خبر القضاء على دولة اسرائيل -هآرتس

الساعة 09:56 ص|16 فبراير 2014

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: تُكثر اسرائيل من الحديث عن خطر ابادتها لكن لا أحد في العالم يفكر في ابادة اسرائيل والقضاء عليها بل هذه حيلة اسرائيلية للتهرب من التزاماتها والابقاء على احتلالها - المصدر).

 

إن الدعوة المثيرة للقشعريرة في العنوان ما زالت تُسمع فقط في دولتين تقريبا هما ايران واسرائيل. فهي في الاولى ترتفع في المسيرات الجماعية وسيلة حقيرة للتحريض؛ وهي في الثانية منسوبة الى نصف عالم وسيلة خاسرة للتخويف. فلندع ايران حيث يدعون في مسيراتها ايضا الى القضاء على الولايات المتحدة وقد تغيرت لغة ساستها. إن الحديث في اسرائيل عن خوف وجودي مغروس عميقا وعن حملة تخويف وتحريض تزيد في تأجيجه: فكل زعيم يميني تقريبا يستخدم الخوف والتخويف من "الابادة" استخداما هزليا لحاجاته. وهم في ايران وفي اسرائيل يعلمون أن الحديث عن تخويف باطل وتهديد فارغ.

 

وفيما بقي من العالم لا يتحدث أحد عن الابادة، فهم ينتقدون اسرائيل وهم احيانا يُغرون بها اغراءً يزيد على ما تستحقه؛ فهم يدعون الى مقاطعتها والى نبذها ويناضلون احتلالها ويدعون الى تغيير نظام حكمها أو صبغتها أو طبيعتها، لكن لا يتحدث أحد عن القضاء عليها، بجدية.

 

لا يخطر ببال برلماني اوروبي تجرأ على أن يثير سؤالا صعبا عن ازمة الماء عند الفلسطينيين في المناطق، لا يخطر بباله القضاء عليها، بالطبع. والمثقفون الذين يدعون الى مقاطعتها لا يفكرون بالقضاء عليها. ورجال الاعمال الذين يقطعون علاقاتهم الاقتصادية بشركات اسرائيلية لها صلة بالاحتلال لا يفكرون في القضاء عليها. ولا يقصد نشطاء يساريون ونشطاء سلام وحقوق انسان والقائمون بحركة المقاطعة الـ

 

بي.دي.إس والمفكرون وكُتاب الاعمدة الصحفية وفيهم أكثر منتقديها تطرفا، لا يقصدون القضاء عليها. وقد سلم كل زعماء الدول العربية تقريبا منذ زمن بوجودها بل إن أكثر الفلسطينيين يعلمون أن حلم إلقائها في البحر إن كان وجد في يوم ما، لن يتحقق أبدا. فلا يفكر أحد في ذلك ما عدا عددا من معادي السامية الهاذين الهامشيين. لكننا مستمرون في غيّنا نقول حذارِ من الابادة.

 

تزعم قوة كبيرة اقليمية مسلحة بصورة جيدة لا يكاد يوجد سلاح لا يوجد في ترسانتها، وهي قوية من جهة اقتصادية وعلمية ويعترف بها أكثر دول العالم وهي عضو في كل المنظمات الدولية المهمة تقريبا وهي ذات تأثير دولي لا يناسب حجمها، وهي حليفة للقوة العظمى في العالم، تزعم أن وجودها في خطر. لا يوجد لا خطر ولا حذاء. إن النضال الدولي الحالي هو على صبغتها وعدالتها. فكما لم يفكر أحد بالقضاء على جنوب افريقيا بل في تغيير نظام حكمها، ولم يفكر بالقضاء على الاتحاد السوفييتي أو ايران أو كوريا الشمالية، لا يفكر أحد كذلك في القضاء على اسرائيل، حتى إن اولئك الذين يدعون الى انشاء دولة ذات شعبين علمانية ديمقراطية لا يتحدثون عن القضاء عليها بل عن تغيير طبيعة الدولة فقط.

 

إن الابادة اختراع اسرائيلي يخدم أهداف اسرائيل. فالاسرائيليون يستطيعون بهذا السلاح أن يعودوا الى المكان الذي يشعرون فيه الشعور الأفضل وهو أن يكونوا في دور الضحية. لأنه اذا كان العالم يريد القضاء علينا فاننا اذا عادلون دائما. ولأنه ماذا ينبغي أن يُقال في دولة في خطر الابادة؟ ألا يجوز لها أن تفعل كل شيء لانقاذ نفسها؟ وماذا ينبغي أن يُقال في العالم الذي يهب للقضاء عليها؟ أنه خطير وغير عادل. لكن ذلك العالم نفسه احتضن اسرائيل بعد التوقيع على اتفاقات اوسلو وفيه بعض العالم العربي. فماذا حدث آنذاك لخطة الابادة؟.

 

يوجد بين يدي ذلك بالطبع ذكر المحرقة التي تُستغل جيدا ايضا. فـ "القضاء على اسرائيل" يُذكر بغرف الغاز ومعسكرات الابادة. ويُذكر ايضا بما سمعته شولاميت الوني ذات يوم من غولدا مئير وهو أنه يجوز لليهود فعل كل شيء بعد المحرقة. فاذا قال العالم ابادة فان اسرائيل تستطيع أن تقول احتلال وسلب وتصفية، لكن العالم لا يقول ابادة واسرائيل لا تستطيع أن تقول احتلال وسلب وتصفية.

 

إن الحديث مرة اخرى عن عدم صلة بالواقع. والاسرائيليون الذين يسألون أنفسهم في خوف هل ستوجد دولتهم بعد عشرين سنة ويحلمون بالحصول على جواز سفر ثان يجب أن يثيروا سؤالا آخر مصيريا ايضا وهو: أي صبغة ستكون لدولتهم وأكثر الاخطار التي تترصدها داخليا؟ لكن القليلين فقط يشغلون أنفسهم بذلك فنحن مشغولون بالوجود لا بالقيم.