خبر « رحلة علاج » أوقعت علي في وحل العمالة

الساعة 05:25 م|09 مارس 2014

غزة

حاله كحال آلاف المرضى من أبناء شعبنا الفلسطيني الذين يسعون للعلاج في الخارج، قدّم "علي" أوراقه الرسمية للحصول على تحويلة من الوزارة الصحة من أجل السفر إلى جمهورية مصر العربية لتلقي العلاج مطلع عام 2012.

وكحال العشرات أيضاً من المرضى تم رفض دخول "علي" للأراضي المصرية بحجة دواعٍ أمنية، ما اضطره لطلب تحويلة إلى الأراضي المحتلة بعد أن تقطعت به السبل للعلاج على يد ذوي القربى لتأتِ الموافقة وتبدأ رحلة العذاب بدلاً من رحلة العلاج.

رحلة العذاب

يقول "علي": "في بداية شهر يونيو من العام 2012 قصدتُ معبر بيت حانون متجهاً إلى إحدى مستشفيات القدس، وعند وصولي المستشفى وتسجيل الدخول لبدء العلاج وأثناء مكوثي في المستشفى بدأت أغوص في وحل العمالة".

وتابع "علي" حديثه بكلمات يعتريها الندم والحسرة: "نزلت للتجول داخل ساحات المستشفى لأخذ قسط من الراحة وشراء الاحتياجات من المقصف وكنت في تلك الفترة انتظر موعد تحديد إجراء عملية جراحية".

ويضيف: "خلال تجولي في ساحة المستشفى أوقفني ثلاثة أشخاص طالبين مني البطاقة الشخصية- وقد وكانوا يرتدون الزي المدني - وبعد التعريف عن نفسي طلبوا مني مرافقتهم إلى أحد مراكز الشرطة القريب للتأكد من الهوية".

يتابع "علي": "استقلينا سوياً سيارة جيب مدنية حيث بقينا أكثر من ساعة في الطريق ثم ما لبثوا أن أغموا عينيّ وفتشوني قبل إنزالي في مبني صغير واضح أنه في أطراف المدينة, أتضح لي فيما بعد أنه للمخابرات الصهيونية".

ويروي "علي" تفاصيل التحقيق معه قائلاً: "فَور وصولي باشروا التحقيق معي وتوجيه التهم لي علي أنني موجود في القدس للتحضير لأعمال "إرهابية"، إضافة إلى أنني على علاقة بتنظيمات المقاومة, فما كان مني إلا أن رفضت ادعاءاتهم وبينت لهم أنني هنا للعلاج فقط".

ويوضح علي ومرارة الذل تعتصره: "بعد ثمان ساعات من توجيه التهم والادعاءات واجهوني بطرح خيارين اثنين: وهما أن أتعاون معهم أو يتم اعتقالي وإلصاق التهم بي وحرماني من العلاج".

بداية السقوط

أكد علي أنه رفض في بادئ الأمر تهديدات المخابرات الصهيونية، لكنه سرعاًن ما سقط أمام تهديداتهم لقله وعيه من جانب ولضعفه أمام أساليبهم من جانب آخر، دون أن يخطر بباله خطورة ما يقوم به بيع لكرامته ونفسه لعدوه، وخيانة أبناء شعبه الذي تربى بينهم وعاش في كنفهم.

يبرر "علي" سبب سقوطه - بعد التعهد بالتعاون معهم –: "إنني لم أجد سبيلاً للخروج من طرفهم إلا بتسليمهم جميع المعلومات التي طلبوها عني وعن أسرتي, ووعدتهم بالعودة لهم بعد ثلاث أيام بعد استكمال العلاج في المستشفى الذي أقيم فيه".

بعد رجوعه إلى المستشفى وشعوره بأنه غاص في وحل العمالة والتخابر مع الاحتلال ظل علي حائراً, إلى أن اهتدى للهرب من المستشفى والعودة إلى غزة.

يقول علي: "أنهيت أموري مع الطبيب الذي يعالجني ووعدته بالرجوع بعد أربع شهور لاستكمال العلاج، وقد كنت على تواصل مع أحد أصدقائي لانتظاري في معبر بيت حانون خلال ساعات ورجعت إلى غزة".

فصل جديد

ظنّ "علي" – واهماً - أن قصته انتهت إلى هذا الحد ولم يعلم أن فصلاً جديداً من فصولها قد بدأ, وقد علم ذلك بعدما اتصل به أحد رجال المخابرات وأخبروه بعلمهم بهروبه، وأنهم سهّلوا له مهمة رجوعه لغزة ويريدون مواصلة تخابره هناك حيث مكان العمل.

وظل رجال المخابرات الصهيونية يتابعون علي ويتواصلون معه على جواله الخاص إلى أن وقع في قبضة رجال الأمن بغزة, الذي لم يدر ببال علي أنه سيقع في قبضتهم بهذه السهولة وأن نهايته ستكون قريبة.

ندم بعد فوات الأوان

يقول "علي":" أندم على كل لحظة بعت فيها شرفي وكرامتي للعدو واتحسَّر على اللحظة التي لم أسجن بها من أجل كرامة أبناء شعبي وقضيتي"، مضيفاً: "في لحظة أصبحت إنساناً بلا شرف ولا كرامة بعت أبناء شعبي لأعدائهم".

ووجه رسالة إلى كل المضطرين للعلاج في الداخل بعدم الذهاب مطلقاً، أو أن يحصنوا أنفسهم بالوعي التام والعلاقة الوطيدة بالله عز وجل، إلى جانب التواصل والتنسيق مع الجهات المعنية في الأجهزة الأمنية.

وتستخدم أجهزة المخابرات الصهيونية قضية العلاج في الداخل الفلسطيني لابتزاز وإسقاط الغزيين ممن يضطرون للعلاج في المشافي الاسرائيلية, لاسيما في ظل تعذُر السفر عبر معبر رفح بعد إغلاقه ومنع أهل غزة من السفر عبره.

غير أنه ليس باستطاعة المخابرات الصهيونية إسقاط من لا يريد السقوط ومن يتحصَّن بحبه لوطنه ودينه, فأغلب الذين يسقطون هم من ضعفاء الإيمان والنفوس والذين لم يتربوا على حب الوطن والتضحية من أجله.