خبر "أيريدون تحقيقا؟ أنا اؤيد ذلك..يديعوت

الساعة 04:59 م|14 فبراير 2014

بقلم: ناحوم برنياع

          (المضمون: ما هي الاسباب التي جعلت مستشفى هداسا على شفا انهيار برغم أن ميزانيته التي يحصل عليها مأخوذة من مصدرين خلافا للمستشفيات الاسرائيلية الاخرى - المصدر).

           عرف شلومو مور – يوسف كوارث أكثر من هذه في حياته. وبرغم ذلك لم يُهييء شيء هذا الرجل الفخور الذي كثر نجاحه، لما اصابه هذا الاسبوع. فقد تحول دفعة واحدة من حبيب الشعب الى عدو الشعب، والى المذنب الرئيس في النائبة الجديدة التي عصفت بالدولة. وأقيمت المقصلة في ميدان المدينة كالعادة عندنا فوضع رأس مور – يوسف تحتها وصرخ الجمع من الساسة والصحفيين واصحاب الشأن يطلبون الدم. ليس مور – يوسف سياسيا اغتصب أمينات سره؛ وليس رب مال سطا على اموال مستثمرين وليس جنرالا قاد جنوده الى الموت لتقصيره. وبرغم ذلك فان الميدان نفس الميدان، والغضب نفس الغضب والتعطش للدم نفسه.

           كان البروفيسور مور يوسف ابن 63 المدير العام لمستشفى هداسا مدة 11 سنة. وترك عمله قبل سنتين ونصف. إن تدهور المستشفيات المالي الذي أفضى بها هذا الاسبوع الى انهيار عام وطلب تجميد الاجراءات، بدأ قُبيل نهاية مدة ولايته. وله نصيب من المسؤولية عما حدث بلا شك مع اشخاص آخرين. فالقضية مركبة وتتجاوز حدود المستشفى وحدود البلاد. والذي يلقي الفشل على كتفي شخص واحد يظلم هذا الشخص ويظلم الحقيقة.

           التقينا أول أمس في لقاء شامل كان حوارا ذاتيا في أكثره. إن الخازوق الذي أُقعد عليه ترك فيه علاماته فقد كانت التجربة الشعورية صادمة؛ وكانت الصدمة كبيرة واختنق الحلق. "أنا مبلبل"، اعترف في حديث سبق المقابلة. وليس النقد هو الذي أذهله بل حقيقة أن أكثر النار وجهت اليه. وسألته هل يؤيد انشاء لجنة تحقيق فيما حدث في هداسا. "يسعدني جدا أن أتعاون"، قال وأضاف بشيء من الشعور بالمرارة: "ليس عندي ما أخسره فقد حكموا علي وجرموني – أنا المذنب الوحيد".

           في 2001 كان مور يوسف المدير العام لمستشفى سوروكا واعتبرت مدة ولايته وهي نحو من اربع سنوات، نجاحا. وأقنعه دافيد بروديت رئيس مجلس المديرين في تلك الفترة، بالمجيء الى هداسا. "كان المستشفى في ازمة"، يقول. "انفجرت فقاعة الهاي تيك ومعها ملفات استثمار المستشفى هنا وملفات استثمار نساء هداسا في امريكا، وبدأت الانتفاضة، وحينما توليت المنصب كان المستشفى في ذروة خطة شفاء شملت اقالة عمال".

          إن هداسا مسجل في البلاد أنه شركة لنفع الجمهور. ومالكه هو منظمة نساء هداسا في الولايات المتحدة. إن ثلث اعضاء مجلس الادارة ممثلات للمنظمة وثلث امريكيون والثلث الباقي اسرائيليون. ويجب أن يمر كل قرار لمجلس الادارة ليُجيزه مجلس ادارة نساء هداسا في امريكا. "هذه بنية مميزة جدا"، يقول مور يوسف في حذر. "إن مجلس الادارة معوق شيئا ما. فلنساء هداسا حق في الاعتراض على قراراته وهن لم يحجمن عن استعماله".

