خبر « محمد »: طلاق والديه يودي به للنهاية..وفنجان القهوة وسيلته

الساعة 08:50 ص|24 فبراير 2014

غزة

تظهر في وجهه علامات البلوغ الحديث، فشاربه بدأ بالظهور.. صافحني فلم ألمس سوى يدي طفل صغير، استغربت كيف يكون هذا الطفل ذو الـ 16 ربيعاً قابعاً خلف القضبان وبين أصحاب الجرائم من كبار السن.

لكنني أصبت بصدمة عندما بدأ بالحديث، حيث أنه وجد نفسه بلا مأوى ولا رقيب ولا حسيب.. زوجان مُطلقان، وهو ضحية انفصالهم.

محمد - ابن مشروع بيت لاهيا شمال القطاع – أبصر نور الدنيا فوجد والديه منفصلين.. تزوج كلّ منهما وانشغل بحياته الخاصة.. عاش في بيت زوجة الأب أولى سنوات حياته، ولكنه بدأ يشعر بفرق المعاملة بينه وبين أخوته من زوجه أبيه الثانية.

وحسب تقرير نشره موقع وزارة الداخلية بغزة، ذهب لبيت عمه قاصداً الإحساس بالحنان الذي يجده من زوجة عمه وفقده من والدته، ولكن لا حنان ينوب عن حنان الأم ولا بيت يحفظ مثل بيت الوالدين.

سرعان ما انخرط محمد في حياة الشوارع، وصار ينام ليلة عند صديق وليلة على شاطئ البحر وأخرى باحثاً عن بيت يأويه.

بلغ "محمد" سن السابعة وهو ينام على شاطئ البحر مفترشاً الأرض وملتحفاً السماء.. بلفح البرد وجهه الناعم، فلا يستطيع أن يشتري ملابس ثقيلة، فبدأ بالبحث عن عمل ليغطي مصاريفه الشخصية.

ذهب محمد إلى خانيونس وبدأ يبيع القهوة والشاي ليجني قوت يومه، وبدأت ذئاب الليل تحوم حوله، فالتف حوله رفقاء السوء.

بدأ محمد بالسقوط في وحل الجريمة شيئاً فشيئاً، فسجن أكثر من مرة في مراكز الإصلاحيات، بعد أن ارتبط برفاق السوء وتأثر بهم وشاركهم في أعمالهم، فتعلم سرقة الدراجات النارية وصار ممتهناً السرقة.

همس في أذنه أحد رفقاء السوء الذين يحيطون به بأن يسهل لهم الطريق ويشاركهم في سرقة محل للصرافة بصفته يبيع القهوة والشاي بجوار المحل في خانيونس، وبالفعل تم الاتفاق على ذلك.

وفي وقت العشاء.. وفي ظل انقطاع التيار الكهربائي والشوارع معتمة، طلب صاحب محل الصرافة من محمد أن يأتي له بفنجان قهوة، وحسب الاتفاق بين المجموعة ذهب واطمأن أن المحل ليس فيه سوى صاحب المحل، فقدم محمد فنجان القهوة للرجل وأتى رفاقه واقتحموا المحل بشكل مفاجئ.

وبدأوا بطعن صاحب المحل في صدره ورأسه بسكين كانوا قد أخفوها.. ولم يبلغوا محمد بنيتهم للقتل فسقط صاحب محل الصرافة صريعاً، ونهبوا ما استطاعوا من أموال ثم فروا هاربين.

وبعد عمليات البحث والتحري لمباحث الشرطة، استطاعت الكشف عن المشتبهين وتمكنوا من الوصول إليهم والتأكد بأنهم هم المجرمين الحقيقيين، واعترفوا بذلك ممثلين الجريمة كما حدثت أمام الجهات المختصة، وهم يقبعون خلف قضبان السجون ينتظرون المحاكمة.

ويطلب "محمد" من الله أن يغفر له ذنوبه وأخطائه ومساهمته في جريمة القتل ويطلب من القضاء الحكم عليه "بالإعدام" لأنه لا يستحق هذه الحياة على حسب قوله.

ووجه "محمد" نصيحته للآباء بعدم إسقاط خلافاتهم على أبنائهم وجعلهم ضحية لفعلهم بعد انفصالهم، قائلاً "هذه نهاية الطريق لحياة الشوارع، الزنزانة وحبل المشنقة".