خبر الاحتلال جعلنا دولة غير عادية -معاريف

الساعة 10:25 ص|24 مارس 2014

بقلم: درور زرسكي

(المضمون: حادثة انزال مستوطن العلم عن سطح بيت فلسطيني في الخليل ترمز الى الوقاحة الاسرائيلية بعد خمسين سنة من الاحتلال - المصدر).

 

يا له من رمزي أن علما واحدا لفلسطين يجسد قصة اسرائيل الجديدة على نحو أفضل من كل تحليل معمق لعالم انسان، مجتمع أو مجرد خبير في تاريخ النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني.

 

هكذا حصل: مستوطن من الحاضرة اليهودية في الخليل لم يستطب حقيقة أن علم فلسطين يرفرف على سطح البيت الخاص لمقيم فلسطيني قرر أن القانون هو بشكل عام مجرد توصية، ولهذا فقد اعتلى سلما في محاولة لانزال العلم، فيما كان يقتحم الحرمة الخاصة. المستوطن، الذي حسب ما يشاهده المرء في الشريط الذي وثق الحدث هو مهاجر جديد من روسيا، ادعى على مسمع من صاحب البيت الفلسطيني، دون أن يتلعثم، بان بلاد اسرائيل كلها لنا ولهذا فمسموح له أن يغزو السطح الذي ليس له كي ينهي خطوة ازالة العلم.

 

تفصيل آخر يعظم الصورة السريالية الى درجة الكمال هو الاسلاك الشائكة التي تحيط بالبيت الفلسطيني والتقاطها بلباب المستوطن الوقح الذي وضع السلم سعيا حازما منه بازالة العلم. جنود الجيش الاسرائيلي الذين حضروا الحدث تخوفوا من كاميرة منظمة "بتسليم" التي وثقت الوقاحة الاسرائيلية وامتنعوا عن التدخل، باستثناء واحدا منهم، اضطر الى مساعدته للافلات من الاسلاك الشائكة.

 

في العالم السليم، قبل تأثير أربعين ونيف من سني الاحتلال، كان المستوطن الجريء ليجد نفسه ينزل مكللا بالعار عن السلم ليقتاده جنود الجيش الاسرائيلي الى التحقيق على تجاوز الحدود (نعم، للعرب أيضا حرمة شخصية). غير أن اسرائيل الحديثة لم تعد حقا مجتمعا سليما، وذاك المستوطن حصل على جائزة على عمله وبعد بضعة ايام من ذلك ارسلت قوة من الجيش الاسرائيلي لازالة العلم بدلا منه. وذلك لانه بزعم قائد كتيبة الخليل العلم – وليس الغازي – هو الذي يمس بالوضع الراهن.

 

وهذا ليس كل شيء – سنبقى في ذات القاطع، هذه المرة في جنوب جبل الخليل. فتى فلسطيني ابن 15 تعاطى مع السياج الفاصل في المكان أطلقت قوة من الجيش الاسرائيلي في المكان النار عليه فتوفي بعد ذلك متأثرا بجراحه في المستشفى الذي نقل اليه. وفي الجيش الاسرائيلي يدعون بانه أتبع ضد الفتى نظام اعتقال مشبوه بعد أن شخصت القوة ثلاثة مشبوهين يخربون السياج الطيب. في دولة سليمة وسوية العقل كنا سنصرخ في صالح الفتى التي أنهى حياته بهذا الشكل المأساوي، غير أننا سنتذكر ونذكر مرة اخرى باننا منذ زمن بعيد لم نعد في مصاف الحياة الطبيعية، ولهذا فان الحدث المؤسف يستقبل بعدم اكتراث ولامبالاة دون أن يرف لها جفن.

 

ليس في قلبي ضغينة على جنود الجيش الاسرائيلي في هذين الحدثين. فهم يعلقون رغم أنفهم في واقع مجتمع عنيف يجعل النزعة القومية العادية نزعة قومية أيديولوجية متطرفة باسمها مسموح عمل كل شيء والصلاحيات ممنوحة بلا حساب. وعندما نتقدم نحن بخطى جبارة نحو سنوات اليوبيل على الاحتلال، فاننا نفقد الفهم بان الفتى الذي يكبر عندنا – ابناء 18 في العالم هم بالاجمال فتيان – هو الذي يفترض أن يترجم سياسة التحكم بشعب آخر في صورة أداء عنيف وعديم المراعاة لاحتياجات الآخر.

 

نحن سنواصل الصراخ على الجميع بأن بلاد اسرائيل اعطيت لنا قبل ألفي سنة، واذا ما تجرأ أحد ما على ان يعلق على سطح بيته علما قوميا فلسطينيا فاننا سنبعث اليه بذاك الذي هاجر الى اسرائيل قبل يومين ليبلغه بان بلاد اسرائيل كلها له، والفلسطيني، الذي تسكن عائلته هنا مئات

 

السنين، ليس أكثر من ضيف غير مرغوب فيه. هيا الى الامام، أيها الجنود، فالعدل ينبغي أن يقام وليس فقط أن يرى – انزلوا العلم من هناك.