خبر هل يعترف الفلسطينيون بيهودية الدولة؟ ..حلمي موسى

الساعة 11:38 ص|12 فبراير 2014

السفير

تقترب مهلة الأشهر التسعة الممنوحة للمفاوضات التي يديرها الفلسطينيون والإسرائيليون تحت رعاية وزير الخارجية الأميركية جون كيري من نهايتها من دون ظهور ملامح اختراق كبير. ويؤمن كثيرون بأن الأسابيع القليلة المقبلة حتى مطلع شهر آذار يمكن أن تكون حاسمة، خصوصاً أن اجتماع قمة سيعقد خلالها بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وتجزم مصادر مواكبة للمفاوضات بأن شيئاً لم يتحرك تقريباً خلال الشهور السبعة ونيف المنقضية منذ بدء المفاوضات سوى الاستنتاجات لدى فريق المفاوضات الأميركي الفعلي برئاسة المبعوث مارتين إينديك. ولكن ذلك لم يمنع الكثيرين، خصوصاً في إسرائيل من إبداء مخاوف أو إثارة آمال بقرب حدوث اختراق. وكان آخر هؤلاء وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني، التي ترأس طاقم حكومتها إلى المفاوضات المتعسرة مع الفلسطينيين، والتي أوحت تقريباً بأن الفلسطينيين سيوافقون في نهاية المطاف على "يهودية الدولة"، وهو شرط إسرائيلي مسبق للاتفاق.

وقد أشارت صحيفة "معاريف" أمس إلى أنه برغم الهوة الشاسعة، التي لا تزال تفصل بين مواقف الطرفين، إلا أن نتنياهو يعرف الآن "بمستوى يقين عال جداً" جانباً من الاتفاق المنتظر. وأوضحت أن وزير الخارجية الأميركي وافق على أن يدرج في اتفاقية الإطار، التي يعمل على بلورتها، شرط الاعتراف بالدولة اليهودية في الاتفاق النهائي. وبحسب مصدرين، أحدهما أميركي، فإن الصياغة في هذه المسألة ستعبر عن تبادلية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. ووفقاً للصياغة فإن إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي، إلى جانب فلسطين التي ستكون الدولة القومية للشعب الفلسطيني.

أما القضية الثانية موضع الخلاف فهي الحدود، وأشارت "معاريف" إلى أنها شبه منتهية بالصياغة التالية: تدور المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس خطوط العام 67 مع تبادل مناطق، عبر الأخذ بالحسبان التغييرات الديموغرافية التي طرأت على المنطقة في العقود الأخيرة، أي منذ حرب 1967.

واعتبرت "معاريف" أن قبول هذه الصياغة من جانب الأميركيين يمثل انتصاراً إضافياً لإسرائيل. إذ ان الفلسطينيين رفضوا كل صياغة على هذا النحو، لأنها لا ترسم خطاً حدودياً محتملاً. وقد طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن تكون الصياغة "خطوط 67 مع تبادل مناطق والكتل الاستيطانية". فالفلسطينيون يقبلون ضم الكتل الاستيطانية. وهكذا يكون واضحاً أنه بوسع إسرائيل مواصلة البناء داخل الكتل وأنه محظور البناء خارجها. غير أن رئيس الحكومة رفض كل صياغة يمكن أن يفهم منها رسم خريطة وعلى ما يبدو قبل كيري موقفه هذا.

وعلمت "معاريف" أيضاً أنه ليس متوقعاً أن يقدم كيري اتفاقية الإطار لنتنياهو قبيل سفره إلى واشنطن. ومعروف أن نتنياهو سيجتمع مع الرئيس أوباما في الثالث من آذار المقبل في واشنطن قبل يوم من إلقاء خطابه أمام المؤتمر السنوي للوبي الصهيوني "إيباك".

وفي كل حال، استدركت "معاريف"، وكتبت أنه برغم "الاتفاقات" فإن الخلافات لا تزال كبيرة في مسألتي القدس والأمن. فالفلسطينيون يطالبون بالاعتراف بشرقي القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، إلا أن نتنياهو مستعد لقبول اعتراف أميركي بالمطامح الفلسطينية في رؤية القدس الكبرى عاصمة لهم. وفي المسألة الأمنية، وفيما يقبل الفلسطينيون بوجود إسرائيلي حتى خمس سنوات في غور الأردن، تصر إسرائيل على عشر سنوات. وأشارت الصحيفة إلى أن "لا الأردن ولا إسرائيل على استعداد لقبول الاقتراح الفلسطيني بتمركز قوات حلف الأطلسي في المنطقة بعد الانسحاب الإسرائيلي".

ولاحظت "معاريف" أنه من رسائل أوروبية إلى واشنطن لا يبدو أن الاتحاد الأوروبي سيهرع لتبني الورقة الأميركية إذا تبين أنها تنطوي على تراجع عن المواقف التي سبق وأعلنها الاتحاد. والأمر يتعلق أساساً بشرقي القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية. كما أن الرسائل الأوروبية تشدد على أن قضية حق العودة ينبغي أن تحظى بصياغة تسمح بهذا الحق للفلسطينيين، من دون أن تتم العودة فعلاً. فالأوروبيون يريدون أن تعرض الصياغات كمعايير للمفاوضات وللتسوية النهائية، وليس كورقة غامضة غير ملزمة. ويوضح الأوروبيون في أحاديثهم مع الأميركيين أن الفلسطينيين يشعرون بأن الورقة الأميركية منحازة للإسرائيليين، وأنه إذا لم تدخل عليها التعديلات فإن عباس لا يمكنه البتة قبولها.

ويواصل وزير الخارجية الأميركي اتصالاته مع رئيس الحكومة الإسرائيلية فيما المفاوضات تجري على المستوى الأدنى. ويبدو أن تغييراً قد طرأ على موقف الحكومة الإسرائيلية من كيري، حيث إن السفير الإسرائيلي في واشنطن رون دريمر، المقرب جداً من نتنياهو، انبرى مؤخراً للدفاع عن كيري، مؤكداً أنه في كلامه عن المقاطعة "لم يقصد الضغط على إسرائيل". وشدد دريمر على أن كيري معارض قوي لمظاهر فرض المقاطعة على إسرائيل، كما أن الرئيس أوباما واضح تماماً في موقفه. وبديهي أن كلام دريمر يتضمن إشارة ليهود أميركا وأنصار إسرائيل بالكف عن مهاجمة كيري.

ومن جهته، أوضح المراسل السياسي لموقع "والا" الإخباري أن الأميركيين يرصدون الهزات الارتدادية، التي تحدثها المفاوضات داخل الحلبة السياسية الإسرائيلية. وهم يؤمنون بأن كل موافقة مبدئية من جانب نتنياهو للتنازل في القدس ستحدث "هزة أرضية" سياسية لا يمكن لنتنياهو التعامل معها. لذلك، فإنهم لا يهرعون لتبني المطلب الفلسطيني بشأن القدس ويحاولون إيجاد صياغة عمومية. وأضاف أن في الطاقم الأميركي من يرون أن نتنياهو يمكنه التنازل في القدس ولكن ليس في البلدة القديمة، بل في الأحياء العربية البعيدة عن مركز المدينة.