خبر سوريا تقوضت والفلسطينيون انقسموا- هآرتس

الساعة 09:49 ص|18 فبراير 2014

بقلم: موشيه آرنس

(المضمون: الفلسطينيون أمة منقسمة لكيانين ولهذا لا يستطيع محمود عباس أن يلتزم باسم الفلسطينيين جميعا بانهاء الصراع مع اسرائيل - المصدر).

 

قبل 98 سنة – حينما رأى السير مارك سايكس، من قبل بريطانيا، وفرانسوا جورج بيكو من قبل فرنسا، حينما رأيا هزيمة "قوى المحور" في الحرب العالمية الاولى وقعا سرا على اتفاق سايكس – بيكو الذي قسم اراضي الدولة العثمانية الى مناطق تأثير وسيطرة بريطانية وفرنسية. وبعد انتصار "دول الحلفاء"، جرى على الشرق الاوسط تنظيم من جديد بحسب هذا الاتفاق تقريبا، ونشأت دول عربية جديدة كانت مكانا لنشوء أمم عربية جديدة، وهكذا نشأت الأمة العراقية والأمة السورية والأمة اللبنانية.

 

لكن نجاح خطوات القوى الكبرى هذه كان مؤقتا فقط، فبعد عشرات السنوات من الاستقلال السياسي توشك العراق وسوريا – وكلتاهما دولة عضو في الامم المتحدة حكمها مدة عشرات السنين مستبدون قُساة – توشك أن تختفي من بين الأمم. فالولاءات القبلية والدينية تغلب الولاء للأمم المصنوعة التي نشأت بعد الحرب العالمية الاولى، وقد تسير لبنان ايضا في هذا السبيل.

 

أصبح جزء من ارض اسرائيل التي نقلتها عصبة الامم كلَها لتكون تحت مسؤولية بريطانيا، أصبحت في نهاية المطاف دولة الشعب اليهودي – اسرائيل، وفي هذا المكان عاد الشعب اليهودي ليضرب جذورا في ارض وطنه القديم، وضرب الشعب اليهودي خلافا للأمم العراقية والسورية واللبنانية التي ولدت بصورة مصنوعة، ضرب جذورا عميقة مشحونا بروح قومية أعطته القدرة على العمل بصورة ديمقراطية وعلى حماية نفسه وعلى النماء من جهة اقتصادية.

 

ووهبت بريطانيا المناطق من ارض اسرائيل شرقي نهر الاردن للأمير عبد الله إبن الشريف حسين، شريف مكة، وأصبحت المملكة الاردنية، وإن 70 بالمئة من سكان الاردن أصلهم من ارض اسرائيل الغربية و30 بالمئة منهم بدو. فهل انشأ ذلك أمة

 

اردنية؟ سيُنبئنا المستقبل بذلك. في 1948 احتل الاردن يهودا والسامرة وضم هذه الاراضي اليه. واحتلت مصر قطاع غزة، وفي 1967 بعد هزيمة جيشي الاردن ومصر انتقلت يهودا والسامرة وقطاع غزة الى السيطرة الاسرائيلية.

 

وبدأ السكان العرب في يهودا والسامرة وقطاع غزة الذين شعروا بأن الدول العربية تخلت عنهم، يطورون هوية قومية مستقلة باعتبارهم فلسطينيين. وكان التعبير عن ذلك انشاء م.ت.ف بقيادة ياسر عرفات في 1964. وهم اليوم مقسومون الى قسمين: فهناك فلسطينيون تحت حكم حماس في قطاع غزة، وهناك فلسطينيون تحت حكم فتح في يهودا والسامرة. فهل تنشأ حقا أمة فلسطينية موحدة منفصلة عن الاردنية وتصبح عضوا دائمة في أسرة الشعوب؟ ستُنبئنا الايام.

 

إن انتقاض الأمة السورية وانقسام الشعب الفلسطيني يُحدثان مشكلة لاسرائيل. فقد كانت سوريا زمن حكم حافظ الاسد الاستبدادي وحكم ابنه بشار بعد ذلك، كانت دولة أمة جارة وكان يمكن مفاوضتها في اتفاق سلام، من جهة مبدئية. وكان هذا الاتفاق يمكن أن يضع حدا لعشرات سنوات الصراع بين اسرائيل وسوريا. بيد أنه غدا واضحا الآن أنه لا يوجد أي شريك في محادثات في حدود اسرائيل الشمالية؛ واذا أخذنا في الحسبان الوضع الحالي في لبنان وتدخل حزب الله في الحرب في سوريا فان اتفاق سلام مع لبنان ايضا لا يبدو امكانا واقعيا في المستقبل القريب.

 

إن الأداء المختل للكيان السياسي الفلسطيني ينشيء مشكلة اخرى لاسرائيل. وبرغم أن فتح وحماس اللتين لا تتماس مناطق سيطرتهما، لا يقاتل بعضهما بعضا، فان العلاقات بينهما بعيدة عن أن تكون علاقات ود: فقد أعلنت حماس أنه لا سلطة لمحمود عباس ليتوصل الى اتفاق سلام مع اسرائيل باسم الفلسطينيين جميعا وهو ما يمنع عباس

 

كليا من أن يلتزم باسم الفلسطينيين بانهاء الصراع مع اسرائيل، ولذلك فانه حتى لو وُقع على اتفاق بين اسرائيل وعباس فلن يضع حدا للصراع بل سيكون نقطة انطلاق فقط لمطالب اخرى من اسرائيل باسم الأمة الفلسطينية.