خبر تمديد وضع .. يديعوت احرونوت

الساعة 08:58 ص|28 مارس 2014

  بقلم: اليكس فيشمان

 

          (المضمون: يبدو أن الصيغة الامريكية الجديدة المتشكلة لتمديد أمد المحادثات هي أن يوافق أبو مازن على تمديد أمد المحادثات في مقابلة أن يضائل نتنياهو البناء في المستوطنات وأن يبقى السجناء العرب الاسرائيليون في السجن - المصدر). 

  

          خلصوا في فريق التفاوض الاسرائيلي الى استنتاج أن اصرار أبو مازن على الافراج عن عرب اسرائيليين في اطار النبضة الرابعة هو اصرار تكتيكي فقط. فليس عليه أي ضغط – لا من الشارع ولا من اجهزة الامن بل ولا من وسائل الاعلام – للافراج عنهم خاصة، لأن الفلسطيني حينما يفكر بالافراج عن سجناء يهتم بأهل بلده أولا، فهو يفضل أن يُفرج عن سجناء من نابلس ورام الله قبل سجناء من وادي عارة، هذا الى أن 26 سجينا ليسوا أكثر من رمز. فحينما ينتظر الشارع الفلسطيني من السلطة أن تعمل في الافراج عن سجناء يقصد كل اولئك الآلاف الذين ما زالوا يمكثون في السجن الاسرائيلي منذ فترة "السور الواقي". ولكل عائلة من تلك الفترة سجينا في السجون الاسرائيلية. 

  

          ولهذا لا يتأثر أحد من الشركاء في التفاوض حقا ما عدا الادارة الامريكية التي أصيبت بهستيريا على غير وجه حق بسبب ازمة السجناء. وتقدير الوضع – في الجانب الفلسطيني والجانب الاسرائيلي ايضا – أن ازمة النبضة الرابعة تُبتغى بها حاجات داخلية. فلن تكون دفعة اليوم اذا ولن تسقط السماء على الارض. وبعد أن يستخرج أبو مازن كل العصير من الخطأ الذي اخطأه الوسيط الامريكي بطيبة قلب، سيتقدم قدما. 

  

          كان في جيوب الامريكيين منذ المرحلة الاولى قائمتا سجناء مختلفتان: اسرائيلية وفلسطينية. ولم يفهموا آنذاك لماذا لا تتشابه القائمتان. فالحديث في الحاصل العام عن 104 سجناء من الفترة التي سبقت اوسلو فلماذا يُصدع الرأس في وقت ما زالت توجد فيه قضايا كثيرة مُلحة؟ فأجل الامريكيون أمر الاسماء الى النبضة الرابعة هذا الى أن عددا من العاملين مع وزير الخارجية كيري كان عندهم شك أصلا في أن نصل الى هذه النبضة. 

  

          قبل اسابيع معدودة فقط حينما بدأوا يعالجون النبضة الرابعة بدأ الجري عندهم فولد الجري هستيريا وولد في الهستيريا حلولا غريبة، وقد فحص الامريكيون في ضمن ما فحصوا عند الطرفين خيار تأجيل الاجل المسمى لتقديم اتفاق الاطار بضعة اسابيع اخرى وكأن شيئا ما سيحدث في هذه الاسابيع. واستغلوا هذا الوضع في اسرائيل لانشاء حيلة "بولارد الدعائية": وهي طلب اسرائيلي نُقل الى الامريكيين على نحو غير رسمي أصبح فجأة فكرة امريكية بُحثت بجدية في الادارة لتحلية حبة الدواء لاسرائيل اذا أفرجت عن سجناء من عرب اسرائيل. 

