خبر الخطط الاسرائيلية البديلة لفشل المفاوضات

الساعة 07:00 ص|17 فبراير 2014

أطلس للدراسات

المطالبة بوضع "الخطة ب" كخيار بديل في حال فشل "الخطة أ" (المفاوضات) تشكل في إسرائيل في هذه الفترة عرض الموضة الأكثر رواجاً وقبولاً بين الأوساط الأكاديمية والكثير من السياسيين والكتاب، لا سيما الذين لا ينتمون لتيار اليمين المتطرف، وتقوم خطتهم البديلة بشكل أو بآخر على انفصال تدريجي منسق مع أمريكا ومع السلطة الفلسطينية ومع كل من يقبل بها كمبادرة  بديلة لفشل المفاوضات، وقد خلص الى ذلك معهد بحوث الأمن القومي في تناوله لتحديات العام 2014 التي تواجه إسرائيل، وقبل أيام صدرت دراسة تحمل العنوان "اسرائيل والمسيرة السلمية – الخطة أ، والخطة ب، وما بينهن" دراسة مشتركة لأودي ديكل وعنات كورتس وجلعاد شير، وثلاثتهم باحثين كبار في معهد بحوث الامن القومي.

 

العوامل والأهداف

العوامل والمعطيات التي تقف خلف إعداد الخطط البديلة كما أهدافها مشتركة للجميع؛ فالعوامل هي ذات العوامل، والاهداف هي ذاتها التي تستند إليها تلك الدراسات، وسنوجز بعض ما تستند اليه وتحاول ترويجه:

العوامل:

- عدم وجود شريك فلسطيني قادر ولديه رغبة، ومستعد لتقديم تنازلات والتوقيع على نهاية النزاع ونهاية المطالب الفلسطينية.

- السلطة الفلسطينية لا تمثل رأى الغالبية من الشعب الفلسطيني.

- أبو مازن يقود خط إقامة الدولة الفلسطينية عبر شرعية المؤسسات الدولية.

- غياب الثقة بين القيادتين.

- التنازلات التي يستطيع كل طرف تقديمها للطرف الآخر لا تلامس الحد الأدنى لمطالب الطرف الآخر.

- استمرار الوضع القائم سيؤدي عملياً على الارض إلى تقويض فرص حل الدولتين، وربما إلى انفجارات أمنية، وإلى تعزيز مسيرة عزل إسرائيل.

- إسرائيل كدولة قوية عليها أن تخطط لمستقبلها، وأن تبادر، وألا تجعل زمام المبادرة السياسية بيد الآخرين.

- في حال فشل المفاوضات وغياب خطة بديلة ستتحمل إسرائيل نصيب كبير من تهمة السبب في الفشل، وسيعزز تجاوب العالم مع نظرة الفلسطينيين لإسرائيل باعتبارها تريد تخليد احتلالها للضفة.

- التغيرات في العالم العربي.

الأهداف:

أما أهداف الخطط البديلة فتتلخص في السعي إلى ضمان تحقيق الهدف الصهيوني الأكبر، هدف ضمان إقامة وبقاء دولة اسرائيل كدولة الشعب اليهودي القومية التي تعيش في حدود آمنة ومعترف بها، وذلك عبر خطوات توقف ما يسمى بقطع الطريق على فرصة حل الدولتين، كما أن من أهدافها تخفيف أي أضرار قد تلحق بإسرائيل في حال فشل المفاوضات، ويقول واضعي الخطة أن تطبيقها بالتنسيق مع الأطراف ذات الصلة من شأنه أن يشكل تحدياً لمسيرة تزع الشرعية، ويعزز مكانة اسرائيل ويقدمها كدولة راغبة بإحلال السلام ومستعدة لدفع الثمن، علاوة على أن التنفيذ التدريجي والحذر والمنسق مع السلطة وما سينطوي عليه من تشجيع للاستثمار، وبناء المشاريع الكبرى في الضفة، وتقديم مجموعة كبيرة من التسهيلات للسلطة في مختلف المجالات؛ سيؤدي كل ذلك – حسب زعمهم – إلى خلق أجواء من الثقة بين القيادتين، وهو ما تفتقده المفاوضات، حيث تغيب عنها أجواء الثقة، بما سيعزز لاحقاً المزيد من تعميق التعاون والتنسيق بين القيادتين، وسيجعل الفلسطينيين يفكرون في جدوى خطتهم البديلة التي يهددون بها، وهى خطة الذهاب للمؤسسات الدولية.

الخطة البديلة التي يقترحها ديكل وشركاه ليست مجرد خطة انفصال وتحديد حدود مؤقتة قد تتحول الى دائمة في حال استمرار الصراع وفشل المفاوضات مستقبلاً؛ بل تتناول جوانب تعزيز سلطات السلطة الفلسطينية، بما فيها إجراء تغييرات على اتفاق باريس الاقتصادي، يأخذ بعين الاعتبار الانتقادات والمطالب الفلسطينية المتعلقة بالاتفاق، وخطته تدعو إلى تعزيز دور الطبقة الوسطى والنخب الخريجين وأصحاب القطاع الخاص، وخلق مصالح وحوافز فلسطينييه مرتبطة بالخطة تؤدي الى نجاحها وعدم تكرار نتائج الانسحاب من القطاع.

أما على مستوى المستوطنات المعزولة في العمق الفلسطيني التي ستبقى خلف الحدود التي ترسمها الخطة؛ فتقدم علاجاً بمستويات مختلفة، أولها المستوى القانوني، حيث تدعو لسن قانون التعويض مقابل الإخلاء، وعلى مستوى اقتصادي واسكاني، حيث تقترح أن يقدم لهم بدائل مناسبة، ولمن يريد البقاء ويرفض الاخلاء تقترح منحه إقامة فلسطينية أو تحويل المستوطنة الى جيب اسرائيلي مؤقت.

إن كل ما تعرضه مراكز الأبحاث في موضوع حل الصراع لا يختلف في دوافعه وأهدافه عما يعرضه ويستند إليه نتنياهو وأحزاب اليمين، وهو استثمار انجازات قوة الاحلال على الأرض والتهرب من استحقاقات التسوية، وهو ليس أكثر من لف ودوران وطحن للهواء وتجميل في الصياغات، والهدف هو الابقاء على مكتسبات الاحتلال، وشرعنة تهويد الأرض، والتعامل مع الفلسطينيين كأمر واقع لا بد منه للعلاج الوقائي من الورم الديمغرافي الذي يهدد يهودية وعرقية دولتهم من وجهة نظرهم.

التنسيق مع السلطة ربما هو أخطر ما في الأمر، فأي انسحاب بدون تنسيق مع السلطة هو انسحاب مرحب به وهو لا يفرض علينا أية التزامات أو استحقاقات، ولا يعفي الاحتلال من مسؤوليات احتلاله، ولا يطعن في شرعية استمرار كفاحنا ومطالبنا، لكن التنسيق إن حصل وقبلت به السلطة، والذي سيتم تسليط الضوء عليه بشكل كبير، سيرتب التزامات لا سيما على المستوى الأمني.