خبر السير بعكس السلام- يديعوت

الساعة 09:31 ص|30 مارس 2014

بقلم: أ.ب يهوشع

(المضمون: اصبحت مسيرة السلام تُحدث وهم أن السلام ربما يأتي آخر الامر وهي لذلك تهب الاطراف صبرا هو سلبية مطلقة - المصدر).

اصبح مصطلح "مسيرة السلام" في السنتين الاخيرتين عبارة اشكالية بل ربما مضرة. واذا اردت أن أتكلم على نحو متناقض منطقيا شيئا ما فانه يمكن أن اقول إن مسيرة السلام تحولت في السنوات الاخيرة الى عائق أمام السلام نفسه.

اصبحت "مسيرة السلام" على ايدي الاسرائيليين والفلسطينيين والامريكيين والاوروبيين ايضا بمعنى ما – نوعا من كيان مستقل دبلوماسي الكلام الاخلاقي والسياسي فيه أهم من افعاله، ولا يغطي منظره الخارجي على عدم فعل حقيقي فقط بل واسوأ من ذلك على افعال تناقض السلام نفسه بصورة واضحة. فمسيرة السلام موهمة وهي لذلك مطمئنة بأن السلام سيأتي لا ريب. وتهب صبرا وفي نهاية المطاف سلبية مطلقة.

 

وللدليل على ذلك تعالوا نتذكر مسيرة السلام القصيرة الناجعة بين اسرائيل ومصر وهما دولتان كانت بينهما حروب كبيرة دامية. بدأت مسيرة السلام هذه على نحو دراماتي بزيارة الرئيس المصري السادات لاسرائيل في تشرين الثاني 1977، وبعد أقل من سنة تم الاتفاق في كامب ديفيد على مبادئها الرئيسة وهي الانسحاب ونزع السلاح واقتلاع مستوطنات وافتتاح سفارتين. وبعد بضعة اشهر وقع على الاتفاق نفسه وما زال اتفاق السلام هذا صامدا منذ أكثر من 35 سنة.

 

وفي مقابل ذلك فانه في حين وقع على الاتصال الاول بين اسرائيل والفلسطينيين في اوسلو في 1993 مر منذ ذلك الحين أكثر من عشرين سنة وما زال اتفاق السلام بعيدا. وفي خلال هذه السنين وقع على عدد من الاتفاقات المرحلية الصغيرة نُقض اكثرها ونشبت صدامات دامية شديدة بين الطرفين استمر بعضها الى اليوم ولن نذكر المستوطنات الاسرائيلية التي اتسعت جدا.

 

وفي خلال السنوات التي مرت منذ كانت اوسلو تنقل بين الطرفين عشرات بل مئات من الوسطاء والمبعوثين الاوروبيين والامريكيين – وغيرهم ايضا – وتمت عشرات اجتماعات القمة من انواع مختلفة وأجريت اتصالات مباشرة في جميع المستويات، وجاء رؤساء الولايات المتحدة ووزراء خارجية الولايات المتحدة وأمنها ووزراء دول اوروبية كثيرة الى القدس ورام الله للحديث وتأليف القلوب وعرض اقتراحات جديدة. وجاء وزير الخارجية الامريكي جون كيري في نصف السنة الاخير الى اسرائيل والسلطة الفلسطينية 11 مرة ليدفع بمسيرة السلام قدما وهي التي ما زالت متخندقة في مكانها.

 

إن الشهادة الأصدق على عدم تأميل أن تنجح المسيرة السلمية في بلوغ غايتها، أي السلام نفسه، يمكن أن تجدها في احاديث عرضية في كل شارع في اسرائيل وكل مدينة في الضفة الغربية. ويتفق اشخاص معتدلون من الطرفين على شيء واحد ايضا وهو عدم تأميلهم أن تبلغ مسيرة السلام الحالية الى غايتها. ويوجد آخرون ايضا من اليسار واليمين لا يرون أملا ألبتة في أن يتم احراز سلام في يوم ما.

 

ومع كل ذلك ما زالت الاكثرية الحاسمة تتفق على أنه لا يجوز على أي حال من الاحوال وقف مسيرة السلام، عن شعور بأنه بعد يوم كامل تتم فيه في واقع الامر افعال تناقض كل احتمال للتسوية، يحسن النوم في الليل في حين تكون مسيرة السلام غافية بجانب الوسادة.

 

من المثير للاهتمام أن الاكثرية الحاسمة من الاسرائيليين والفلسطينيين وجميع الوسطاء بالطبع ايضا يرسمون على نحو متشابه المضامين الواقعية لاتفاق السلام المناسب الصحيح بين فلسطين واسرائيل بيد أن مسيرة السلام اللانهائية هذه ما زالت تُحدث مختلف الاحلام المتوهمة لتنازلات محتملة اخرى يستطيع كل طرف أن يحرزها من الطرف الآخر، ولهذا فانه في ضمن مسار الانتاج اللانهائي الذي لا يكل للأوهام المتعلقة بالتنازلات التي سيحرزها كل طرف ربما في تفاوض في المسيرة السلمية، أخذ السلام نفسه يُسحق ويبتعد.

 

ماذا نفعل اذا؟ أرى ان ازمة حقيقية حادة فقط يمكن أن تدفع بالسلام قدما؛ لا ازمة تتعلق على الخصوص بنشوب أحداث عنف بل ازمة تتعلق بقطع اتصال والغاء رسمي – وإن يكن مؤقتا – لمسيرة السلام. ولا يصح هذا بالطبع على الطرفين فقط بل على مختلف الوسطاء في الأساس ولا سيما الولايات المتحدة التي تتصرف مثل عاملة اجتماعية ضعيفة الشخصية في دار لاشخاص مشاكسين.

 

إن انصراف الولايات المتحدة الرسمي يأساً عن كل مسيرة السلام سيُحدث ذعرا في دوائر واسعة بين الفلسطينيين والاسرائيليين وربما يحثهم على مبادرة حقيقية الى تحادث عملي موضوعي، ومن المراد أن يكون سريا ايضا، نحو اتفاق ممكن.