  

          كانت الافكار المعقولة الوحيدة التي عرضها الامريكيون على أبو مازن في الايام الاخيرة من صنع اسرائيل خاصة: فاقترح بدل الافراج عن عرب اسرائيليين الافراج عن سجناء فلسطينيين نفذوا جرائم قبل اوسلو لكنهم حوكموا وسجنوا بعد اوسلو. ولما لم يكن الحديث عن عدد كبير جدا فُحص ايضا عن امكانية المرونة فيما يتعلق بتاريخ اتفاقات اوسلو: من آب 1993 (الاتفاق في ستوكهولم) الى أيار 1994 (التوقيع على اتفاق القاهرة). وفي هذه الفترة نفذت عمليات ارهابية اخرى وهذا شيء يمكن أن يملأ احتياطي المفرج عنهم المحتملين. 

  

       تهديد على الورق 

  

          ليس من الواضح ماذا ستكون صيغة استمرار المحادثات لكنهم سيجدونها آخر الامر. وهم في مكتب وزير الدفاع يعلون وفي ديوان رئيس الوزراء نتنياهو على يقين من أن المصلحة الفلسطينية – كالمصلحة الاسرائيلية بالضبط – هي تمديد أمد التفاوض لأنه ليس للطرفين أي بديل آخر. وهم في جهاز الامن لا يؤمنون بأن يتجه الفلسطينيون الآن الى مؤسسات الامم المتحدة للحصول على مكانة دولة في نحو من 30 منظمة. ويقول شخص أمني رفيع المستوى إن هذا تهديد لاسرائيل لكن في اللحظة التي ينفذ لا يعود موجودا، هذا الى أنه اذا اتجه الفلسطينيون اليوم الى تنفيذ هذا التهديد فسيجدون مجلس نواب امريكيا معاديا. ولهذا فان البقاء مع التهديد أهون على أبو مازن من تنفيذه. 

  

          وبديل تفجير التفاوض وتمكين الشارع من قيادة مواجهة مسلحة هو حل سيء بالنسبة للسلطة، فالاتجاه الى انتفاضة ثالثة يعني ضياع السلطة ولا تستطيع السلطة أن تبيح لنفسها اضاعة السلطة لأنها لن توجد آنذاك ببساطة. هذا الى أن شرعية استمرار التفاوض من وجهة النظر الاسرائيلية تنبع من أن السلطة تمنح قدرا ما من الامن، ففي اللحظة التي تكف فيها السلطة على أن تكون عامل اعتدال وتصبح عامل تحريض، من يحتاج اليها شريكة؟. 

  

          اذا كانت اجهزة الامن الفلسطينية اشارة الى اهتمام الجمهور الفلسطيني بالمسيرة السياسية فان النتيجة مخيبة للآمال جدا لأن الشأن الساخن الذي يشغل اجهزة الامن الفلسطينية اليوم هو على الخصوص الاختلاف الشديد بين معسكر دحلان ومعسكر أبو مازن. في الاسبوع الماضي ظهر محمد دحلان في التلفاز المصري وشهّر بأبو مازن ساعتين ونصفا بما لم يتجرأ على فعله أي مسؤول كبير فلسطيني آخر. وأصبحت بدعة اليوم بين رؤساء الاجهزة تملق أبو مازن باصطياد ناس دحلان. فلم تعد اسرائيل هي العدو اللدود ولا حماس ايضا. فالمسار السياسي لا يعنيهم ولا يملي برنامج عملهم وهم يظهرون الولاء لأبو مازن بمحاربة ناس دحلان. وسيتحول رئيس جهاز الامن الذي سيأتي لأبو مازن بدحلان مقيدا، الى بطل قومي. 