           كانت احدى المهمات الكبيرة لمور يوسف انشاء برج العلاج الجديد في عين كارم. "بحثوا في مجلس الادارة في ترميم المبنى القائم. واعتقد الاعضاء أنه لا داعي لذلك لأن المرضى سيعانون كثيرا في وقت الاعمال. وسنحصل آخر الامر على مبنى عمره اربعون سنة رُمم. ويحسن أن يبنى برج علاج مستقل.

           "وأُعدت خطة مفصلة وجرت على كل خطوة موافقة نساء هداسا والخبراء. وجرى على كل خطوة فحص وموافقة في وزارة الصحة. وجئنا الى المباحثات بصور مباني علاج جديدة لا من خارج البلاد بل من البلاد على الخصوص – من ايخيلوف وشيبا وسوروكا ففهموا أنه لا يوجد هنا شيء غير عادي أو شيء فخم وتمت الموافقة على كل شيء.

           "كان واضحا أن البرج لن ينفق عليه من اموال الميزانية الجارية بل من تبرعات تجمعها نساء هداسا. ووزارة المالية تجبي ضريبة قيمة مضافة عن كل تبرع يأتي من خارج البلاد، وطلبنا أن تعيد المالية الينا ضريبة القيمة المضافة. وتصالحنا آخر الامر على أقل من ذلك، على 10 أو 12 بالمئة. ولأن المالية أعطت مالا فحصت عن الميزانية وتحققت من أن التبرعات تأتي كما وُعد. ومرت كل نفقة بطريق المحاسب العام في وزارة المالية".

           قلت: نشر أن اموالا للعاملين استثمرت في البرج.

           قال: "اذا حدث هذا فانه حدث بعد مدتي".

           كلف البرج نحوا من مليار شيكل. ويقول مور يوسف إنه لم يحدث تجاوز للمبلغ الذي خُطط له. وفي نيسان 2012 كان قد مر على نشوء منظمة نساء هداسا مئة سنة. وكان افتتاح البرج شعار مرور مئة سنة، وقد أُتم في الوقت ما عدا أجزاءً في المبنى الداخلي وافتتح في تشرين الاول بمراسم عظيمة التأثير بمشاركة القيادة العليا للدولة.

           وغطت المراسم على الحقيقة المرة بزينة ثقيلة. وقد ضعفت منظمة نساء هداسا التي كانت أقوى المنظمات اليهودية في امريكا وانتقضت بالتدريج وأصبح مستشفاها الفخم في القدس على شفا انهيار. إنهم لم يفتتحوا برجا في عين كارم بل شاهد قبر.

        غيمة ثقيلة في الأفق

           "التزمت نساء هداسا بأن تحول الى المستشفى في كل سنة 19 مليون دولار"، يقول مور يوسف. "وقد استمرينا على الوفاء بهذا المبلغ لكنهن اعتدن أن يحولن الينا في كل سنة مبالغ اخرى تبلغ في الحاصل 20 مليون دولار جاءت من تبرعات أو من صندوق استثمارات المنظمة. ولم تعد التبرعات تصل ومات صندوق الاستثمارات في قضية مايدوف".

           كانت قصة الوغد مايدوف وعلاقاته بهداسا تكون مضحكة لولا أن الاضحاك على حسابنا. كانت شريل فاينشتاين المديرة المالية للمنظمة. وقد استثمرت مال هداسا وزوجها عند مايدوف، ومن المفرح جدا أنها ضاجعته ايضا. وحينما انفجرت فقاعة مايدوف فرغ صندوق الاستثمارات. وزعمت رئيسة المنظمة آنذاك نانسي بلتشوك في 2009 أن الخسارة بلغت 90 مليون دولار وربما بالغت. وفي النهاية اضطرت المنظمة الى أن تدفع الى سلطات الضريبة 45 مليون دولار اخرى أُعيدت للمستثمرين الذين تضرروا أكثر.

