خبر « الشباك » والعرب – توجد مفاجآت- هآرتس

الساعة 09:37 ص|30 مارس 2014

"الشباك" والعرب – توجد مفاجآت- هآرتس

بقلم: الكسندر يعقوبسون

(المضمون: هل يصح أو لا يصح تدخل جهاز الامن الاسرائيلي "الشباك" في الوسط العربي. وهل الأخطار الامنية التي يتحدث عنها هو أو المدافعون عنه حقيقية أم كاذبة؟ - المصدر).

 

ما هو الحد بين الحلال والحرام في عمل جهاز الامن في دولة ديمقراطية؟ إن هذه المعضلة معروفة في دول كثيرة. يرى عودة بشارات أن جهاز الامن الاسرائيلي "الشباك"، يعمل في الوسط العربي متجاوزا هذا الحد، وهو يشتغل بقمع سياسي وتلاعبات سياسية كما ورد في مقالته "الشباك في أسرتنا"، في صحيفة "هآرتس" 17/3. وقرأت المقالة وتذكرت هذا التاريخ في تسعينيات القرن الماضي حينما جلست في غرفة وزير التربية آنذاك امنون روبنشتاين في الكنيست وجلس بقربي عضو كنيست عربي، وهو منتقد معروف لا هوادة عنده للدولة الصهيونية واجهزتها الظلامية. وقد جاء ليتحدث في قرار الوزير على إخراج ممثلي "الشباك" من لجان التعيين في وزارة التربية في الوسط العربي. وفاجأني أن عضو الكنيست احتج على القرار وقد قال "هل أنتم مجانين. أنتم دولة مجنونة. إنك الآن بهذا القرار سلمت المدارس العربية الى حماس. فلا تعجبوا اذا خرج ارهابيون من هناك بعد ذلك".

 

من المناسب اظهار قدر من التسامح مع الفرق الكبير بين هذا الكلام والخطابة المعلنة لعضو الكنيست ذاك وكتلته الحزبية. فقد عرف بالضبط العالم الذي يعيش فيه وأنه عالم غير سهل. وعرف ممن يجب أن يُخاف حقا ومن الذي يمكن أن يهاجَم دون خوف. وهو لم يكن مؤيدا أعمى "للشباك" وأخذ في حسابه أن هذا الجهاز قد يستغل قوته استغلالا سيئا. لكنه تذكر ايضا أنه توجد عدة جهات حولنا قد تستغل قوتها استغلالا سيئا. وهو في الحساب العام أراد "الشباك" في داخل جهاز التربية العربي. ونقول بالمناسبة ايضا إنه بين مبلغ جدية تناوله لنظرية المؤامرة المعروفة التي ترى أن "الشباك" يعزز الجهات الاسلامية على الخصوص بغرض المس بالقوى التقدمية في الوسط العربي.

 

هل يعلم كل المشاركين في الخطاب الذي يُعرف بأنه انتقادي في هذه الشؤون العالم الذي يعيشون فيه؟ ليس هذا مؤكدا. إن الذي يصغي لهذا الخطاب قد يظن احيانا أن "الاعتبارات الامنية" هي ذريعة فقط دائما وأنه ليست لدولة اسرائيل مشكلة أمنية حقيقية ما عدا طبيعتها السيئة هي نفسها.

 

من المؤكد أنه توجد تلاعبات في الخطاب الامني ايضا، لكن الخطاب المعارض له لا يقل عنه تلاعبا. واولئك الذين يدركون أنه ربما يوجد مع كل ذلك هنا وهناك تهديد أمني حقيقي يعتمدون كما يبدو على أنه يوجد من يعالج التهديدات؛ وعمل المنتقدين هو التنديد والتشهير بهذه الجهة المحددة.

 

لم يتحدث عضو الكنيست المذكور عن منع عنف فوري وهو شيء لا يعارضه أحد في ظاهر الامر، بل أيد نشاطا يرمي الى منع التطرف والعنف في المدى البعيد. وهذا في الحقيقة مجال اشكالي خطير فيه مكان للأخطاء وللتلاعب ايضا؛ لكن الامتناع عن هذا النشاط ايضا قد يكون خطيرا. وآمل بعد كل شيء أن تكون السلطة الاسرائيلية على حق حينما اتخذت القرار الذي جاء عضو الكنيست العربي ليحتج عليه. لكن اذا كانت السلطة محقة فانها كانت محقة بالنقاط لا بالضربة القاضية؛ وأنا على يقين من أن تحذير عضو الكنيست لم يكن بلا أساس يقوم عليه. فحتى حينما يوجد سبب صالح يدعو الى عدم السير على إثر ما يقترحه "الامنيون"، فلا يعني ذلك

 

بالضرورة أن التهديد الامني الذي يشيرون اليه ليس حقيقيا، فقد يكون التهديد حقيقيا جدا، لكن ليست كل طريقة ملائمة في دولة ديمقراطية لمواجهة كل تهديد.

 

احدى الحجج الرئيسة على تدخل "الشباك" في هذه المواضيع هي أنه لا توجد شرعية عامة بين المواطنين العرب لهذا التدخل. والمشكلة هي أن عضو الكنيست ذاك وكتلته الحزبية أسهما اسهاما كبيرا في عدم وجود هذه الشرعية. وصحيح ايضا أن المؤسسة الاسرائيلية والاكثرية اليهودية أسهمتا في ذلك. ولست أحسد من يجب عليه أن يقرر ما هي نقطة التوازن الصحيحة بين التقديرات المختلفة في هذا الوضع.