  

       أسرى ضغط 

  

          يبدو أن الامريكيين دُفعوا الى طريق مسدود، فقد أعلن الفلسطينيون أنهم لن يمددوا أمد المحادثات ما لم تفرج اسرائيل عن السجناء، وأعلنت اسرائيل أنها لن تفرج عن السجناء ما لم يوافق أبو مازن على تمديد أمد المحادثات. لكن حينما ذكر الطرفان للامريكيين ما لا يوافقان عليه، ذكرا ما يوافقان عليه ايضا، فقد أقنع أبو مازن كيري في لقائهما في عمان بأنه يجب أن يعرض على جمهوره انجاز ما لتمديد أمد المحادثات أكثر مما تم الاتفاق عليه بازاء الوضع الراهن في التفاوض واستمرار البناء في المستوطنات، وفي مقابل ذلك أرادوا في اسرائيل شيئا ينفي الافراج عن السجناء من عرب اسرائيل ويُمكن من استمرار المحادثات. ويبدو أن الصيغة المخلصة ستنحصر في خفض ايقاع البناء في المستوطنات. 

  

          إن وزير الخارجية الامريكي في محادثة "الفيديو كونفرانس" الاسبوعية بين كيري ونتنياهو (في الاسابيع التي لا يكون فيها للامريكيين ازمة اخرى في العالم كما في اوكرانيا، يجد كيري وقتا ليحادث نتنياهو مثل هذه المحادثات مرتين كل اسبوع)، طلب وزير الخارجية ولم يرفض رئيس الوزراء حقا خفض ايقاع البناء خارج الكتل الاستيطانية في المناطق. وأُثير الموضوع ايضا في لقاء في البيت الابيض بين أبو مازن واوباما قبل اسبوعين. وطلب أبو مازن سجناء، وطلب البرغوثي (كان واضحا في اسرائيل أنه لا يقصد في جدية اخراج خصم سياسي من السجن وأن ذلك القول قيل لضرورات داخلية فقط) وطلب خفض ايقاع البناء. وقال للرئيس: لا استطيع أن أظهر في الوطن مع موافقة على تمديد أمد المحادثات في حين تكون اسرائيل مستمرة على البناء في المناطق، وأنا لا أحتاج الى اعلان اسرائيلي بالتجميد فيكفي أن تكف اسرائيل في هذه الفترة، فترة تمديد التفاوض نصف سنة آخر، عن الهياج خارج الكتل الاستيطانية. وزعمت مصادر امريكية أن نتنياهو لم يرفض الفكرة رفضا باتا وأن هذا ما يُطبخ الآن. 

  

          سيزور اوباما السعودية في نهاية الاسبوع القريب. وقد بينت جهات سعودية رفيعة المستوى جدا للادارة الامريكية أنه اذا جاء لزيارة ودية كي يطلق عددا من تصريحات الطمأنة فيحسن ألا يأتي. لكن اذا جاء مع خطة عمل لكل واحدة من خمس نقط الاختلاف بين الولايات المتحدة والسعودية وهي الاتفاق مع ايران الذي لا تقبله الرياض، وعدم التدخل الامريكي في سوريا، والازمة في التفاوض الاسرائيلي الفلسطيني، والحظر الامريكي على مصر وعلاقات الولايات المتحدة بقطر التي تراها السعودية جهة عدوا – فيوجد ما يُتحدث عنه. 

  

          عند الامريكيين اليوم ثلاثة بدائل عن وثيقة الاطار التي يفترض أن تُقدم الى الطرفين في نهاية نيسان. الاول عرض وثيقة اطار "مُرققة" لتسوية دائمة لا تشمل التزامات اسرائيلية لاستمرار المحادثات على أساس حدود 1967، ولا تتحدث عن القدس عاصمة فلسطينية بل يُتحدث عن عاصمة فلسطينية لها صلة بالقدس، ولا تتناول مسؤولية الفلسطينيين عن الحدود. بيد أن هذه الوثيقة رفضها أبو مازن رفضا باتا في باريس في 17 آذار. والبديل الثاني المضي بلا وثيقة وأن يُطلب من الطرفين زمن آخر لمحاولة التقريب بين وجهات النظر. والبديل الثالث أن يُنزل على الطرفين وثيقة امريكية يفترض أن تحسن عناصر التسوية، وبعبارة اخرى القضاء على أحلام الطرفين. وكان هذا هو موقف اوباما الأصلي. ففي الوقت الذي كان فيه كيري يؤمن بأنه يقود الى تسوية دائمة كان اوباما يتحدث عن قاعدة محسنة لوثيقة كلينتون تقرب مواقف الطرفين بحيث يصبح أسهل على الرئيس التالي – الذي سيحل له القضية الذرية الايرانية ايضا – أن يتوصل الى تسوية كأن تكون وثيقة تقضي بصراحة أن يتنازل الفلسطينيون عن حلم حق العودة وتتنازل اسرائيل عن حلم التفرد في القدس. ويرى اوباما أنه اذا صحا الطرفان من الحلم فان ذلك سيمهد لحل دائم. بيد أن ذلك لن يحدث في ولايته. 

