خبر المسافة بين الاتفاق والمصلحة الأمنية- اسرائيل اليوم

الساعة 10:47 ص|10 مارس 2014

المسافة بين الاتفاق والمصلحة الأمنية- اسرائيل اليوم

بقلم: يورام إتنغر

(المضمون: إن ضغط الرئيس الامريكي على اسرائيل لتقديم تنازلات من اجل السلام في هذه المنطقة المضطربة الهائجة يعبر عن قصر نظر وعدم فهم للواقع - المصدر).

 

إن الرئيس اوباما على يقين من أن الساحتين الدولية والاقليمية مهيأتين للسلام الآن، وهو يضغط على بنيامين نتنياهو قائلا: "اذا لم يكن الآن فمتى؟!".

 

لكن مقالة أسرة التحرير في "واشنطن بوست"، وهي صحيفة تعتبر مؤيدة تقليدية لاوباما، حذرت في 3 آذار بقولها إن "سياسته الخارجية تقوم على فانتازيا. فالرئيس اوباما يدير سياسة خارجية تقوم على مطامحه أكثر من أن تقوم على الواقع، وعلى عالم "كأن" الحروب والعنف في تراجع... ويزعم وزير الخارجية كيري أن غزو روسيا لاوكرانيا ملائم للقرن التاسع عشر لا للقرن الواحد والعشرين... ويؤسفنا أن بوتين لم يتلق مذكرة كيري عن اساليب السلوك في القرن الواحد والعشرين، وكذلك ايضا رئيس الصين الذي يظهر العدوان على اليابان وعلى دول ضعيفة في جنوب شرق آسيا... والاسد ايضا يقوم بحرب من حروب القرن العشرين لمواطنيه...".

يعتقد اوباما أن التسونامي العربي – الذي لا صلة له بالشأن الفلسطيني – هو ربيع يبشر بالتحول الى الديمقراطية والسلام. وهو يضغط على اسرائيل من اجل تنازلات خطيرة برغم أن العالم والشرق الاوسط يتميزان بنكوص الديمقراطية والسلام. والشرق الاوسط بخلاف مذهب الربيع العربي أكثر هياجا وقسوة وطغيانا وتطرفا اسلاميا وعداءا لامريكا وعدم تسامح وانقساما وعدم استقرار وخيانة وعنفا. ويضغط اوباما على اسرائيل للتوقيع على اتفاق في منطقة لم تجرب قط سلاما عاما بين العرب؛ منطقة تتميز باتفاقات موقعة في الجليد لا منقوشة في الصخر؛ منطقة يلمع نجمها في الحرب الثقافية بين الديمقراطيات الغربية ونظم الارهاب.

 

برغم أن ارتفاع مستوى الفوضى يوجب ارتفاع مستوى الامن والحذر – ولا سيما في دولة تحاصرها المنطقة الأعنف في العالم – يتوقع اوباما أن ترفع اسرائيل سقف الأمل والثقة وتخفض سقف الأمن والحذر. وهو يدعو الى انسحاب من السلاسل الجبلية في يهودا والسامرة التي تشرف على القدس وتل ابيب ومطار بن غوريون وعلى 80 بالمئة من سكان اسرائيل وبناها التحتية.

 

بل إنه يتوقع أن تتبنى اسرائيل ترتيبات امنية صاغها جنرالات امريكيون فشلوا في العراق وافغانستان. ويفترض أن تقيم اسرائيل أمنها على الارادة الطيبة لجيراننا وعلى ضمانات دولية تبدو عورتها كل يوم، ويُطلب اليها أن تضعف قدرتها على الردع – في فترة تُبرز حيويتها – وأن تتحول من كنز استراتيجي الى عبء.

 

ويُطلب الى اسرائيل أن تقبل تقديرات مؤسسة الخارجية والأمن الامريكية التي يسوغ أداؤها انتقاد صحيفة "واشنطن بوست" ومنه معارضة انشاء الدولة في 1948؛ وافراط في تقدير القوة العربية واستخفاف بالقوة اليهودية؛ ومحاولة استمالة رئيس مصر عبد الناصر؛ وخيانة الشاه الايراني والمساعدة في تولي الخميني للحكم؛ وعقاب اسرائيل على قصفها المفاعل الذري في العراق والتعاون الوثيق مع صدام حسين؛ وجعل عرفات زائرا دائما للبيت الابيض؛ والمساعدة في استيلاء حماس على غزة؛ وتعريف حافظ وبشار الاسد بأنهما زعيما سلام واصلاح؛ والتخلي عن مبارك وتشجيع الاخوان المسلمين؛ وتحويل ايران الممكن من تهديد تكتيكي متحكم فيه الى تهديد استراتيجي وذري رهيب غير متحكم فيه، وغير ذلك.

 

إن مقولة "اذا لم يكن الآن فمتى؟!" توجب على اسرائيل وعلى الولايات المتحدة الامتناع عن سياسة تستعبد تقديرات الواقع المركب المخيب للآمال – الذي يوجب تصميما بعيد المدى – لتقديرات تبسيطية تسعى الى السلام الآن بكل ثمن لكنها تهديد فتاك لدعائم الأمن.