خبر أسئلة جولة غزة... للمقاومة وللعدو ..إبراهيم الأمين

الساعة 10:25 ص|15 مارس 2014

ليس على قاعدة مخالفة السائد، لكن على قاعدة مساءلة المخالف، يُطرح السؤال: هل جاءت عملية الجهاد الاسلامي «كسر الصمت» في مواجهة اعتداءات العدو الإسرائيلي، رسالة الى العدو نفسه، ام الى كل من يمارس الصمت، داخل غزة وخارجها؟

شرح زعيم الجهاد الدكتور رمضان عبد الله شلح البعد المتصل بتوجيه رد إلى العدو، الذي يواصل اعتداءاته دونما رادع. وشرح ايضا الموقف المحذر لسلطة رام الله من التورط في صفقة خاسرة سلفا مع العدو برعاية الولايات المتحدة.

وقال كذلك ما يمكن قوله عن تأثيرات الاوضاع العربية في القضية الفلسطينية.

لكن القيادي الفلسطيني، لم (وليس متوقعا منه أن) يعلن رسالة الى الاخرين. والاخرون هم هنا، القوى المعنية بالمقاومة في داخل فلسطين. ما يجعل السؤال مشروعا عن موقف حركة حماس مما جرى ويجري.

المعطيات الميدانية، تشير الى ان الجهاد الاسلامي لم تتصرف دون التشاور مع حماس. هذا لا يعني انها اخذت اذنا من حماس، لكنها تصرفت بعقل، ربطا بكون حماس تمثل شريكا اساسيا في تيار المقاومة، ثم لها موقعها المؤثر والحاسم داخل القطاع وداخل المعادلة. ثم لان الجهاد الاسلامي ليس بوارد قتال العدو عن طريق قتال آخرين.

حماس نفسها، لم تقف على الحياد بالمعنى الذي ينفع مع جماعات «النأي بالنفس» في اماكن اخرى من عالمنا العربي. وقالت حماس ما يجب ان تقوله سياسيا او على لسان كتائب عز الدين القسام، لكن حماس، كانت تعي تماما، ان الوقت ليس وقت الحرب المفتوحة مع العدو. وهو امر تقر به قيادة الجهاد الاسلامي، لكن الفارق بين الطرفين، ان حماس لا تظهر استعداداً للتورط حتى في جولة واحدة من شأنها تحريض العالم على التدخل، بينما يمكن الجهاد القيام بذلك. والفارق، يتصل بكون الجدول السياسي لحركة حماس، لم يعد الى ما كان عليه قبل عام 2011. اي إن اولوية المقاومة المطلقة، لم تعد الى ما كانت عليه سابقا. هذا لا يعني ابدا، ان حماس تخلت عن المقاومة، او هي مستعدة للمساومة على رأسها، لكن حماس، ومقاومتها، تدفعان ثمن حالة البلبلة التي تواجهها الحركة منذ انخراطها في حراك الاخوان المسلمين في الدول العربية، وتورطها اكثر في استراتيجية الاخوان في مرحلة ما بعد تولي الحركة ادارة الحكم في مصر وتونس، والمشاركة القوية في ادارة دول اخرى.

ثمة نقاش سوف يظل مطروحا بمواجهة حماس، وعلى العاقلين هنا، التصرف انطلاقا من كون الاسئلة تتصل بكون المقاومة ستبقى هي الخيار الوحيد لاستعادة الحق الفلسطيني، وهو امر لا مناص من العودة اليه كل لحظة. والسؤال الموجه الى حماس اليوم وغدا وفي كل حين: الم يحن اوان المراجعة الشاملة والشفافة والجريئة لمرحلة السنوات الثلاث الماضية، واعادة رسم خارطة طريق تخدم طريق المقاومة، وفقط المقاومة؟

اسرائيليا، كانت الصورة اكثر وضوحا. ما دفع العدو الى رفع مستوى الاعتداءات ضد المقاومة في غزة، لا يتصل فقط بما يجري في القطاع من انشطة تخص تعزيز قدرات المقاومة، ولا سيما أن في تل ابيب من يقول إن العدو يفضل مواجهات متفرقة على الحدود مع غزة، على هدوء يمكّن المقاومة من تحويل شريط الحدود مع غزة الى شرك كامل من المتفجرات والانفاق، لكن اسرائيل نفسها، لا تبدو معنية بصراع كبير. اما ما حصل، فله تفسير متصل بلعبة التقدير القائمة لدى قيادة العدو منذ فترة.

اسرائيل التي استغلت الازمة السورية، نجحت في كسر قواعد اللعبة بحيث تشن غارات جوية على اهداف سورية دون توقع رد فعل سوري. هي جربت حظها مع لبنان أخيرا. عندما قصفت هدفا لحزب الله على الحدود اللبنانية ـــ السورية. واسرائيل تعاين جيداً القصف الصاروخي على هدف في الجولان، وتعطيل محاولة زرع عبوة على حدود الجولان، وتفجير عبوة امس داخل المناطق المحتلة في مزارع شبعا. وهي تدرس كل هذه الاحداث على انها رسالة من المقاومة في لبنان لرفض تغيير قواعد اللعبة. وهي رسالة سوف تتكرر إذا ما تطلب الامر.

في فلسطين، تعتقد اسرائيل ان حماس في «مأزق»، وأنها لا تقدر على الدخول في مواجهة. وهي قدرت ايضا ان لا امكان لاي قوة فلسطينية اخرى ـــ على راسها الجهاد الاسلامي ـــ للتحرك ايضا. ثم هناك الازمة القائمة بين مصر وحماس، التي تنسحب على كل قطاع غزة، واقدام الجيش المصري على تدمير عدد هائل من الانفاق، وقد وجدت فيها اسرائيل ما يوسع هامش المناورة امامها ايضا. ثم جاءت عملية القرصنة البحرية التي اوقفت «شحنة نوعية» من الصواريخ السورية المرسلة الى غزة، لأجل حث إسرائيل على القيام بما تراه مناسبا لفرض وقائع ميدانية تتجاوز اتفاق التهدئة الذي قام عام 2012.

لكن اسرائيل صعقت برد الجهاد الاسلامي. لم تجد فيه اصلا ردا تناسبيا مع حجم اعتداءاتها. وجدت في صليات كثيفة بنحو 150 قذيفة وصاروخا على مستوطنات الغلاف لتفرض اسئلة جديدة. رد الجهاد فهمته اسرائيل على انه يتجاوز رد فعل غاضبا، بل هو مندرج في سياق تظهر فيه المقاومة استعدادا للذهاب الى ابعد من تراشق محدود. ثم اضطرت اسرائيل كما قوى اخرى، إلى فحص جوانب اخرى، تتصل بما اذا كانت حركة الجهاد الاسلامي تدرج ردها في سياق يتجاوز حدود القطاع، وان يكون هناك ما يتصل بتيار المقاومة ككل.

جولة غزة الاخيرة، مثلت نقطة اختبار ناجحة لقوى المقاومة. ومثلت عنصر قلق لاسرائيل، لكنها زادت من حجم الأسئلة الموجهة الى حركة حماس.