  

          يسود الفريق الامريكي الآن شعور بالذعر، ففضلا عن أن الطرفين لم يتقاربا منذ بدأت المحادثات، باعدت صورة ادارة كيري للتفاوض بينهما. وهم ينتظرون الآن أن يصرح اوباما في السعودية بشيء ربما يعيد الطرفين الى المسار. 

  

       دعم من الجامعة العربية 

  

          عزز أبو مازن نفسه في الاسابيع الاخيرة في مسألة عدم الاعتراف بأن اسرائيل دولة يهودية، فقد جمع المجلس الثوري في فتح وحصل هناك على اكثرية لقرار عدم الاعتراف بأن اسرائيل دولة يهودية؛ وكرر الحيلة نفسها في اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف وحصل على دعم من الجامعة العربية التي عادت وأكدت هذا القرار. وقد جعل أبو مازن موضوع الدولة اليهودية راية لأن هذا هو ما يريد الشارع الفلسطيني أن يسمعه. وهذا هو الموضوع الوحيد ايضا الذي ما زال من الممكن أن يعتصر منه عدة قطرات لضرورات داخلية – في الجانب الاسرائيلي وفي الجانب الفلسطيني ايضا. 

  

          تُحلل شخصية أبو مازن في اسرائيل في أكثر مستوياتها سرية. فيصعب عليه أن يفاجيء المختصين في اسرائيل الذين يشتغلون بالامر الفلسطيني. فهو يعارض الاعتراف بالدولة اليهودية في المستوى الايديولوجي. لكنه حتى لو لم يعارض فان الحديث عن تصريح فيه خطوة مبالغ فيها تكاد تكون ثورية بالنسبة اليه. وليس هو في الحقيقة طراز الخطوات الدراماتية وليس هو الشخص الذي يعلن بمليون شهيد يسيرون الى القدس؛ وليس نصر الله الذي يهدد بالحرب؛ وليست له خلفية عرفات وتأثيره. وهو من جهة ثانية ليس رجل الحلول الدراماتية في المسار السياسي بل هو من أنصار الخطوات الصغيرة بأن توجد خطوة اخرى وافراج آخر عن سجناء وتخفيف آخر هنا وهناك وتجميد بناء آخر وخطبة اخرى في الامم المتحدة. ويشكون في اسرائيل في أن يكون أبو مازن هو الزعيم الذي يوقع على اتفاق سلام أو على حل دائم لا لأنه لا يريد السلام بل لأنه ببساطة غير مهيأ لذلك في الصعيد الشخصي. 

  

          يعرف وزير الدفاع يعلون تحليلات شخصية رئيس السلطة هذه. وهو يؤمن بأن أبو مازن يتابع نظرية مراحل عرفات التي ترمي الى نقض عُرى اسرائيل. لكن حينما يقول يعلون إن أبو مازن ليس شريكا يقصد أيضا أن أبو مازن غير قادر على التوقيع على اتفاق فيه مصالحة عظيمة على المواضيع الجوهرية. وليست عنده قدرة على مواجهة هذه الدراما ولهذا ستطول المحادثات وتطول الى أن يقول الشارع قوله.