خبر خطة كيري والوهم الاقتصادي- د. ماهر تيسير الطباع

الساعة 07:49 ص|18 فبراير 2014

خبير و محلل اقتصادي

كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن المبادرات الاقتصادية الخاصة بالاقتصاد الفلسطيني , فتارة تسمي مبادرة و تارة يطلق عليها السلام الاقتصادي وكلها تأتي في سياق إنعاش الاقتصاد الفلسطيني و تطويره و تنميته لكن للأسف الشديد لم يتحقق أي نتائج مرجوة من تلك المبادرات , وبالرغم من تلقي السلطة الوطنية الفلسطينية منذ نشأتها مساعدات تتجاوز 21 مليار دولار إلا أن الاقتصاد الفلسطيني ما زال يعاني من ضعف في كافة الأنشطة الاقتصادية و ارتفاع في معدلات البطالة و الفقر و انخفاض في الناتج المحلى الإجمالي و انخفاض في مستوى الدخل و ارتفاع في مستوى المعيشة.

إن كافة المبادرات و الخطط الاقتصادية التي تطرح في الوقت و الوضع الراهن سوف تبقى حبر على ورق دون الوصول إلى حل سياسي جذري للقضية الفلسطينية يمهد لإستقرار سياسي وإقتصادي في المنطقة لعده سنوات قادمة , و يهيئ الفرصة لإجتذاب الإستثمارات المحلية و العربية و الأجنبية من خلال مشاريع اقتصادية ذات تنمية حقيقية و مستدامة تساهم في رفع حقيقي لمعدلات نمو الاقتصاد الفلسطيني وخفض معدلات البطالة والفقر المرتفعة وتحسين الأوضاع المعيشية في فلسطين.

وفي الآونة الأخيرة تم طرح خطة كيري الاقتصادية و التي تتحدث عن مساعدات بقيمة 4 مليار دولار تقدم خلال ثلاث سنوات , وتركت الخطة ورائها العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام ومرت مرور الكرام وكأننا أصباحنا نطبق ما يريده الآخرين, ومن خلال القراءة والدراسة المتعمقة لخطة كيري الاقتصادية تم استنتاج العديد من الملاحظات و أهمها:

الخطة تعمق ربط الاقتصاد الفلسطيني بالاقتصاد الإسرائيلي حيث أن الخطة الاقتصادية الجديدة لإنماء فلسطين هي استمرار لسياسة البقاء الاقتصادي تحت تحكم و سيطرة إسرائيل , ألا يكفي ربط الاقتصاد الفلسطيني بالإقتصاد الاسرائيلي من خلال الاتفاقيات المجحفة والمتمثلة بإتفاقية باريس الاقتصادية , كي نربطه من خلال المبادارات و التى من المفترض أن تهدف إلى تعزيز و إستقلالية الاقتصاد الفلسطيني.

خطة كيري الاقتصادية استهدفت بالفعل القطاعات الاقتصادية الفلسطينية الإستراتيجية و الحيوية ( المياه , الطاقة , السياحة , الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات , الزراعة , الصناعات الخفيفة , المقاولات و البناء , مواد البناء) , لكن كان يجب مشاركة الخبراء و الفنيين الفلسطينيين في وضع الخطة لقربهم من الواقع الفلسطيني و ألا يقتصر دورهم وتدخلهم في تطبيق الخطة.

كما برز في الخطة العديد من التناقضات و علامات الاستفهام حيث تم الحديث في ركائز دعم مبادرة السنوات الثلاث عن إعادة فتح المعابر التجارية في غزة  للسماح ببيع البضائع في الضفة الغربية و إسرائيل , بالرغم من إغلاق و إزالة إسرائيل لكافة معابر قطاع و إبقائها على معبر كرم أبوسالم كمعبر تجاري وحيد لقطاع غزة.

كما تم الحديث عن تسهيلات خاصة لعبور السياح الأجانب إلى قطاع غزة عبر معبر بيت حانون ولم يتم الحديث عن تنقل المواطنين الفلسطينيين من قطاع غزة للضفة الغربية و العكس.

كما تجاهلت الخطة الأزمة المالية للسلطة وطرق معالجتها في ظل تراكم ديون على السلطة تتجاوز 4 مليار دولار وهي تمثل قيمة الدعم المرصود في الخطة وعجز في الموازنة السنوية يتجاوز مليار دولار.

ولم تتحدث أو تتطرق الخطة عن أي آليات أو مبادرات لدعم المشاريع الصغيرة و التي تتناسب مع حالة الاقتصاد الفلسطيني.

كما لم تتطرق الخطة لإنشاء بنك مركزي فلسطيني أو إصدار عملة وطنية لتساهم في استقرار مالي يساهم بجلب الاستثمارات الخارجية مما يدعم النمو و التطور للاقتصاد الفلسطيني.

ومن أهم التطلعات المرجو تحقيقها للاقتصاد الفلسطيني خلال 3 سنوات من تطبيق الخطة:

نمو حقيقي في الناتج المحلى الإجمالي يبلغ 50% خلال ثلاث سنوات بقيمة تزيد عن 5 مليار دولار مما سوف يساهم في ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالي.

خفض معدلات البطالة للوصول إلى 8% عن طريق خلق أكثر من 330 ألف فرصة عمل خلال الثلاث سنوات , علما بأن عدد العاطلين عن العمل 301,200 شخص في الربع الرابع لعام 2013 ومعدل البطالة في فلسطين 25.2% , حيث بلغ معدل البطالة في الضفة الغربية 18.2% وبلغ عدد العاطلين عن العمل 141,600 شخص , وفي قطاع غزة 38.5% وبلغ عدد العاطلين عن العمل 159,600 شخص.

زيادة بنسبة 30% على معدل دخل الأسرة الفلسطينية للوصول إلى متوسط يزيد عن 10.880 دولار أمريكي عن طريق 20% زيادة في متوسط الدخل و التقليل من نسب البطالة.

استثمارات متوقعة بمبلغ من 5 إلى 6 مليار دولار أمريكي من القطاع الخاص المحلى و الدولي في السنوات الثلاث الأولى مع 3 مليار دولار أمريكي من القروض المضمونة لتنفيذ المبادرة الاقتصادية.

زيادة في الإيرادات الضريبية الإضافية المحتملة 655 مليون دولار عبر القطاعات المحورية.

انخفاض في نسبة التوظيف للقطاع العام إلى 18% خلال ثلاث سنوات.

التوصيات

0 ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون قادرة على مواجهة تحديات المرحلة الحالية السياسية و الاقتصادية .

·ضرورة إيجاد طرق وآليات للربط الجغرافي بين قطاع غزة و الضفة الغربية , حرية حركة الافراد و البضائع دون التدخل الاسرائيلي , وذلك لتنمية التجارة الداخلية , و السياحة الداخلية بين شطرى الوطن.

·إزالة الحواجز الموجودة بين محافظات الضفه الغربية , ويبقى الجدار الفاصل كأهم المعيقات في وجهة أي خطط للتنمية الاقتصادية .

·ضرورة مشاركة الخبراء الاقتصاديين الفلسطينيين و القطاع الخاص الفلسطيني بأي خطط أو مبادرات أو اتفاقيات تتعلق بالاقتصاد الفلسطيني .