خبر عباس... اللقاء الأصعب .. بقلم : نبيل عمرو

الساعة 07:51 م|11 مارس 2014

عندما يلتقي الرئيس محمود عباس، بالرئيس باراك اوباما بعد ايام، يكون قد ترك وراءه سحابة من تصريحات قاطعة ومتشددة، من عيار لا تمديد للمفاوضات ولو لدقيقة واحدة، ليجد امامه كومة من التحديات، وضعها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يعرف كيف يضع جدول اعمال زيارة عباس لواشنطن. انطلاقا من حقيقة بديهية ، وهي ان سنة المفاوضات التي توشك على الانتهاء، شهدت محادثات امريكية اسرائيلية فقط تولى فيها السيد كيري دور ملطف الصيغ، ومبتكر نقاط التقاء ولو لغوية تساعد الفلسطينيين على القبول.

واذا كان لدى عباس حججا قوية ضد نتنياهو ومآثره التي يتباهى بها في امر تقويض أي امكانية لاحراز تقدم ما، فان لدى باراك اوباما اكثر مما لدى عباس من حجج دامغة، كان قد باح بها قبل ان تلامس عجلات طائرة نتنياهو ارض المطار في واشنطن.

غير ان السياسة والمواقف، لا تصنعها المحاججات وقوة المنطق، لانها لو كانت كذلك ، لما صمد نتنياهو ساعة واحدة، ولما تأخرت ولادة الدولة الفلسطينية المستقلة يوما واحدا، فهل هنالك من حجة اقوى من تصويت جميع دول العالم لصالح ولادة الدولة الفلسطينية؟ بل وهل هنالك اجماع دولي اقوى من الاجماع المتبلور ضد سياسات نتنياهو وفي مقدمتها الاستيطان؟.

ان الذي يصنع السياسة ، هي معادلة القوى والمصالح ، معادلة الوضع الذاتي لكل قوة ، ومدى صمودها في مواجهة الضغوط واحداث تغيير في المعادلات.

ان الامريكيين الذين حفظوا عن ظهر قلب ، مرافعاتنا البليغة ضد الظلم الواقع علينا، والذين سئموا من مرونتنا التي غالبا ما تظهر في وقت غير مناسب، فتحسب علينا دون ان نقبض أي ثمن لها.

الامريكيون هؤلاء، يتعاملون معنا على ضوء ما يعرفونه عنا، وليس ما يسمعونه منا، ذلك اننا كتاب مفتوح لمن يقرأ ، لا اسرار عندنا، ولا تخفى اوضاعنا على احد.

الامريكيون يعرفون كم ان الانقسام المتكرس يضعفنا، ويبدد ارصدتنا، ويهرب قدراتنا، ويضائل مردود جهدنا.

والامريكيون يعرفون كذلك، كم نحن غير جديين في الذهاب الى خيارات وبدائل، نكثر الحديث عنها، دون ان نتقدم بوصة واحدة على طريق الاستعداد لها، وضمان كسب معركتها التي ستكون حتما اكثر صعوبة من معارك المفاوضات والمحاججات.

والامريكيون الذين اكتسبوا صفة المقاول المحتكر للحل على المسار الفلسطيني الاسرائيلي ، يعرفون وبالتجربة الوزن الحقيقي لدعم الجامعة العربية لنا ولخياراتنا ، خصوصا وانهم يعرفون اكثر الواقع العربي الذي هو تاريخيا ومنطقيا عمقنا الذي نلوذ به في الملمات.. حتى انه هو ذاته.. صار واحدة من اكبر الملمات والمصائب.

ان لقاء عباس اوباما الذي تفصلنا عنه ايام قليلة، سوف يكون اصعب لقاء يجريه الرئيس الفلسطيني في حياته السياسية، وهو في موقع الرئيس، ذلك ان الامريكيين استبقوا هذا اللقاء ، بحدين... اعلى وادنى، الاعلى هو ما لا يستطيع عباس قبوله، وهو صيغة اعتراف ربما تكون مخففة عن صيغة نتنياهو في امر يهودية الدولة.والحد الادنى هو القبول بتمديد المفاوضات بما لا يزيد نظريا عن عدة اشهر، وبما يحتاج عمليا الى سنة، كما اشار نتنياهو في اخر حديث صحفي موسع له نشر بالامس.

وبين الحدّين لا ضمانات تسوغ القبول، ولا مقدمات تحسم امر الرفض والذهاب الى البدائل. اذن سوف يكون اللقاء صعبا ، وربما يكون اخف الحدين هو التمديد. وعلى الجهاز الامريكي ان يبتكر غطاء له او ثمنا يسوغ التراجع عن عبارة "ولا دقيقة واحدة".

ان الوضع الفلسطيني في العملية السياسة الجارية التي يقودها كيري، ينطوي على سلسلة من الصعوبات والتحديات، بعضها متعمق منذ زمن، بفعل حجم الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وكثرة نقاط الاختلاف الجوهرية فيه، وبعضها الاخر بفعل ولادة قضايا مستجدة، وربما اكثر سخونة في الشرق الاوسط تحديدا، وفي العالم الاوسع، ما يسوغ لكيري المتحمس ان يقول ولو انه لا يرغب بذلك.

ان الثلاجة الدولية تتسع لقضيتكم، ودعونا نبذل جهدا اضافيا في اوكرانيا.!!