دراسة صادرة عن معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي

خبر زمن حماس الصعب

الساعة 01:09 م|18 فبراير 2014

أطلس للدراسات

حماس خرجت من المواجهة مع اسرائيل في شهر نوفمبر 2012 بموقف قوي نسبياً تمثل الرد الدولي والاقليمي على المعركة. وهذا شكل دليلاً على قدرة حماس على الاعتماد على حلفائها الجدد والمطالبة لنفسها بدرجة اضافية في الشرعية الاقليمية.

هذه المواجهة اكدت شبكة العلاقات الجديدة المتطورة لحماس مع مصر بقيادة الاخوان المسلمين. تجلى ذلك في رد الرئيس مرسي على تلك المواجهات. على سبيل المثال: سحب السفير المصري في اسرائيل، ووصف العملية على غزة بأنها "عدوان غيران مقبول"، وارسال رئيس الحكومة المصرية هشام قنديل الى غزة. كل ذلك شكل تغيرا في الموقف المصري الرسمي لصالح حماس.

هذا الدور الهام الذي لعبته مصر خلال هذه الحرب بالإضافة الى الرؤية السائدة آنذاك بان صعود الاخوان المسلمين هو امر لا يمكن وقفه في الشرق الاوسط بشكل عام – أدى الى تقوية الاحساس بأن حماس موجودة في الجانب المنتصر لما سمي بالربيع العربي.

يذكر ان حماس قبل عام من هذه الاحداث كانت قد قلصت درجة علاقتها مع سوريا أحد أهم حلفائها. الأمر الذي أثر على علاقتها مع إيران – أحد اهم حلفائها، وشجعها على خلق شراكة جديدة مع مصر تحت حكم الاخوان المسلمين ومع حكومة قطر. وعملياً شكلت الحرب على غزة في نوفمبر 2012 اختباراً للاصطفاف الجديد الذي سلكته الحركة واتضح يومها ان هذا الخيار ايجابي بشكل كبير لحماس.

من جانب اخر الحقت عملية عمود السحاب ضرر كبير جداً بالجهاز العسكري التابع لحماس وبقدراتها، واضعفت قدرتها على القيام بعمليات مسلحة ضد اسرائيل والدخول بمواجهة شاملة معها. ومع هذا فإن نتائج العملية لم تقوض سيطرة حماس على قطاع غزة بل حدث العكس، فإن وقف إطلاق النار بين حماس واسرائيل بوساطة مصر أكد "السر المعروف" القائل بأن اسرائيل اعترف عملياً بحركة حماس كحكومة في قطاع غزة، وتفاوضت معها بوصفها الطرف الرئيسي.

علاوة على ذلك فإن الشروط التي تم تحديدها لوقف إطلاق النار اعدت الارضية لإجراء محادثات غير مباشرة بين الاطراف بهدف رفع تدريجي للقيود المفروضة على دخول وخروج الاشخاص والبضائع من والى غزة.

ففي الاسابيع التي تلت وقف إطلاق النار اقدمت اسرائيل فعلاً على اتخاذ عدد من الاجراءات الحاسمة لتخفيف السياسة التي تتبعها في غزة. امثلة على ذلك قيامها بتوسيع منطقة الصيد من ثلاثة اميال الى ستة، فتح المجال امام المزارعين للعودة الى المنطقة التي تبعد أكثر من مائة متر من الجدار الفاصل، وزيادة الاستيراد ودخول السيارات ومواد البناء لصالح القطاع الخاص. مصر ايضاً لينت سياستها المتبعة حيال غزة.

نجحت حماس في تسخير الدعم الاقليمي لها والخطوات الاسرائيلية برفع جزء من القيود الاقتصادية في المحافظة على مكانتها في القطاع. بالإضافة الى ذلك نجحت حماس في الحفاظ على كرامتها في جولة القتال مع اسرائيل وذلك عن طريق منع العملية البرية في القطاع. واعتمدت حماس على الطابع السريع في الحرب الذي عكس عدم رغبة اسرائيل بالمخاطرة في مواجهة طويلة كان من شأنها ان تؤدي الى سقوط عدد كبير من الضحايا.

