خبر الرفاعي:لا نبني علاقتنا مع تنظيم على حساب آخر وعباس استفاد من كسر الصمت

الساعة 09:37 ص|31 مارس 2014

غزة

السرايا قطعت عهدا على نفسها أن تكون المدافع الأول عن الشعب

القاهرة تواصلت لتثبيت التهدئة ونسعى إلى فتح المعبر وتفعيل المصالحة

يعنينا بقاء "فتح" قوية.. وتأثيرات خلاف عباس-دحلان وصلت المخيمات

أي تفجير يشارك فيه فلسطيني "عمل فردي إجرامي" لا يعبّر عن شعبنا

قدمنا مبادرة داخلية وافقت عليها التنظيمات الإسلامية وحزب الله وأمل

لا يتلاقى الهدوء الحذر الذي يعمّ بيروت مع الحراك الكبير الذي تقوده حركة الجهاد الإسلامي انطلاقا من مقرّاتها في لبنان. من مكتبه في قلب بيروت، يضع ممثل الجهاد الإسلامي أبو عماد الرفاعي ملفات ثقيلة على الساحتين الفلسطينية واللبنانية، ولحركته كما يعتقد يدٌ كبرى في حلّ بعض تعقيداتها.

صحيفة "الاستقلال" التقت "أبو عماد" للاطلاع على سير تلك الملفات إلى جانب المبادرات التي تقدمها "الجهاد" على صعيد المخيمات الفلسطينية في لبنان أو الساحة الداخلية في قطاع غزة والضفة المحتلة.

إلى القمة العربية الخامسة والعشرين التي أنهت أعمالها الأسبوع الماضي، وجه الرفاعي نداء مفاده أن على العرب التصدي للمخططات الأمريكية في المنطقة التي تهدف إلى "إنهاء القضية الفلسطينية بناء على أن الظرف العربي الداخلي وانشغال الدول بأزماتها يخدمان هذا التوجه".

ويضيف على ذلك: "لا نراهن على دور عربي فعّال تجاه فلسطين، فحال الدول العربية كانت منذ سنوات أفضل ولم تقدم شيئا، فما بالنا باليوم؟!.. منذ احتلال فلسطين لم تقدم القمم العربية أي خطوة سوى بعض الأموال والتصريحات والبيانات التي تبقى حبرا على ورق".

رغم ذلك يرى الرفاعي أنه من الضروري تنبيه العرب إلى وقف سقف التنازلات عند ما هو عليه عملا بقاعدة أخف الضررين، "وإلا لتهاونت الأنظمة أكثر في ظل الضغوط الأمريكية الهادفة إلى الحفاظ على أمن الاحتلال وتقسيم المنطقة إلى دويلات طائفية وعرقية".

كسر الصمت

لا تزال (إسرائيل) تلوّح في وسائل إعلامها بنيّتها شن عدوان واسع على غزة إضافة إلى تهديد قادتها المتكرر إعادةَ احتلال القطاع، لكن "أبو عماد" يرى أن عملية كسر الصمت التي نفذتها سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد تُظهر أن هذه التهديدات "إشارة ضعف من (تل أبيب)".

ويقول: "العدو (الإسرائيلي) فهم جيّدا الرسالة التي بعثتها السرايا مقابل استمرار سياسة الاغتيالات والاعتداءات في الضفة وغزة"، مؤكدا أن حركة الجهاد قطعت عهدا على نفسها أن تكون "المدافع الأول عن الشعب الفلسطيني".

وكانت سرايا القدس قد أطلقت أكثر من 150 صاروخا دفعة واحدة على المستوطنات (الإسرائيلية) المحيطة بغزة ضمن نطاق 5-8كم منتصف مارس ردا على اغتيال الاحتلال 6 فلسطينيين في الضفة والقطاع بينهم 3 مقاومين.

القاهرة سعت من طرفها إلى احتواء الموقف فسارعت إلى التواصل مع قيادة الجهاد الإسلامي من أجل تثبيت التهدئة لكن الأخيرة اشترطت العودة إلى تفاهمات عام 2012م بين المقاومة والوسيط المصري والاحتلال.

وتقضي تفاهمات تهدئة 2012 بوقف سياسة الاغتيالات والسماح للصيادين بعبور 6 أميال بحرية وإلغاء المنطقة الأمنية العازلة مع حدود غزة وفتح المعابر.

هنا، يظهر الرفاعي تفهمه لانزعاج حماس من استثنائها من تواصل الجانب المصري بناء على الأزمة بين الطرفين، لكنه يؤكد أن تنسيق حركته مع حماس لم يتأثر "بل كانت المشاركة الفعالة من قيادة الجهاد في مهرجان حماس الأخير أكبر دليل على عمق العلاقة".

وتأسيسا على التواصل المصري مع الجهاد الإسلامي، ذكر "أبو عماد" أن الحركة استغلت فتح خط الاتصال مجددا من أجل إعادة ترتيب العلاقة الفلسطينية-المصرية.

ويمضي قائلا: "تضررُ هذه العلاقة يستفيد منه الاحتلال، لذلك سعينا إلى محاورة الإخوة المصريين بشأن استكمال المصالحة والتشديد على ضرورة إعادة فتح المعبر من أجل التخفيف عن شعبنا الذي يعيش الحصار في أصعب صوره فضلا عن حرمانه أدنى حقوقه كحرية التنقل والسفر".