           واضطرت عائلة فاينشتاين الى بيع بيتها ووجدت شريل طريقة منها لتنتقم من العاشق الذي خيب أملها إذ كتبت كتابا عنه اسمه "سر مايدوف الآخر" – تحدثت فيه عن الحجم الصغير لبعض اعضاء جسمه. وأحدث الكتاب في حينه غير قليل من الضجيج في امريكا لكنه لم يُعد المال الذي ضاع.

           إن التغيير في مكانة النساء في المجتمع الامريكي بعامة وفي المجتمع اليهودي بخاصة جعل منظمة نساء هداسا أقل تأثيرا في الواقع، فالنساء القديرات فضلن الخروج من مجال التحديد الجنسي فاستثمرن في حياة مهنية اختصاصية، وحينما اخترن حياة مهنية عامة فعلن ذلك مع رجال في منظمات عامة. وهبطت نوعية النساء في قيادة المنظمة العليا لكن لم يهبط الباعث عندهن وتدخلن في قرارات المستشفى وعزلن اعضاءً في مجلس الادارة تجرأوا على مناكفتهن وعزلن مور يوسف ايضا آخر الامر.

           "حصلت على عقد لخمس سنوات"، يقول مور يوسف. "وفي 2005 مددوه خمسا اخرى. وقلت قبيل النهاية إنني أترك العمل فأنا من انصار التناوب. وقلت في الوقت نفسه نحن في ذروة خطة شفاء اخرى. وأنا مستعد للبقاء سنة أو سنتين لانهاء العمل وفضلت نساء هداسا أن أُنهي".

           وفي آذار 2011 اخترن مديرا عاما جديدا. وابتعد مور يوسف بالتدريج الى أن ترك العمل رسميا في تشرين الثاني. ويقول: "كان بينهن وبين الاطباء حساب ونقاش. وطلب الاطباء إبقائي فرفضت نساء هداسا واستقال الاسرائيليون في مجلس الادارة".

           إن الميزانية الاخيرة التي قدمها مور يوسف تناولت سنة 2010. ويقول: "كان يوجد عجز جارٍ بلغ 50 مليون شيكل وعجز متراكم بلغ 610 ملايين شيكل وكان 40 بالمئة من العجز المتراكم ديونا طويلة الأجل. وكان بازائها في حسابات هداسا المصرفية 304 ملايين شيكل وأملاك تبلغ قيمتها نحوا من 200 مليون شيكل".

           قلت: كنتم تستطيعون أن تروا الغيمة الثقيلة في الأفق. فقال: "هذا وضع صعب يشير الى مشكلة لكن الصعوبة ليست حادة".

           يقول اعضاء مجلس ادارة سابقون تحدثت اليهم هذا الاسبوع إن المستشفيات كلها في عجز مالي ووزارة المالية تشجع هذا الواقع لأنها تؤمن بأنه اذا لم توجد غيمة عجز في الأفق فان النفقات ستزيد كثيرا. لماذا يكسب الاطباء في هداسا أكثر مما يكسب الاطباء في كل مستشفى آخر، سألته. قال "إن الاطباء في هداسا يحصلون على اجور بحسب اتفاقين – اتفاق الهستدروت الطبية واتفاق الهيئة الاكاديمية. وقد وقع على الاتفاق الاول بين الاطباء والحكومة. وحينما رفعت الحكومة أجور الاطباء في آب 2011 لم تسألنا لكننا دفعنا الزيادات. والاتفاق الثاني تاريخي. إن نحوا من 250 طبيبا من رتبة محاضر كبير فما فوق، تزيد أجورهم بـ 30 بالمئة على ما كانوا يحصلون عليه باتفاق الاطباء".

           قلت: يبدو هذا مثل ميناء أسدود.