كل هذه الامور ساهمت في حدوث صعود مؤقت في شعبية حكومة حماس. هذا الصعود ترافق بتآكل كبير في التأييد – الهش اصلاً – الذي كانت تتمتع فيه السلطة الفلسطينية في رام الله وذلك بسبب الاداء الحكومي غير الموفق والجمود على الجبهة السياسية، وفقدان الزخم في معركة السلطة الفلسطينية على الساحة الدولية لحشد الدعم الدولي للاستقلال الفلسطيني. وفي استطلاع للرأي في ديسمبر 2012 اجراه المركز الفلسطيني للسياسة واستقصاء الرأي العام اتضح التالي:

لو تم اجراء انتخابات جديدة للرئاسة وكان فيها مرشحان لرئاسة السلطة هما محمود عباس واسماعيل هنيه، حيث حظي عباس ب 45% بينما حصل هنية 48 % من اصوات الناخبين، وكانت نسبة التصويت للمشاركين في الانتخابات ستصل الى 69%. وكان قد جرى قبل ثلاثة شهور من هذا التاريخ استبيان مشابه، حصل فيه عباس على 51 % بينما حصل هنية على 40%. وعليه فإن الفترة التي تلت وقف إطلاق النار وضعت حماس في موقف قوي جداً، حيث تمتعت بدعم اقليمي وبتخفيف القيود المفروضة على غزة وبزيادة في مستوى التأييد للحركة في اوساط الجمهور الفلسطيني. 

 

من القمة الى القاع

التحسن الاولي الذي طرأ على موقع الحركة على الصعيد الداخلي وعلى صعيد المنطقة انقلب على عكسه بسرعة كبيرة وانتقلت الحركة من موضع القوة الى موضع الضعف، فقد وجدت حماس نفسها معزولة أكثر فأكثر من الناحية السياسية والمالية وذلك عندما اتضح لها ان حلفائها الجدد ضعفاء او متقلبون. كما ان العزلة الاقليمية لحماس قد اساءت لقدرة الحركة على السيطرة على غزة بشكل فعال.

مع اقصاء مرسي في بداية 2013 وصعود سلطة جديدة مدعومة من الجيش اهتزت العلاقات بين مصر وحماس خلال اسابيع معدودة. كانت حماس تستند عملياً على علاقتها الوثيقة مع الاخوان المسلمين الذين فقدوا عزهم وبدأت حملة اعلامية منفلتة من كل القيود ادانت وجود الحركة في مصر. وتعرضت حماس لغضب شديد بسبب علاقتها على ما يبدو مع عناصر جهادية عاملة في سيناء واتخذت الحكومة الجديدة المصرية خطوات متشددة جداً لتقليص تنقل الاشخاص والبضائع وأصبح معبر رفح يعمل وفق شروط قاسية.

كل هذه الامور ادت الى خلق صعوبات اقتصادية في وجه سكان غزة وشكلت ضغطاً كبيراً على حماس. والمعركة ضد الانفاق وانتقال البضائع والاشخاص شكلت خسارة مباشرة لمداخيل الحركة وجناحها العسكري كتائب القسام وهما اللذان كانا يستفيدان بشكل مباشر من اقتصاد الانفاق خلال السنوات الاخيرة. اما حكومة حماس نفسها فقد واجهت صعوبة متزايدة في النهوض بعبء الميزانية وتقديم البضائع والخدمات الضرورية للسكان في غزة.

 الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن ذلك اثرت على شعبية حماس. فالصعود الذي طرأ على شعبية حماس غير اتجاهه في شهر مارس 2013. الا ان هذا الاتجاه قد تغير في شهر مارس 2013. ففي استطلاع الرأي الذي اجراه المركز الفلسطيني للسياسة واستقصاء الرأي العام في ذلك التاريخ (مارس 2013) حصل عباس على 52 % في مقابل 41% لإسماعيل هنية، بينما فازت حركة فتح بـ 41% مقابل 29% حصلت عليها حماس في الانتخابات الافتراضية للبرلمان، ومن المتوقع أن يستمر هذا الهبوط إذا حصل تقدم جدي في عملية التسوية حينها ستصبح حماس هامشية بدرجة كبيرة. (يذكر انه في الاستطلاع بعد عمود السحاب الذي جرى في ديسمبر 2012 فإن عباس كان سيُهزم امام هنية لو جرت انتخابات الرئاسة في حينه).

