خبر يُغردون ثورة في المملكة.. معاريف

الساعة 05:24 م|14 فبراير 2014

بقلم: يوئيل جوجنسكي

          (المضمون: اذا استندنا الى تجربة الدول العربية التي سقطت فيها الانظمة حتى الآن، فلا يمكن للأسر المالكة أن تتجاهل الثورة الافتراضية التي تمنح الصوت للرعايا وتسحق بالتدريج شرعية الحكام - المصدر).

           قد يكون "الربيع العربي" تجاوز السعودية في السنوات الثلاثة الاخيرة، ولكن لا بد أن عصر الشبكات الاجتماعية لم يتوقف عند بوابات المملكة المتزمتة. فعدد المستخدمين للتويتر فيها هو الأعلى في العالم العربي (في المكان السابع في العالم!) وعدم المستخدمين لليو تيوب هو الأعلى في العالم للفرد – هكذا يتبين من بحوث نشرت في الاشهر الاخيرة وتفيد مرة اخرى كم هم سكانها مرتبطون.

           في الأسرة السعودية المالكة هنالك تخوف من أن تستخدم الشبكات الاجتماعية كمحفز لاندلاع احتجاج اجتماعي تلخص حتى الآن في معظمه بعدة عشرات النساء ممن أمسكن بمقود سياراتهن ومظاهرات شيعية في المنطقة الغنية بالنفط. أما السعوديون فقد اختاروا بأغلبيتهم البقاء في البيت، ولكن مراجعة للمضامين التي تصدر في الشبكات تُبين عدم الرضا من أداء الأسرة المالكة. مداولات عن الفساد، البطالة بل ومكانة المرأة منتشرة فيها. فمثلا احدى الحملات التي نالت الكثير من الصدى في الشبكة، "women 2 Drive" تستهدف تشجيع النساء على خرق الحظر على سياقتهن.

           حتى الآن وقفت المملكة بنجاح في وجه الميول الثورية، بقدر ما كانت كهذه، ولا سيما لأنها طفت على بحر من الثراء الذي يسمح لها بأن تشتري المعارضين من الداخل وتنال الدعم من الخارج. والمنطق بسيط: المواطنون الشبعى الذين يكسبون أجرا جيدا لا يتمردون. واولئك الذين يفعلون ذلك حقا، فيُندد بهم كطابور خامس وكمنفذي أوامر ايران.

           المجال الافتراضي يفتح أمام شباب المملكة، الذين هم نحو نصف سكانها، كوة للمعلومات التي كانت في الماضي محصورة في الأسرة المالكة، 5 ملايين مستخدم للتويتر في الدولة يفهمون الآن كم هو محافظ وقديم نمط الحياة فيها. والنجاح النسبي للشبكات الاجتماعية في السعودية يُفسر بالانتشار الواسع للهواتف الذكية وبالمناخ الذي بفضله يُقل الناس من الخروج الى المجال العام. ويستخدم الكثير من النشطاء السياسيين الشبكات كي يضموا الناس الى صفوفهم ويُحركوا حملات وكمنصة لنشر أفكارهم. تقرير لمنظمة حقوق الانسان "هيومن رايتس ووتش" نشر الاسبوع الماضي يُبين أن النظام رد من خلال اغلاق ومراقبة هذه المواقع واعتقال النشطاء المركزيين بهدف ردع الآخرين من الانضمام اليهم ايضا.

           مشوق أن الكثير من المستخدمين للشبكات هم رجال المؤسسة الدينية أنفسهم، ممن ينشرون مطالبهم في المواقع التي ظهرت كأداة نشر ناجعة. وبالفعل، فان 20 بالمئة من سكان المملكة، حسب استطلاع نشر مؤخرا وأجري في المملكة، يستخدمون الشبكة لغرض القراءة والمشاهدة للمضامين الدينية، و8 بالمئة فقط يفعلون ذلك "لاغراض سياسية".

           أحد اسباب شعبية الشبكة هو الممنوعات الكثيرة التي تفرض على السعوديين. فالرقابة العسكرية والاشراف جعلاها أداة اتصال بديلة بالنسبة للكثيرين، وحقيقة أن الاحتجاج يتجه في معظمه الى الانترنت يُسهل على السلطات مراقبة المستخدمين وردعهم من النشاط السياسي ولكن ايضا من اجل اظهار انجازات الأسرة المالكة. ولكن كلما ازداد عدد المستخدمين بات من الصعب أكثر متابعتهم. والخوف من الاضطراب ليس غير مسنود وذلك لأن بعض الاسباب للثورات في الدول الاخرى قائمة في السعودية ايضا وفي دول الخليج. وفي هذه الاثناء لم يتحقق بعد الانتقال من العالم الافتراضي الى الشارع.

           لا يمكن أن نعرف اذا ما ومتى ستنتقل الثورة الافتراضية الى العالم الحقيقي. فقبل عقدين كتب أحد أهم الباحثين في شؤون السعودية الحديثة، غريغوري غوس إن الانظمة الملكية في الخليج هي أنظمة في غير زمانها ومكانها ومشكوك أن تصمد أمام الضغوط المتعاظمة. وبعد ثلاث سنوات من انطلاق الربيع العربي يبدو أنها صامدة في وجهه، أما تلك منها التي تجد صعوبة في ذلك، مثل الاردن والبحرين، فتساعدها جاراتها الثرية، واذا استندنا الى تجربة الدول العربية التي سقطت فيها الانظمة حتى الآن، فلا يمكن للأسر المالكة أن تتجاهل الثورة الافتراضية التي تمنح الصوت للرعايا وتسحق بالتدريج شرعية الحكام. فالاغلبية الساحقة من السعوديين غير راضين عن الوضع الراهن ويتطلعون الى التغيير، حتى وإن كانوا يطلبون ذلك في هذه اللحظة من خلف شاشات الهواتف الذكية خاصتهم فقط.