خبر يتحفظون في هيئة القيادة العامة ايضا من عرض الدعاية- هآرتس

الساعة 10:25 ص|11 مارس 2014

بقلم: عاموس هرئيل

 (المضمون: يعتقد ضباط كبار من هيئة القيادة العامة أن الجيش بالغ في عرض ضبط السفينة وأنه كان يجب كف الانباء المنشورة بعد اعتراض السفينة، وقوي هذا الانطباع حينما انتقل هذا الامر من الجيش الاسرائيلي الى ديوان نتنياهو - المصدر).

 

كانت عدسة التصوير تتمهل وقت البث المباشر وعرض الدعاية الحكومي في قاعدة سلاح البحرية في ايلات، لتقف على وجه نائب رئيس هيئة الاركان، اللواء غابي آيزنكوت. وقد أدرك رئيس هيئة الاركان بني غانتس أن الاحتفال الاعلامي لضبط سفينة السلاح من ايران استهلك نفسه في نهاية الاسبوع فأقلع بعد خروج السبت لزيارة خطط لها قبل ذلك للولايات المتحدة. وطُلب الى آيزنكوت وهو جندي طائع أن يحل محله وأن يقف الى جانب رئيس الوزراء ووزير الدفاع على الرصيف في ايلات. وربما كان يبدو للحظات أن نائب رئيس هيئة الاركان يفضل أن يكون في مكان آخر، لكن كل ذلك من وجهة نظر المتأمل.

 

أخذت تكثر الاصوات في هيئة القيادة العامة التي تعتقد أن الجيش قد بالغ وأنه كان يجب عليه أن يكف جماح الانباء المنشورة المبادر اليها في وسائل الاعلام بعد اعتراض السفينة، في مرحلة أسبق. وقال ضباط كبار لصحيفة "هآرتس" في الايام الاخيرة إن العملية التي سماها الجيش الاسرائيلي "كشفا كاملا" كانت "نجاحا استخباريا وعملياتيا حسنا، لكن كل ما رُوج له بين الجمهور ووسائل الاعلام، كلما ابتعدنا عن العملية نفسها، ضُخم ليتجاوز التناسب المطلوب". وقوي هذا الانطباع أمس حينما انتقلت الامور نهائيا من الجيش الاسرائيلي الى ديوان نتنياهو.

 

لوحظ أثر رئيس الوزراء في المراسم في ايلات. ولم يظهر نتنياهو هذه المرة الغرور الذي كان يميزه احيانا بعد نجاحات سابقة واكتفى بتربيتة واحدة على كتفه هو. وكانت خطبته قصيرة جدا ومتجهمة. لكن من المؤسف أنه لم تغب عنها الموعظة الجماعية للمجتمع الدولي والاذاعة المكررة للرسالة المبتذلة (غير الدقيقة في الحقيقة) وهي أن العالم كله ضدنا.

 

بدأ رئيس الوزراء العالم بالانتقاد الداخلي في البلاد للاصرار على اقامة المؤتمر الصحفي بعد ضبط السفينة بخمسة ايام، بدأ بالهجوم على المجتمع الدولي، الذي "يوجد" فيه من يفضلون ألا يوجد هذا المؤتمر ألبتة. وعرض نتنياهو بعد ذلك في الخطبة ايضا العالم وكأنه كتلة نفاق واحدة تتجاهل خطط ايران الذرية لكنها تُضيق أشد تضييق على اسرائيل بسبب "كل اغلاق شرفة في القدس". وهكذا مُحيت بضربة واحدة سنوات جهد دولي منسق لتشديد العقوبات على نظام آيات الله.

 

واستمر التوبيخ: فقد سمع نتنياهو "في الاكثر تنديدات مفرقة ضعيفة" بتهريب السلاح الذي كشف عنه في وقت تبادل فيه مندوبو الاتحاد الاوروبي "الابتسامات والمصافحات" مع كبار مسؤولي نظام الحكم في طهران. وحذر من أن صمت العالم عن الخطة الذرية والمساعدة الايرانية للارهاب قد يفضي الى أن تستطيع ايران في المستقبل أن تبث في الحاويات "حقائب ذرية في كل ميناء". فيجب على العالم بسبب ذلك أن يستيقظ. لكن اذا استثنينا هذا الكلام فانه قد تم الحفاظ في الحادثة على نغمة منضبطة نسبيا لم تلائم التحذيرات السابقة من نية ديوان رئيس الوزراء أن يعرض افلام فيديو توثق اعدامات علنية في طهران. وأنكروا في ديوان نتنياهو كل نية كهذه – وذكر رئيس الوزراء حب النظام الايراني للاعدام في جملة واحدة في خطبته.

 

وقدم وزير الدفاع موشيه يعلون موجزا مُركزا لخطايا ايران واستعرض ضباط من الجيش الاسرائيلي في وقت قصير السلاح الذي ضبط وبينوا في تفصيل قضية تزوير ورقة الحمولة – وهذه برهنة مقنعة على مصدرها امتنع الجيش عن نشرها (لاعتبارات استخبارية كما قال) منذ يوم الاربعاء الى أن كان ظهور نتنياهو أمس.