 

دور قطر وتركيا

يبدو ان دور قطر كداعم لحركة حماس وقطاع غزة من الناحية السياسية والاقتصادية يتأثر بشكل سلبي بالتحولات الجارية في الإمارة ذاتها. وفي اعقاب التغير الذي طرأ على القيادة القطرية في شهر يونيو 2012 عندما تنازل الشيخ حمد بن خليفة عن العرش لابنه تميم – فانه من المتوقع ان تحدث عملية اعادة تقييم جديدة للسياسة الخارجية للدولة وتكون اقل حيوية بكثير حين يتعلق الأمر بدعم الاخوان المسلمين وحركة حماس وبالفعل فان حاكم قطر الجديد لم يأت على ذكر حماس في خطاب التتويج والمسئولين القطريين لم يدلو بتصريحات ضد اسقاط حكم مرسى على يد الجيش.

ايضاً نجد أن حليفة اخرى لحماس وهي تركيا منشغلة بمشاكلها الداخلية وبالحرب الدائرة في سوريا، ومن المقبول الافتراض من ان تركيا تنوي الاستمرار في دعم حماس فانه سيكون لهذا الدعم مدلول سياسي.

 

ماذا سيكون خيار حماس؟

المتغيرات الدراماتيكية في البيئة السياسية والأمنية دفعت حركة حماس الى اجراء عملية بحث عن استراتيجية جديدة، وعلى خلفية ذلك ازدادت الخلافات الداخلية في الحركة علماً بان الخلافات الداخلية ليست بالأمر الجديد، فقد ظهرت خلال العقدين الأخيرين توترات متكررة بين اعضائها فيما يتعلق بالخط السياسي والعسكري الذي يجب انتهاجه، وكذلك لجهة قضية الزعامة بين الداخل والخارج. وتجدد الصراع في الحركة بعد المواجهة العسكرية الأخيرة نوفمبر 2012. حيث ازداد بشكل ملحوظ تأثير السياسة التي اتبعها خالد مشعل وكان مشعل بالغ التأثير في تخطيط وتطبيق عملية التموضع الجديد لحركة حماس حيال مصر – مرسي وكذلك حيال قطر. وهذا مما ساعد في اختيار مشعل من جديد في شهر ابريل 2013 في منصب رئيس المكتب السياسي. انتخاب مشعل يومها كان اشارة الى نية الحركة لتحريك المصالحة مع فتح.

هذه المصالحة كان مشعل محركها الرئيسي وساعد على تعزيز هذا التوجه خروج محمود الزهار من مجلس الشورى الذي ظل معارضاً لنهج المصالحة والمرتبط بطهران في الوقت نفسه حافظت القيادة المقيمة في غزة بقيادة رئيس الحكومة اسماعيل هنية على موقعها بوصفها المركز الجديد القوي وللقوة التنظيمية وقد اكدت انتخابات ابريل 2013 هذا الواقع عندما قام هنية باستبدال موسى ابو مرزوق الموجود في الخارج الذي كان يعمل نائباً لمشعل.

 

خياران أمام حماس

في اعقاب الأزمة الجديدة التي تمر بها الحركة فان مشعل والقيادة في غزة يجدون أنفسهم محكومين الى ضرورة اجراء حوار داخلي عميق في كيفية مواجهة الأزمة ويبدو ان الحركة تقف امام خياريين رئيسيين: اما ان تعتمد خطة عمل بنهج صقري او تعتمد خيار ادارة الأزمة.

وفي ظل الدعم المتدهور أكثر فأكثر والتهديد الكامل في استئناف المفاوضات، فان من الممكن ان تختار حماس تصليب مواقفها وان تعمل على تجديد الشراكة الاستراتيجية مع طهران. وهناك اصوات داخل الحركة تدفع في هذا الاتجاه مثل محمود الزهار الذي كان مرتبط مع إيران حتى بعد ان افترق طريق الحركة عن طريق إيران.  وهذا ان حصل سيعيد للزهار مكانته التي فقدها مؤخراً.

