خبر البناء الذي بلبل اليسار -اسرائيل اليوم

الساعة 10:15 ص|05 مارس 2014

بقلم: درور ايدار

(المضمون: إن ادعاء أن الشروع في البناء في المستوطنات زاد بنسبة 123 بالمئة في السنة الماضية، خدعة استعملها اليسار الاسرائيلي ولكنها خدعة زائفة لأن السنة التي سبقتها لم يكد يبنى فيها إلا القليل من المباني وأصبحت النسبة الحالية لا تعبر عن الواقع تعبيرا صادقا - المصدر).

 

إنه لا يفهم كيف عانق اوباما نتنياهو. ألم يعدونا بحمام بارد واهانات في المقابلة الصحفية مع جفري غولدبرغ. وأنا أتحدث عن شمعون شيفر، المحلل الذي لا يكل للصحيفة التي كانت لها دولة ذات مرة. وكان التفسير الوحيد الذي وجده للمعانقة هو أن اوباما "كان قلقا مما يجري في اوكرانيا"، ولهذا "ترك رئيس الوزراء وشأنه"، يا له من أمر مؤسف. وليس شيفر وحده. فقد أطلقت زهافا غلئون أمس اعلانا غاضبا على التصفيق الذي حصل عليه نتنياهو في مؤتمر الايباك. فلا يكفي أنهم لم يصلبوا رئيس الوزراء، بل صفقوا له ايضا. فهل جُنوا.

 

ولم يكن ذلك كافيا لشيفر. فقد عزز في مقالته الرواية الفلسطينية (واليسارية): فاسرائيل تتحمل تبعة عدم وجود سلام مهما يحدث. ولا يهم أننا كنا منذ مئة سنة مستعدين للمصالحة وأننا وافقنا في العشرين سنة الاخيرة على خطط يُبين الفحص العقلاني عنها أنها وسيلة الى انتحار سياسي وأمني. لكن حبيب شيفر المعتدل أبو مازن قد هرب الى الآن كالذي يتخبطه الشيطان من المس من الاتفاق، حتى من اسوأ الاتفاقات كذاك الذي عرضه رئيس الوزراء السابق اولمرت. وفي هذا الاسبوع سمعت غلئون في رام الله نغمات الرفض نفسها. ماذا يعني؟.

 

لماذا لا يوجد سلام؛ ولماذا يرفض أبو مازن منذ عشرين سنة أن يتخلى عن شيء ما لمصلحة شعبه؟ اليكم ما يقول شيفر: "في مقابل ذلك نشرت معطيات المكتب المركزي للاحصاء التي شهدت على زيادة بلغت عشرات الدرجات المئوية على البناء في المستوطنات في داخل الدولة الفلسطينية في المستقبل". ولذلك "ما بقي هذا هو الوضع فانه يمكن أن نتفهم لماذا يرفض أبو مازن ورجاله الانضمام الى الراقصين". وكان استنتاجه أنه يُشك في أن يوجد حل الدولتين "ما لم يقم في اسرائيل زعيم يعرض استقرار كرسي نتنياهو للخطر". فهنا نرى علة الوجود المهين للصحيفة التي تصرف معظم طاقتها الى غاية واحدة وهي محاربة الخطر العالمي الذي يسمى نتنياهو. لكن هذا قد حدث من قبل يا شيفر، فقد عرض عزيزكم الذي يقضي وقته الآن في المحاكم كل شيء على أبو مازن ولم يتغير شيء. والشيء الوحيد الذي يستطيع اليسار أن يفعله لو نال الحكم هو انسحاب من طرف واحد كما حدث في غزة – وليحفظنا الله.

 

يحسن أن نتطرق الى القصة التي يستعملها شيفر تعليلا للرفض الفلسطيني والتي تم تداولها في وسائل الاعلام وهي زيادة بنسبة 123 بالمئة على الشروع في البناء في يهودا والسامرة في 2013 قياسا بدرجات مئوية معدودة في مناطق اخرى في البلاد. ولو أن المحلل الدبلوماسي نظر نظرة خاطفة في القوائم التي قدمها المكتب المركزي للاحصاء لتبينت له الخدعة.

 

إن نظرة قليلة في المعطيات تدل على أنه كان في 2012 بناء قليل جدا في يهودا والسامرة بحيث لم يكد يوجد بناء عام بواسطة مناقصات من الدولة (أهو تجميد؟). وأطلقت في 2013 مناقصات قليلة في الكتل الاستيطانية في الاساس لا "في مساحة الدولة الفلسطينية

 

المستقبلية". وبازاء نحو من ألف شروع في البناء في 2012 وصلنا الى نحو من 2500 شروع في البناء في 2013. وهذا عدد قليل يناسب تماما تقريبا نسبة الزيادة الطبيعية للسكان اليهود في يهودا والسامرة (وهي نحو من 4.5 بالمئة قياسا بأقل من 2 بالمئة في سائر البلاد). وكان يجب أن يكون العنوان اذا "لا يبنون بناءا كافيا في يهودا والسامرة". ولم يلائم ذلك جماعة "اسرائيل مذنبة دائما مهما يكن الامر"، ولهذا تحدثوا بلغة الدرجات المئوية. لكنه لو وجد انسان يدخن سيجارة واحدة كل يوم فدخن سيجارة اخرى بعد ذلك لزاد استهلاكه بنسبة 100 بالمئة لأنه ليست الدرجة المئوية هي المحددة بل عدد الشقق بالنسبة للسكان.

 

إن دعوى اليسار حتى على البناء بمعدل الزيادة الطبيعية (وفي الكتل الاستيطانية في الاساس)، تعني أن كل واحد من سكان يهودا والسامرة يريد أن يتزوج ويقيم بيتا لا يستطيع البقاء في بلدته لأنه لا يجوز له البناء. فلماذا لا نسمي السياسة التي يدفع اليسار بها قدما باسمها الحقيقي ألا وهو "الطرد"؟ فلو أنهم بنوا عشرة اضعاف معدل الزيادة الطبيعية (وليتهم يفعلون) لأمكن أن نفهم الجدل العام، لكن اثارة فضيحة بسبب بناء لا شيء يقدم دعما كاذبا للرفض الفلسطيني.

 

ونبه شيفر على حديث نتنياهو في شأن العدل الاسرائيلي قائلا: "كان يستحسن لاجل العدالة أن يذكر أنهم دفعوا في الطرف الفلسطيني ايضا ثمنا باهظا على هيئة مئات آلاف اللاجئين والحياة تحت احتلال دولة اجنبية". "هل لأجل العدالة"؟ أفلم يأت عندنا نحو من 900 ألف لاجيء يهودي من الدول العربية؟ "أواحتلال" – فما الذي فعله الفلسطينيون حتى 1967؟ "أودولة اجنبية" – إن اسرائيل هي دولة اجنبية في اراضي الوطن في صحيفتي "يديعوت" و"هآرتس" فقط. لكن اذا أردتم العدالة فاقرأوا المعطيات على الأقل.