خبر تجرأ على أن يُقتل في مهرجان الشوكولاتة- هآرتس

الساعة 09:13 ص|23 فبراير 2014

تجرأ على أن يُقتل في مهرجان الشوكولاتة- هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: اسرائيل وتل ابيب لا تحفلان بما يجري في يافا وبالواقع البائس الذي يعيش فيه أهلها - المصدر).

أُكثر في الاسبوع الاخير من التفكير في ثائر اللالا، التقيته مرة واحدة ووحيدة فقط قبل 14 سنة، وكان آنذاك في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة. كان ولدا وسيما وحزينا وغاضبا جلس في حضن أمه في شقة الغرفة ونصف الغرفة البائسة في اطراف تل ابيب. وكانت أما بلا أب مريضة بائسة، جربت النوائب والفقر وهم اولادها الخمسة. وكان جائعا ووجدت الأم واسمها سمر آنذاك عددا من قطع النقد وارسلت ابنها ليشتري علبة حبوب صباح للغداء.

 

وقتل في السبت الماضي، فقد ثقبت رشقة عيارات نارية جسمه. وما كنتم لتسمعوا عنه لولا الوقت والمكان، أعني يوم السبت قبالة "منطقة المحطة" في تل ابيب في ذروة مهرجان الشوكولاتة. ليس من المناسب حقا أن قُتل ثائر في ذروة مهرجان الشوكولاتة مضايقا بموته جموع الآباء والاولاد من رمات هشارون ورمات أفيف ج في صباح يوم السبت وكان يوما جميلا. لكن ثائر ولد "وترعرع" نحو موته مع أم مريضة مُلوعة فقيرة وأب في رام الله مفصول عن اولاده، وكان يجب أن يقلق مصيره ايضا آباء مهرجان الشوكولاتة.

 

قبل شهرين جاءت الشرطة وحذرت سمر. لكن سمر امرأة عاجزة، وهي مأساة تسير على قدمين، وهي أيوب على صورة امرأة، ويضيق المقام عن وصف ما جرى عليها في حياتها وهي تعجز عن تخليص ابنها من حياته وموته.

 

ما كان لثائر من أمل وهو ممزق بين أبيه في رام الله الذي لم يُسمح له منذ تسع سنوات أن يأتي لزيارته في يافا، وبين أمه التي فعلت كل ما تستطيع لتربي على نحو ما أبناءها في يافا. والآن أصبح ثائر في القبر بعد سبعة إدانات وقُبيل دخوله السجن لقضاء فترة سجن اخرى (كان يفترض أن يحضر بعد اسبوعين الى سجن نتسان)؛ وأخوه رائد محتجز بتهمة مخدرات، واحتُجز أحد أقربائه وهو حدَث في الاسبوع الماضي بتهمة أنه كان متوجها للانتقام للقتل. وخلص خالد وحده بما أوتي من قوة من المصير الذي أُملي عليه فبنى حياته في شمال البلاد، وأخته رنين التي تعمل مضيفة في فندق في تل ابيب ممزقة هي ايضا بين زوجها في رام الله وحياتها في يافا، وبين زوجها ومدينتها وبين شعبها ودولتها.

 

هذه هي يافا وهذا هو الفقر؛ وهذه هي الازمة الاجتماعية الفظيعة وهذا هو جهاز التربية البائس في هذه المدينة؛ وهذه هي الجريمة التي تتفشى فيها دون أن يهم ذلك أحدا، وهذا هو الاحتلال الذي يمزق العائلة البائسة بين الأب في رام الله والأم في يافا. تورط ثائر مع القانون حتى حينما كان فتى صغيرا في مدرسة داخلية في عكا. وربما انضم بعد ذلك الى منظمة جريمة وربما أصبح مخالفا للقانون صغيرا وربما أصبح مغتالا كبيرا. لست أعلم. لكن هذا الولد الوسيم ذا الوجه الحزين الذي التقيته قبل 14 سنة على حدود حي فلورنتين كان يستحق حياة مختلفة لم تعطى له قط.

 

لا يعلم أحد الى أين كان يتجه حينما خرج في السبت الماضي من غيتو يافا وسافر الى الشمال. ويعلم قليلون من الذين صفوه بهذه القسوة. لكن يجب أن يعلم الجميع أن اعمال القتل هذه مُملاة مسبقا وتولد في اكثر الحالات في الطفولة. ربما أوقع ثائر ضحايا في حياته لكنه كان ضحية قبل كل شيء. إن تل ابيب التي تصرف وجهها

 

وترفض أن تنظر الى ما يجري عند أختها غير الشقيقة، واسرائيل التي تتخلى عن اولاد مثل ثائر في حياتهم مسؤولتان عن موتهم ايضا بقدر ما. وربما تكون نهايتهم أن يشوشوا حتى على راحة المحتفلين بمهرجان الشوكولاتة الابرياء الغافلين.