خبر لكن العالم مع ايران -هآرتس

الساعة 09:44 ص|13 مارس 2014

لكن العالم مع ايران -هآرتس

بقلم: آري شبيط

 (المضمون: انتصرت اسرائيل على ايران انتصارا تكتيكيا لكن ايران انتصرت عليها انتصارا استراتيجيا فالعالم لم تعد تؤثر فيه عمليات اسرائيل الموجهة على ايران مهما تكن ناجحة ورائعة - المصدر).

 

إن غزو سفينة السلاح الايرانية على بعد 1500 كم عن سواحل البلاد أثبت مرة اخرى أن الجيش الاسرائيلي الجديد يتمتع في الشرق الاوسط الجديد بحرية عمل لم يسبق لها مثيل. فتفوق اسرائيل الاستخباري والتكنولوجي يُلاقي عجزا عربيا وهو ما يُمكّن لغير الممكن. إن المعلومات الاستخبارية الدقيقة والجيش القوي للديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط يجعلانها قوة اقليمية كبيرة قادرة على فعل ما فعله الاستخباريون ومقاتلو الوحدة البحرية في الاسبوع الماضي وما يفعله الاستخباريون ومقاتلو سلاح الجو مرة بعد اخرى.

 

لم يكن تفوقنا العسكري قط جد ساحق كما هو الآن. ولم يكن وضعنا العسكري جد مريح كما هو الآن. فليس من المفاجيء اذاً أن كان الاحتفال الاعلامي الذي صاحب عملية السفينة يقول إن "كل شيء بهيج". فليس يوجد ما يفوقنا ويفوق قوتنا وقدرتنا على ضرب أعدائنا الايرانيين. لكن الرد العالمي البارد على بطولة سلاح البحرية الاسرائيلي وعلى الأدلة المُدينة التي أخرجها من عرض البحر أثبت عظم الفرق بين قوة اسرائيل العسكرية ووضعها الاستراتيجي. وبصورة معاكسة بيّنت الالعاب النارية لصواريخ إم302 في ميناء ايلات حقيقة أن اسرائيل على الخصوص هي التي ضربتها ايران. وأنه حينما يضطر المجتمع الدولي الى أن يختار بين اسرائيل وايران فانه يفضل ايران. وحينما يواجه نبوءة غضب بنيامين نتنياهو وايهام حسن روحاني فانه يختار ما لدى روحاني. فتهديدات اسرائيل العسكرية ووسائلها وافعالها العسكرية تُرى قديمة غير ذات صلة بالواقع. ويرى العالم الذي يبحث عن السكينة ايران مزودة محتملة بالسكينة ويرى اسرائيل أنها هي التي قد تعتدي عليها وتهيج الحرب.

 

في العقد الاخير قام ثلاثة قادة اسرائيليين مختلفين بثلاث معارك مختلفة على ايران. ففي السنوات 2004 – 2008 كانت المعركة في أساسها معركة مجهولة: وكان يؤمل أن يردع جيمس بوند الايرانيين، فقام بوند بأعاجيب ومعجزات لكن الايرانيين تغلبوا عليه وانطلقوا الى الأمام.

 

وفي السنوات 2009 – 2012 كانت المعركة في أساسها معركة عسكرية: فكان يؤمل أن يوقف سلاح الجو الاسرائيلي الايرانيين وفعل سلاح الجو معجزات وأعاجيب لكن الايرانيين مضوا من سلاح الى سلاح.

 

وفي السنتين 2013 – 2014 كانت المعركة في أساسها سياسية – وكان يؤمل أن يردع مجلس النواب الامريكي الايرانيين. وفعل مجلس النواب الامريكي معجزات وأعاجيب لكن الايرانيين خدعوه بذكائهم ايضا.

 

وهكذا انتهت ثلاث معارك مختلفة الى ثلاث هزائم. إن ايران روحاني وقد أصبح في أقبائها 19 ألف جهاز طرد مركزي تتمتع بشرعية من جديد وباقتصاد متجدد وبصورة بلد ذي حضارة، وفي حين تُدفع دولة اسرائيل الى زاوية مظلمة جدا، تُضاء ايران بضوء وهاج. ولهذا لا يوجد اصغاء حقيقي لصيحات الانكسار الاسرائيلية ولا يوجد تأثر حقيقي بعمليات مقاتلي قوات الصاعقة الاسرائيليين. وفي الوقت الذي تسجل فيه دولة اسرائيل لنفسها انجازات تكتيكية رائعة يكون النصر الاستراتيجي لايران.

 

أنا معدود في القليلين الذين يعتقدون أن اسرائيل محقة تماما في الشأن الايراني، لأنه اذا حصلت ايران على القدرة الذرية فسيحصل عليها الشرق الاوسط وسيتحول القرن الواحد والعشرون الى قرن رعب ذري.

 

لكن كان يجب على اسرائيل لتقنع العالم بعدلها أن تبادر قبل عقد الى حملة سياسية خلاقة، حملة كانت ستفضي الى أن يُفرض على ايران حصار سياسي واقتصادي مطلق. ولم تفعل اسرائيل ذلك، ولم يفعل المجتمع الدولي ذلك، وأصبحنا نواجه النتائج اليوم.

 

إن وهم جيمس بوند، ووهم سلاح الجو الاسرائيلي، ووهم مجلس النواب الامريكي جعلت لاعب الشطرنج الايراني يتقدم اليوم في لعبة الحياة والموت في مواجهة لاعب الشطرنج الاسرائيلي.