وتغلق مصر معبر رفح منذ عزل الرئيس محمد مرسي على مدد طويلة آخرها استمر حوالي 50 يوما متواصلة، في حين تقتصر فئات المسافرين خلال فتحه يومين أو ثلاثة على الحالات الإنسانية وعودة العالقين.

وكان من نتائج هذا التواصل فضلا على بيان القمة العربية فتح معبر رفح مجددا أيام السبت والأحد والإثنين من هذا الأسبوع على أن يتفق الجانبان المصري والفلسطيني على آلية معينة لعمل المعبر لاحقا.

أزمة دحلان-عباس

على المستوى السياسي، فإن الرفاعي ينظر بخطورة إلى استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي بين حماس وفتح وتأثيراته على القضية الفلسطينية، وكذلك يبدي خشيته من تعميق هذا الانقسام عبر نافذة الخلاف الفتحاوي-الفتحاوي.

ويقول في السياق: "هذا الانقسام الجديد يمهّد لتقديم تنازلات جديدة من السلطة، فما جرى سابقا مع الراحل أبو عمار تظهر بوادره الآن مجددا على الرئيس الفلسطيني محمود عباس".

ولا تقتصر تأثيرات الخلاف الفتحاوي الداخلي على المستوى السياسي، فوفق "أبو عماد" دخلت المخيمات الفلسطينية في لبنان على خط الأزمة حين انقسم الفتحاويون هناك بين مؤيد للرئيس عباس، ومؤيد للنائب محمد دحلان.

ويتابع: "أنقذنا المخيمات من الغرق في ارتدادات الأزمة السورية والصراع اللبناني الداخلي لكننا اليوم نخشى من اندلاع صراع داخلي يبدأ بالمشكلة الفتحاوية"، معقبا: "يعنينا بقاء فتح قوية لأن انقسامها في لبنان سيؤثر على اللاجئين سلبيا".

يشار إلى أن المخيمات الفلسطينية واجهت حملة تحريض كبيرة نتيجة اتهامها بأنها بيئة حاضنة لمنفذي العمليات الانتحارية في لبنان، وهنا يشير الرفاعي إلى جهود حركته مع الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية لدرء "شر هذه الفتنة".

"عملنا في المخيمات على مستويين الأول بناء علاقات متينة مع التيارات السياسية اللبنانية والفلسطينية وإقامة مناسبات تجمع الأطر الشبابية من الطرفين خاصة في المؤسسات التعليمية"، يقول الرفاعي.

أما المستوى الثاني فكان عبر الحملات الإعلامية والتوعية، "فضلا عن مهمتنا الأساسية في حفظ المخيمات من الانزلاق في المستنقع الأمني وألا تكون بيئة حاضنة لأي عناصر مشبوهة".

ويضيف: "من الواضح جدا أن إرسال شباب فلسطينيين إلى تنفيذ تفجيرات في الضاحية الجنوبية أو أمام المصالح الإيرانية عمل مشبوه هدفه شيطنة الفلسطينيين وحرف بوصلة القضية وإدخالنا في صراعات ليس لنا فيها يد أو مصلحة".

وأكد أن أي عمل لاحق "لا قدر الله" وصْفه أنه "عمل فردي إجرامي" يرفع الفلسطينيون أيديهم عنه على المستوى الشعبي والتنظيمي، "في حين تبقى مهمة حفظ الأمن داخل لبنان موكلة إلى الجيش والقوى الأمنية ولاسيما خارج المخيمات".

كل هذه الخطوات قادت طبقا لـ"أبو عماد" إلى تخفيف التوتر والاحتقان، كما نبه إلى إعلان حركته مبادرةً بدأ تنفيذها من مخيم عين الحلوة أول أمس السبت.

ويكمل حديثه: "هذه المبادرة طرحتها حركة الجهاد الإسلامي على القوى الإسلامية الفلسطينية إلى جانب حزب الله وحركة أمل اللبنانية وتقضي بميثاق شرف يدعو إلى استنكار كل أعمال العنف والتفجيرات في مقابل تحييد المخيمات والحفاظ على أمن من فيها، وذلك على أمل أن توسع الدائرة ويدخل في الميثاق فصائل المنظمة".

العلاقة مع الفصائل

إجابة عن نقطة طرحتها "الاستقلال" وفيها أن بعض الإعلاميين يتهمون حركة الجهاد بتكوين تحالف مع حماس مقابل فتح"، ردّ الرفاعي: "لا نبني علاقاتنا مع تنظيم على حساب آخر، فمشاركتنا في مهرجان ذكرى الشهداء تعبير عن حالة تضامن مع حماس بناء على وحدة خيار مقاومة العدو (...) المشاركة لم تأت إلا في هذا السياق دون تأويلها في أي معترك داخلي".

 

ويختتم: "قد يُفاجأ الإعلاميون والمراقبون بأن أكثر من استفاد من عملية كسر الصمت هو محمود عباس الذي استغل الفرصة لمواجهة أوباما خلال اللقاء الأخير في ظل عجز (إسرائيل) عن فتح جبهة حرب مع غزة"!!.