من المعروف ان التصالح مع إيران لن يكون امراَ سهل التحقيق بالنظر الى التغيير الذي حصل في الزعامة الإيرانية مع انتخاب حسن روحاني، وبالنظر الى الحرب الدائرة في سوريا، وبالنظر الى التأثير القوي للعقوبات الدولية المتواصلة على الاقتصاد الإيراني.

 في ظل كل ذلك من المحتمل الا تكون إيران مؤهلة للقيام بدور الراعي السياسي والمالي لحركة حماس وهو الدور المطروح امامها بعد ان ادارت كل من مصر وقطر ظهريهما لحماس. علاوة على ذلك فانه في ضوء التوتر الذي ساد مؤخراً بين إيران وحماس فان من شأن إيران ان تخط نهجاً قاسياً حيال حماس خاصة ً بعد ان قررت إيران توثيق علاقتها مع الجهاد الإسلامي في قطاع غزة وتقديم العون لها.

إذا شعرت حماس بأنها معزولة ومنبوذة على الهامش بسبب استمرار القيود المربكة للحياة والمفروضة على غزة، فإن ذلك من شأنه ان يغريها ويدفعها باتجاه محاولة تخريب المفاوضات بين اسرائيل والسلطة، وبوسع حماس ان تفعل ذلك ببساطة عن طريق افساح المجال امام التنظيمات الأخرى للعودة الى مهاجمة اسرائيل او حتى ان تتورط هي مباشرة في ذلك كوسيلة للحفاظ على موقعها في جبهة الصراع ضد إسرائيل.

ومع ذلك فإن من شأن تبني هذا التوجه ان يدفع حماس الى مواجهة مع اسرائيل ومن الواضح ان هذه المواجهة ستلحق ضرراً كبيراً بالحركة سواء بناحية التأييد الشعبي لها، او لناحية البنى التحتية الاقتصادية والعسكرية الخاصة بها. كذلك فان خطوة كهذه لن تساهم كثيراً في تعزيز مكانة حماس في المنطقة وهذا ما سيحصل ايضاً فيما إذا ادت مواجهة كهذه الى وقف المفاوضات بين اسرائيل والسلطة.

 

الخيار الثاني" ادارة الأزمة"

هناك مسار آخر مقبول أكثر بالنسبة لحماس حيال ضعفها النسبي في المجالين السياسي والعسكري ويتمثل بإدارة الأزمة. فمن خلال ادراكها ان الساحة الداخلية غير مستقرة وان مصلحة الحركة الرئيسية هي الحفاظ على قوتها في غزة – مواصلة للخط الذي يوجه هنية وحكومة حماس هناك – فإن الحركة قد تختار حالة الانتظار بعد اعطاء الأولوية للاستقرار ولاستمرار سيطرتها على غزة، وبما يتناسب مع ذلك فإن الحركة ستتصرف بشكل "لا يدمر السفينة". وعلى الصعيد الدولي تستطيع الحركة ان تعمل للحفاظ على علاقتها مع تركيا ومع قطر وان تحاول في موازاة ذلك ان تحسن علاقتها مع مصر، علماً ان الآمال امام تحقيق هذه الأهداف ليست كبيرة.

على الرغم من ذلك من المتوقع ان تعمل حماس على بلورة علاقات العمل مع السلطات السياسية الجديدة في مصر لتخفف من القيود على المعابر الحدودية. من الطبيعي ان الدفع باتجاه تحقيق هذا الهدف يتطلب اجراء مفاوضات، ومن المقبول الافتراض ان حماس ستضطر الى عملية ضبط الانفاق مقابل رفع القيود المفروضة على الحدود.

سيتطلب اسلوب ادارة الأزمة ايضاً المزيد من الحرص من جانب الحركة للحفاظ على وقف إطلاق النار مع اسرائيل. وبدلاً من ان تكون الحركة متورطة بشكل مباشر في الجهود الرامية الى تخريب مفاوضات التسوية فإنها ستفضل الانتظار الى ان تنهار المفاوضات من تلقاء ذاتها وفي الوقت نفسه ستواصل الحركة دفع ضريبة كلامية على المصالحة الداخلية الفلسطينية بدون ان تقدم على أي خطوة عملية لتحقيقها.

