خبر الفلسطينيون في أزمة الربيع العربي .. أيمن خالد

الساعة 06:35 م|31 مارس 2014

كفلسطينيين، مع اول بريق للربيع العربي توقعنا أن تخف معاناتنا على مستوى النظام العربي الرسمي، الذي تعامل مع القضية الفلسطينية خلال العقود الماضية كمادة دعائية، تركزت على إيهام الفلسطينيين بان المخيمات هي أماكن لجوء مؤقتة بانتظار اعادتهم الى وطنهم الأم، تم أيضا ايهامهم بأن وثائق السفر المؤقتة التي منحت لهم هي بقصد الحفاظ على حق العودة، وهذه الوثائق طبعاً أبقت الفلسطينيين خلال عشرات السنين عرضة للإذلال والقهر، وتحمّل الفلسطينيون في الشتات عبء هذه الوثائق وطريقة التمييز التي تمارسها معظم الدول العربية على حامليها، باعتبارها تضمن حق العودة، ثم ادرك الفلسطينيون متأخرين أن جواز السفر الأجنبي وحده يتيح لهم على الأقل رؤية وطنهم الام، وزيارته متى شاؤوا، بينما وثائق السفر العربية لها وظيفة مختلفة، كما هي المخيمات أيضا.

أزمتنا لم تعد مع النظام العربي الرسمي وحده، فنحن أيضا نعيش ازمة الربيع العربي الذي أثبت لنا مبكراً، ان المسافة بين اغلب النخب المثقفة وبين الانظمة العربية هي أقرب من المسافة بينها وبين الشعوب، ولذلك يمكن أن تكون مصر وغيرها نموذجا. فالعنوان الفلسطيني التائه لدى ثوار مصر الجدد، والغزل الإسرائيلي يعني تماماً، أن خوف النخب من القادم الشبابي البديل لها، يدفعها للمشاركة في دم يوسف، وعندما تصحُّ هذه المأساة، تعيد هذه النخب فرض نظام دموي بامتياز، تساهم بصنعه وتبرر وجوده، ونحن بالطبع جزء من الضحية العربية التي تمتد شعوبا وارادات.

نجحنا في هزيمة اعلام الانظمة التي كانت دوما تفشل في الدفاع عن نفسها لأن اعلامها خشبي بامتياز، ولكن هذه النخب، تملك من الامكانات ومن القدرة على فعل المستحيل، فنحن اليوم وغداً متهمون، ونحن شركاء ضد مصالح الشعوب وفق هذا الاعلام المنافق، وهنا نتنبأ بأيام وليال يصبح بالفعل فيها الحليم حيران، وهذه الايام هي الصراع العربي الداخلي بشكل اوسع من قبل، والصراع المحلي في كل بلد، والانقسام وتبرير الانقسام، ثم ردود الفعل الطبيعية التي تفرز حالة من العنف غير المتوقعة، بما يعني أن النخب ستحافظ على وجودها وكيانها وتستعمل لحربها كل ما تملك، ولو توجهنا الى أكثر من صومال عربي. والأسوأ أن تكون في كل دولة عربية نخب ذات طابع ديني ومشايخ وعلماء دين، وهؤلاء أيضا يعيدون انتاج الرسالة الدينية في الإطار السياسي الضيق، ليفسحوا المجال لكل أنواع التشدد الديني لكي يكتسب مشروعية في البيئة العربية المنهكة، فالذي لا ينتظر أن يكون نصف الشعب العربي حاضنة لذلك خلال العقد الحالي، فهو واهم، وذلك لسبب واحد فحسب، لا علاقة له بالدين من قريب او بعيد، وانما هو، الكرامة، فالربيع العربي هو صرخة المضطهدين لأجل الكرامة، وهذه وحدها تحول بين المرء وقلبه، وتجعل الناس يفعلون ما لا يريدون أن يفعلوا.

كعرب، من الذي يمكنه أن يمنح الناس الكرامة، إذا كانت اغلب النخب تخلط بين لون الدم والحبر، وكفلسطينيين ماذا ننتظر إذا كانت النخب التي أنشدت معنا يوما لفلسطين، هي من يستعيد استباحة عبودية الناس لأنها تريد عمرا أطول من عمر الحبر. وبين هذا وذاك، تبقى مخيمات الشتات مجرد وصمة عار في جبين أمة ظلت تصنع التماثيل، ونبقى نحن نبحث عن وسيلة لننقذ بها ما تبقى من مخيماتنا، وعن جواز للسفر يمنحنا المرور على حواجز الانظمة بشيء من الكرامة.

أما الفصائل الفلسطينية ودولة فلسطين، وخلافاتنا واختلافنا، فكلنا ضحايا فحسب، فالضفة لن تنتظر انتفاضة ثالثة والعمق العربي يضربهم بالسياط، وغزة لا تقاتل، وإنما تذود عن موتها بما تقدر من رمق، فأرض غزة وفق قواعد المنطق لا تصلح للقتال ولو بالعصي، وتضاريس الضفة تجعل السياسة جرعة السم البديلة، فالناس باقون لأن البحر لم يقبل غزة بعد، ولكن الشتات الفلسطيني كله يحلم بالبحر حتى ولو الى المجهول.