 

كانت العملية لضبط السفينة عادلة وقانونية حتى من وجهة نظر القانون الدولي. فمن الجيد أن القذائف الصاروخية (لا الصواريخ، لانه لم توجد عليها وسائل تحكم من بعيد) ضبطت قبل أن يتم ادخالها الى قطاع غزة لأنها كانت تستطيع من هناك أن تحدث ضررا كبيرا بالاسرائيليين. ومن المؤكد أنه لا يوجد شيء مرفوض في أن تستعمل اسرائيل هذه المعلومة لتعرض على العالم استمرار مساعدة ايران للمنظمات الارهابية. ومع كل ذلك كان من الصعب التحرر من انطباع أن المؤتمر كله يجري متأخرا كثيرا في وقت أصبح فيه الانتباه العالمي الذي كان محدودا من البداية، محصورا في لغز اختفاء الطائرة الماليزية والازمة المتواصلة في اوكرانيا.

 

تجهد اسرائيل جدا لتفصل نفسها عن الثقافة السياسية في الدول المجاورة. لكن مراسم رسمية على خلفية سفن سلاح البحرية المهتزة فوق الامواج لم تساعد على تحديد هذه الفروق بالنسبة للظروف من الخارج.

 

ربما كان الامر صدفة فقط لكن سفارة الولايات المتحدة في تل ابيب أعلنت في اثناء المؤتمر الصحفي في ايلات أن ادارة اوباما ستحول فورا الى اسرائيل 429 مليون دولار اخرى لشراء بطاريات اعتراض صواريخ، للقبة الحديدية. إن المساعدة الامريكية لانتاج القبة الحديدية وتطوير منظومتي الصولجان السحري وحيتس 3 التي قد تجاوزت مليار دولار، هي جزء مهم في حماية اسرائيل من الصواريخ التي تهربها ايران وسوريا الى المنظمات الارهابية في لبنان وغزة. وفي الوقت الذي يوبخ فيه نتنياهو المجتمع الدولي الذي يتخلى عنا في مواجهة ايران (ويوبخ الولايات المتحدة ضمنا التي تقود الاجراءات الدبلوماسية)، وفي الوقت الذي يبين فيه يعلون أنه لا يمكن الاعتماد إلا على أنفسنا، تذكر واشنطن مرة اخرى بالتي تجند نفسها مرة بعد اخرى لحماية اسرائيل برغم التقليص الواسع من ميزانية الامن (الامريكية لا الاسرائيلية).

 

وحدنا في ضوء المصابيح

 

في كانون الثاني 2002 في أشد فترات الانتفاضة الثانية فتكا، ضبط الجيش الاسرائيلي سفينة السلاح الكبيرة الاولى "كارين إي". وكانت ايران ايضا هي التي حاولت آنذاك أن تهرب وسائل قتالية الى قطاع غزة الذي كان ما زال تحت سيطرة السلطة الفلسطينية لياسر عرفات. ولم يتخل آنذاك ايضا رئيس الوزراء اريئيل شارون عن مراسم طويلة متعبة في ميناء ايلات. واجتمع الوزراء والاعيان آنذاك على متن السفينة ليتقاسموا بقايا المجد الذي خلفه شارون. ولم يكد يبقى مكان لضباط سلاح البحرية و"أمان" الذين قاموا بالعمل الحقيقي. ويبدو أن قائد سلاح البحرية اليوم اللواء رام روتبرغ يذكر ذلك جيدا فقد كان آنذاك قائد قوات الصاعقة البحرية التي سيطرت على السفينة.

 

بعد ذلك بثلاثة اشهر احتل الجيش الاسرائيلي من جديد مدن الضفة الغربية في عملية "السور الواقي". وتورطت سرية من رجال احتياط في كمين قاتل في مخيم جنين وقتل 13 من رجالها. واستدعي روتبرغ ومقاتلو الوحدة البحرية الى المخيم لأنه خيف من أن الفلسطينيين نجحوا في خطف جثث عدد من جنود الاحتياط. وفي ذلك المساء، حينما أُرسل قائد منطقة المركز ايتسيك ايتان جار روتبرغ في المقعد، ليوضح الورطة القاسية للصحفيين، لم توجد أية مشكلة زحام في ضوء المصابيح لأنه لم يظهر هناك لا رئيس الاركان ولا المستوى السياسي.

 

ربما يكون من الجيد ألا يتأثر روتبرغ وآيزنكوت ورئيس "أمان" اللواء افيف كوخافي تأثرا زائدا بما يكتبونه ويقولونه فيهم في الاسبوع الاخير في الصحف. فان حقيقة أن ضباطا كبارا يحظون بعناوين مطرية مع كتابة تقول باسلوب "يضحك ويكتسح"، لن تمنع وسائل الاعلام تلك من أن تطالب برؤوس هؤلاء الضباط في المرة التالية التي يضرب فيها صاروخ سفينة صواريخ، لا سمح الله. ولا سبب يدعو الى توقع أن يأتي الساسة ليقاسموهم المسؤولية أمام مكبرات الصوت. انتهى الحفل. فاذا كان ديوان رئيس الوزراء وجهاز الدعاية القومي يرفضان فهم ذلك فمن الجيد أن الجيش قد أدركه. وقد حدد نائب رئيس الاركان لخطبته في المؤتمر الصحفي في ايلات حقيقة واحدة تقريبا وأوجز قائلا "نحن متجهون الى المهمة التالية"، ومضى في طريقه.