خبر اعتراف بدولة يهودية قومية- هآرتس

الساعة 11:15 ص|26 مارس 2014

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: إن طلب القيادة الاسرائيلية من الفلسطينيين أن يعترفوا بيهودية الدولة ليست غايته احباط التفاوض فقط بل هو ينبع من خوف على الهوية الداخلية التي يُراد لها أن تكون هوية يهودية لا اسرائيلية - المصدر).

 

"نسوا ما معنى أن يكونوا يهودا"، همس بنيامين نتنياهو في أذن الحاخام كدوري غير الصاغية في 1997. و"هم" تعني "آكلي الأرانب"، و"اليساريين"، و"طيبي القلوب"؛ و"هم" جزء جليل من السكان في دولة اسرائيل (مع حذف العرب الذين لم يُطلب منهم الى الآن كما تعلمون أن يكونوا يهودا). فاليهود الحقيقيون كما يرى نتنياهو هم فقط اولئك الذين تنبع اسرائيليتهم من يهوديتهم، والاسرائيلية لا يمكن أن تكون من وجهة نظرهم سوى يهودية.

 

ويتفرع من ذلك أن اليهود الحقيقيين يجب أن يحاربوا بما أوتوا من قوة "دولة كل مواطنيها"، لأن هذا المصطلح ينطوي على تهديد فظيع فهو يرفض وجود اسرائيل دولة وارضا لاستيعاب اليهود وحدهم. وهذه قومية طموحة تطهيرية تبلغ حد العنصرية لا أقل ولا أكثر من القومية الفلسطينية لأن فلسطين ايضا مخصصة لتكون دولة الشعب الفلسطيني فقط وارضا لاستيعاب ملايين اللاجئين منه وحدهم فقط.

 

يحق لاسرائيل في ظاهر الامر كالفلسطينيين أن تطلب اعترافا بقوميتها الدينية. لكن هاوية تفصل بين طلب الفلسطينيين الاعتراف وبين الطلب اليهودي. ففي حين تُشتق قومية الدولة اليهودية وهويتها (بخلاف دولة اسرائيل) من الدين والوعد الالهي والتاريخ المعادي للسامية المأساوي، تعتمد الرواية والهوية الفلسطينيتان في ثقل على التاريخ المشترك للشعب الفلسطيني والحركة الصهيونية. وفي مقابل الطلب اليهودي الاعتراف بـ "جمهورية اسرائيل اليهودية"، وهذا تعريف يشبه تعريف باكستان وايران، يطلب الفلسطينيون اعترافا بالنكبة وهي المأساة التي ولّدت مشكلة اللاجئين، وبالرواية التاريخية التي تصف ضياع الارض الفلسطينية. ولم تعترف اسرائيل بكل ذلك قط ويبدو أنها لا تنوي أن تعترف بذلك الآن ايضا.

 

إن الخوف اليهودي هو أن يستتبع الاعتراف بالمسؤولية عن نصيبها من الرواية الفلسطينية مطالب تعويض أو يؤبد حلم العودة الفلسطينية الى الارض اليهودية وأن ذلك سيمنع انهاء الصراع ايضا. وليس لهذا الزعم ما يقوم عليه، فاسرائيل لم تنسَ ولم تغفر لالمانيا أن تحملت مسؤولية كاملة عن جرائمها، ومع ذلك كله لا يوجد صراع بين الدولتين. وفيتنام لم تغفر ولم تنس فظائع الحرب لكن الصراع بينها وبين الولايات المتحدة أفل منذ زمن ومثله ايضا الصراع القومي بين الجزائر وفرنسا ونضال الدول الافريقية كاملة لمحتليها المستعمرين.

 

لن تستطيع اسرائيل أن تمحو الذاكرة الجماعية الفلسطينية ولا مشاعر الغضب والرغبة في الانتقام عند مواطنين فلسطينيين كثيرين ما زال عدد منهم في مخيمات اللاجئين خارج فلسطين، ويزور عدد منهم أعزاءهم في المقابر في الضفة أو في السجون في اسرائيل. لكن الدول لا تنتقم بخلاف المواطنين بل تحل صراعاتها باتفاقات.

 

ومن هنا لا ينبغي أن نرى أن الرفض اليهودي للاعتراف بدولة فلسطينية وطلب الاعتراف الفلسطيني بيهودية اسرائيل فقط، حيلة سياسية فقط ترمي الى احباط التفاوض بل ينبع طلب الاعتراف بالجمهورية اليهودية من خوف الهوية الداخلية. وهو يرمي الى أن يُعرف لمواطني اسرائيل – عن طريق الفلسطينيين خاصة – يهودية دولتهم، وهي جزء أساسي في تراث الهوية الذي يطمح نتنياهو الى أن يورثه لشعب اسرائيل.

 

يضاف طلب نتنياهو الاعتراف بالدولة اليهودية الى جهود لتدريس التراث بزيارات المستوطنات وقبور الآباء القدماء ومضامين موجهة في دراسات المدنيات مع إبعاد مستمر منهجي للرواية الفلسطينية عن دراسة التاريخ، وقوانين تمنح اليهود امتيازات واضحة بالنسبة للأقليات. وأخطر من ذلك أن طلب الاعتراف بدولة يهودية يهدد الهوية الاسرائيلية التي أخذت تفنى في الهوية اليهودية القومية، أكثر من كل شيء، وهي هوية لا تُنسي أي اسرائيلي "معنى أن يكون يهوديا".