مخاطرها كثيرة فاستخدام الطلاب لهذه الأجهزة وجلوسهم لساعات طويلة على الانترنت يوثر بشكل سلبي على تحصليهم الدراسي.

مشاركة الآباء

وذكرت المختصة، أن أسباب انتشار هذه الظاهرة هي متعددة، فالتعبير بالكتابة يكون أسهل وأفضل لدى الأشخاص فيتجهون إلى استخدامها كونها لا تسبب لهم الإحراج، بعكس الحديث المباشر التي يجلب في بعض الأوقات لهم المتاعب.

وأضافت طبيل" أن ضعف المراقبة الأسرية للأبناء يساعد في انتشار الظاهرة.

وعن كيفية الحد من هذه الظاهرة قالت طبيل:"يمكن لنا أن نعطي لها حد وليس القضاء عليها نظرا لانتشارها الواسع، بتكثيف السيطرة من قبل الآباء على أبنائهم وزيادة مراقبتهم لهم، والتعامل معهم باللغة التكنولوجية الخاصة بهم .

وأوضحت أن مشاركة الآباء لأبنائهم منشوراتهم أو أشيائهم الخاصة يحد من تضيق الفجوة الأسرية بينهم، كونها الطريقة التي أصبحوا يتعاملون بها في ظل التطور السريع للتكنولوجيا، مضيفةً أن شعور الأبناء باهتمام الآباء لحاجاتهم الشخصية الخاصة يعمل على خلق طريقة أخري في التواصل معهم.

وطالبت طبيل، الآباء بزيادة المراقبة لأبنائهم ووضع حدود معينة لهم في الاستخدام، وإلى إعادة تنظيم علاقاتهم"، داعية وزارة التربية التعليم والجهات المختصة بتنظيم حملات توعوية للطلبة تحذرهم من مخاطر الجلوس على مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على العلاقات الأسرية.