خبر أيها اليساريون لا تذهبوا .. هآرتس

الساعة 11:35 ص|26 فبراير 2014

 

بقلم: طال نيف

(المضمون: تدعو جهات من اليمين المتطرف اليساريين الذين يعارضون الاحتلال والاستيطان الى مغادرة اسرائيل لكن هذا تغليب لعدم الحوار واضطهاد للرأي الآخر - المصدر).

هل يجب على يساري أن يخلص الى استنتاج أن عليه أن يغادر اسرائيل لاسباب ايديولوجية؟ هذا سؤال يثير الاهتمام لكن لم يقصد اليه الرئيس السابق للحركة اليمينية المتطرفة "اذا شئتم" رونين شوفال حينما كتب بدم قلبه مقالة تدعو اولئك الذين لا يوافقون على استمرار الاحتلال ويؤيدون فصلا مطلقا بين الدين والدولة في اسرائيل – يدعوهم الى المغادرة والذهاب ببساطة.

إن مقالة شوفال الذي تحدث في الماضي عن أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عرض عليه وظيفة أمين سر الحكومة، تؤثر في القلب ومطلوبه الظاهر واحد: "دعوتي البسيطة هي – أتركوا البلاد. أو بلغتكم – هاجروا. لأننا اذا كنا جد أشرار وجد عنصريين وجد منفرين وعبدة أوثان ومرضى بداء عياء، وظلاميين وفاشيين وعنصريين، وسائر التنديدات التي تقذفوننا بها ليل نهار، فاتركونا".

من المعلوم أنه يمكن دحض كل واحد من آراء شوفال وأن نعرض رؤيا اسرائيلية تختلف عن رؤياه وأن نُبين مرة اخرى ايضا أن اليمينيين ايضا يمكن أن تكون حالهم غير حسنة في دولة كل سكانها يمينيون – لكن لا يوجد أي سبب لمحاولة نفاقه أو "للبرهنة" على أن معارضة الاستيطان مثلا هي تعبير عن قلق عميق من بقاء المشروع الصهيوني. ومع ذلك من المثير للاهتمام أن ننتبه الى الشعور العميق بالاهانة واليأس الحقيقي والمنطق السخيف عند الانسان الذي يشعر بأنه مُنفر ويحاول أن يضعضع سلطة من يطلب موافقته في الحقيقة. من وجهة نظر المستوطن من عوفره يمكن لعاموس عوز ايضا – الذي يقتبس من كلامه في مقالته باعتباره مثالا على نقص الشعور الوطني والذي يرى أنه هو الذي يسيطر على الخطاب – يمكنه أن يغادر. من السهل، من السهل جدا اذا اللعب بالخطابة وأن نعرض عليه عوض ذلك أنه اذا كانت اسرائيل يدبر امورها اليساريون حقا الذين ليسوا يهودا بقدر كاف وهم كارهون لأنفسهم وهم المسيطرون على الجامعات وهم أسرى تصور العدل والمساواة بلا يهود، فلماذا لا تدعها لنا وتهاجر أو بلغتك "إنزل من البلاد" (هاجر من اسرائيل)؟ لأنه يوجد يمينيون متدينون وقوميون وغير قوميين يعيشون خارج دولة اسرائيل، أليس كذلك؟.

لكن كل هذه الاجوبة لا تأخذ في حسابها تيارا عميقا يتغلغل الى الديمقراطية الاسرائيلية فيضعفها ويشققها – وليس هو من نصيب شوفال فقط. إن مقالته، في المستوى الاساسي جدا، التي تتحدث بلغة الجمع ايضا، تطلب أن تكون له قوة لاخراج وتغييب من يثيرون عنده الصراعات حينما يقرأون الواقع الاسرائيلي بصورة تختلف عنه، وهو يقترح عليهم أصلا أن يحلوا صراعاتهم بالانفصال ورفع الأيدي استسلاما. فهو يريد بعبارة اخرى أن يتحصن هنا كما كانت الحال في متساده مع ناس مثله دون أن يتم التشويش عليه بعد ذلك.

ينبغي أن نذكر أن وزير الداخلية جدعون ساعر – الذي اعتاد أن يخطب فوق منابر مرتجلة في المنطقة ج كالمستوطنين – حاضر في أشياع منظمة شوفال في الماضي وقال أن يريف لفين وروبرت إلطوف واوريت ستروك ونفتالي بينيت كلهم جميعا قريبون منه في عقيدتهم وتصريحاتهم واعمالهم الحقيقية. وهكذا فان الحيلة الخطابية غير المعقدة جدا لشوفال تدل على الرياح التي تهب على الاماكن التي يأتي اليها؛ فهو يعبر بصورة غير رسمية عن رغبة في التجانس من جهة سياسية ودينية وايديولوجية يمكن أن يكون لها جوانب عملية كالغاء الجنسية على اساس عدم الولاء مثلا.

ليست هذه العابا خطابية فقط بل كلاما يجعل التطرف الاسرائيلي شيئا عاديا ويصوغه صياغة غوغائية ويهييء له اجراءات. ما معنى – إذهبوا اذا؟ معناها أنه لم يعد يوجد حوار. وإن "اذا كانت الحال سيئة جدا فاذهبوا" لا تختلف كثيرا عن خطاب "كل شيء اسود – ضائع – قريب من مصادمة الحائط" عند اولئك الذين يريدون انقاذ اسرائيل من التهديد الذي تتعرض له لسيطرتها على الفلسطينيين. لا يمكن الاستسلام للخطاب السوداوي الذي ينتهي هو ايضا الى "اذهبوا من هنا اذا". ولا يمكن الذهاب حينما يكون الوضع مؤلما بل يجب البقاء والحديث.