وليس من المستبعد ان تقوم حماس بدراسة الانتقال من "حصر الأضرار" الى "التدخل المباشر" وذلك إذا اعتقدت ان بمقدورها ان تحصل على فائدة سياسية. وعليه فان التقدم في مسيرة التسوية بين اسرائيل والسلطة المترافقة مع محفزات اقتصادية، قد يساهم في دفع حركة حماس وفي تحفيزها لبذل الجهد بشكل أكثر جدية باتجاه احتمال تحقيق الوحدة السياسية وذلك بهدف ترسيخ التنسيق المؤسساتي مع السلطة الفلسطينية بحيث لا تخسر ما تبقى لها من اهمية سياسية.

في ظل الضعف الذي تعاني منه حماس في الداخل وفي المنطقة كلها فان من شأن السلطة الفلسطينية ان ترفض اشراك حماس في السلطة طالما انه لم يتم التوصل الى اتفاق مع اسرائيل يتيح للسلطة الفلسطينية ان تقدمه كإنجاز سياسي لها.

في نفس الوقت فان من شأن تقدم كبير في مسيرة التسوية ان يؤدى الى تعزيز قوة حركة فتح وان يفسح المجال امامها للعمل من اجل تحقيق المصالحة الفلسطينية من مركو قوة وفي مثل هذه الظروف سيكون بوسع حركة فتح ان تملي شروط الصفقة بينما ستكون حماس مضطرة للقبول بهذه الشروط، او انها ستخاطر باحتمال دفعها الى هامش الساحة السياسية الفلسطينية

 

الآثار على اسرائيل

انطلاقاً من الافتراض ان الحيلولة دون عودة حماس مرة اخرى الى احضان إيران او استمرار الهجمات العنيفة هي بدون شك تقع في إطار المصالح الإسرائيلية، فإنه من المهم الاشارة الى ان اسرائيل تستطيع المشاركة في اللعبة والتأثير على القرارات الاستراتيجية للحركة.  وسيكون مطروحاً امام متخذي القرارات في اسرائيل التقدير بأنه كلما ازدادت المحاولات الإسرائيلية والدولية لعزل حماس، وكلما شعرت الحركة بانها تفقد السيطرة على غزة وعلى السياسة الفلسطينية فانه سيكون لديها دوافع قوية أكثر من العمل متحررة من اية قيود.

وعلى الرغم من انه من المهم لإسرائيل الاستمرار في المحافظة على قدرة الردع تجاه حركة حماس، الا انه من المهم بالدرجة نفسها فعل ذلك من خلال بذل جهود محسوبة للحيلولة دون الانزلاق الى مواجهة شاملة. وهذا الأمر صحيح بشكلٍ خاص، لأنه إذا انزلقت حماس الى وضع صعب فإن ذلك سيترافق مع مخاطرة اخرى: وهي دخول تنظيم معارض لحركة حماس في غزة – أي حركة الجهاد الإسلامي – التي ستحاول استئناف النشاطات العسكرية ضد اسرائيل وكذلك اعلان تحديها لحماس وذلك في محاولة منها لشدها الى جولة مواجهة جديدة ضد اسرائيل.

وبموازاة المحافظة على الردع تجاه حركة حماس، فان اسرائيل تستطيع ايضاً الاستمرار في الطريق الذي تم ارسائه بعد وقف إطلاق النار والتخفيف من القيود المفروضة على قطاع غزة، وربما حتى اتخاذ خطوات تؤدي الى دمج اقتصاد القطاع مع اقتصاد الضفة الغربية وبذلك يتم تقديم محفزات لحركة حماس للاستمرار في المحافظة على وقف إطلاق النار. كما ان أي اتفاق بين حماس ومصر لتطبيع الوضع على الحدود بينهما مقابل اغلاق الأنفاق تحت الأرض سيشكل هو ايضاً تطوراً ايجابينا من وجهة النظر الإسرائيلية.

اضافة الى ذلك فإن أي تقدم جدي ومثابر في مسيرة السلام يمكن ان يكون الطريق الأمثل لأضعاف حركة حماس ولأضعاف شعبيتها ايضاً في اوساط الجمهور سواء في الضفة الغربية او قطاع غزة وذلك مع تشجيع قيادة حماس على تقديم ما هو أكثر من الضريبة الكلامية لتنظيم العلاقات مع حركة فتح والتكامل المؤسساتي للسلطة الفلسطينية.