           قال: "لا ميناء ألبتة. فهذا اتفاق ظاهر موقع عليه تعرف الحكومة عنه. إن االاتفاق مع الممرضات مشابه للاتفاق القطري. وعمال الادارة والتدبير يحصلون على ما اعتيد الحصول عليه في اماكن اخرى ما عدا عددا من التفضيلات الهامشية. الحديث عن استعدادات وهمية في هداسا – والاقتصاد كله يعمل على هذا النحو. فحينما كان نقص في المعالجين والمخدرين واحتيج الى تشجيعهم قالوا لنعطهم أجور استعداد اخرى. هذه هي الطريقة.

           "لا أعرض شيئا رائعا. كانت عندي أخطاء. وربما كان من الممكن في المفاوضات التي أجريناها أن نحصل على أكثر من نساء هداسا ومن المالية ومن صناديق المرضى ومن العمال".

           سألته: هل يمكن أن تكون أكثر تحديدا. أين هو الخطأ الاكبر؟

           تحير. "ربما كنت استطيع تحسين نصيب المستشفى من ايرادات الخدمة الطبية الخاصة"، قال. "رفعته من 20 بالمئة الى 22 بالمئة. ورفع علي الاطباء الكبار دعوى قضائية لذلك. ربما كان يمكن التوصل معهم الى أكثر".

 

          لكن افيغدور كابلان المدير العام الحالي سلم الى المحكمة معطى مختلفا، قلت. إن المستشفى يحصل على 15 أو 16 بالمئة فقط من ايرادات الخدمة الطبية الخاصة.

           "لا أعلم كيف توصل الى هذا الحساب"، قال. "أنا غير موجود في هداسا منذ ثلاث سنوات ولا استطيع أن اكون مسؤولا عما حدث بعد أن غادرت".

           قلت إن الخدمة الطبية الخاصة مؤسسة فاسدة. فهي تميز بين مريض ومريض، وطب وطب. وهي تنشيء مجموعة اطباء اصحاب ملايين تجر وراءها كل الآخرين.

           قال: "دعك الآن من الجانب الاخلاقي وتعال نتحدث في الشأن الاقتصادي. حينما تكون عضوا في صندوق مرضى وتأتي لتجرى عليك عملية جراحية في هداسا يحصل المستشفى من الصندوق على 50 ألف شيكل. ولنفرض أنك تريد جراحا مختصا، في اطار الخدمة الطبية الخاصة ، إن ذلك يكلفك 30 ألف شيكل اخرى ويحصل المستشفى من كل ذلك على ما يقرب من 6 آلاف شيكل ما كان ليحصل عليها لولا الـ الخدمة الطبية الخاصة ، فالخدمة الطبية الخاصة تزيد فيما يحصل عليه المستشفى، من جهة اقتصادية".

           قلت إن هداسا يتمتع بمصدري دخل غير موجودين في مستشفيات اخرى – تيار التبرعات المضمون من نساء هداسا و الخدمة الطبية الخاصة. وبرغم ذلك وقعتم في أكثر الآباء عمقا فما الذي جركم الى أسفل؟

           "الاتفاق الاكاديمي"، قال. "إن هداسا مع الجامعة العبرية يملكان خمسة معاهد – الطب وطب الاسنان والتمريض والعلاج بالتدليك وصحة الجمهور. في مستشفيات مثل بلنسون أو ايخيلوف تدفع الجامعة أجر العطلة وصناديق الاستكمال. أما اتفاق هداسا مع الجامعة فيلقي جميع المدفوعات على هداسا. في فترتي أقنعت الجامعة بأن تبدأ في المشاركة بمبلغ جزئي. وكنا أسخياء جدا ايضا في الانفاق على البحوث".

           قلت: قرأت أنكم ضخمتم هيئة العاملين. لماذا عدد العاملين لكل سرير في هداسا أكبر مما هو في كل مستشفى آخر؟

           قال: "لأننا جعلنا نصيبا للبحث والتدريس".

           قلت: كنتم نحيفين ومقتصدين بحسب وصفك. فقال: "لم نكن نحيفين لكن لم نكن مُسرفين. وقد نبع كل الفرق بيننا وبين الآخرين من الجانب الاكاديمي".